حصر السعرات الحراريّة أفضل من الصوم المتقطّع لخسارة الوزن

02 : 00

يحتاج الناس أحياناً إلى فقدان الكيلوغرامات الزائدة للحفاظ على وزن صحّي، وتتعدّد المقاربات التي يمكن اللجوء إليها لتحقيق هذا الهدف.

يُعتبر الصوم المتقطّع، أي الاكتفاء بالأكل خلال فترات زمنية محدّدة، جزءاً من الخطط الغذائية التي اكتسبت شعبية متزايدة في السنوات الأخيرة. لكن يتابع الباحثون مساعيهم لفهم تأثير وقت الأكل على خسارة الوزن.

تكشف دراسة جديدة نشرتها «مجلة جمعية القلب الأميركية» أن وتيرة الأكل وحجم وجبات الطعام يؤثران في اكتساب الوزن أكثر من توقيت الأكل.

تعني هذه النتائج أن حصر الأكل بأوقات معيّنة من اليوم عن طريق الصوم المتقطّع قد لا يفيد من يريد خسارة الوزن على المدى الطويل.

قد تؤثر الاضطرابات الغذائية بقوة في نوعية حياة الفرد الذي يتعايش مع هذا النوع من المشاكل أو المقرّبين منه. مع ذلك، يبقى التدخّل المبكر والعلاج المناسب من أفضل الحلول لتحسين فرص التعافي.

الصوم المتقطّع:

بين المخاطر والمنافع

يقضي الصوم المتقطّع بالاكتفاء بالأكل في فترات محدّدة من اليوم. تتعدّد طرق تطبيق هذا النظام، فهو يعني أحياناً الامتناع عن الأكل في أيام محدّدة أو يرتكز على تناول الطعام في أوقات معيّنة يومياً. يلجأ البعض إلى هذه الطريقة لخسارة الكيلوغرامات الزائدة أو الحفاظ على وزن صحي.

تكشف الأدلّة أن الصوم المتقطّع قد يساعد الناس على خسارة الدهون، أو حتى تخفيض خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية.

لكن يتابع الباحثون السعي إلى فهم مخاطر الصوم المتقطّع وكيفية تقييمها مقارنةً بالمنافع المحتملة. يحتاج هذا المجال البحثي إلى بيانات إضافية.

كبح السعرات الحراريّة أولاً

شملت الدراسة الجديدة 547 مشاركاً من ثلاثة أنظمة صحّية مختلفة. جمع الباحثون معلومات حول المشاركين عبر سجلّات صحّية إلكترونية واستعملوا التطبيق المتخصّص Daily24. تمكّن الباحثون بهذه الطريقة من تسجيل أوقات الأكل، وحجم وجبات الطعام، وتوقيت النوم والاستيقاظ.

مقابل كل وجبة طعام مسجّلة، ذكر المشاركون أن محتوى الوجبة كان أقل من 500 سعرة حرارية (وجبة صغيرة)، أو يتراوح بين 500 و1000 سعرة (وجبة متوسطة)، أو يفوق الألف سعرة (وجبة كبيرة).

تقول المشرفة الرئيسية على الدراسة، ويندي بينيت: «لقد صمّمنا تطبيقاً لجمع البيانات عن «توقيت الأكل». عندما يذكر المشاركون ذلك التوقيت، نسألهم أيضاً عن حجم الوجبة (صغيرة، أو متوسطة، أو كبيرة). استعمل المتطوّعون المنتمون إلى ثلاثة أنظمة صحّية ذلك التطبيق طوال ستة أشهر. قمنا أيضاً بربط بيانات التطبيق والاستطلاعات بالسجلات الصحية الإلكترونية. ثم حلّلنا الرابط بين الفترات الفاصلة بين وجبات الطعام، بما في ذلك مدة الأكل الإجمالية لدى المشاركين، والوقت الفاصل بين ساعة الاستيقاظ وموعد النوم، والوقت الفاصل بين آخر وجبة مستهلكة وموعد النوم، فضلاً عن التغيّرات المسجّلة في الوزن طوال ست سنوات تقريباً».

اكتشف الباحثون أن الفترة الفاصلة بين أول وآخر وجبة في اليوم لا ترتبط بتغيّر الوزن. لكنّهم استنتجوا أيضاً أن زيادة وتيرة الأكل وتناول وجبات أكبر حجماً يرتبطان باكتساب الوزن.

توضح بينيت: «من الناحية العيادية، تعني هذه الاستنتاجات أن تقليص مدة الأكل الإجمالية (أي الأكل لفترة أقل من المعتاد وإطالة مدة الامتناع عن الأكل) قد لا يكبح اكتساب الوزن مع مرور الوقت. قد ترتبط زيادة استهلاك الوجبات المتوسطة أو الكبيرة باكتساب الوزن. في المقابل، ترتبط زيادة الوجبات الصغيرة بخسارة الوزن مع مرور الوقت».

اكتشف الباحثون في جزء من تحليلاتهم أيضاً أن الأكل في ساعة أبكر من العادة بعد الاستيقاظ من النوم وإطالة المدة الفاصلة بين آخر وجبة طعام وموعد النوم قد يرتبطان بتراجع اكتساب الوزن.

برأي الدكتورة كاثرين ساندرز من منظمة Flyte Medical (لم تشارك في الدراسة الجديدة)، لا يُعتبر هذا الاستنتاج مفاجئاً: «رصد الباحثون رابطاً بين زيادة وتيرة الأكل والوجبات الأكبر حجماً واكتساب الوزن، ما يعني أن مجموع السعرات المستهلكة هو المحرّك الأساسي وراء اكتساب الوزن. هذا الأمر ليس مفاجئاً. أكثر ما يثير الاهتمام هو انحسار النزعة إلى اكتساب الوزن حين تراجعت المدّة الفاصلة بين الاستيقاظ وأول وجبة طعام في اليوم وطالت المدة الفاصلة بين آخر وجبة في اليوم وموعد النوم، ما يعني أن الأكل في وقت أبكر من العادة قد يُسهّل السيطرة على الوزن».

دراسة محدودة

لا يزال جمع البيانات حول الصوم المتقطّع مستمرّاً، ما يعني أن دراسة واحدة لا تستطيع طرح جميع الأدلة المطلوبة حول فاعلية هذه المقاربة. تبقى الدراسة الجديدة محدودة على بعض المستويات إذاً.

في المقام الأول، اكتفى الباحثون بتحليل بيانات المشاركين الذين نزّلوا تطبيق Daily24 واستعملوه. ربما أثّر هذا العامل في المتطوعين ونتائجهم. كذلك، استعان العلماء بمشاركين من ثلاثة أنظمة صحّية فقط، ما يعني استحالة تعميم النتائج على جميع الناس. وكان 78% من المشاركين نساءً ومن أصحاب البشرة البيضاء، ما يعني ضرورة إجراء دراسات أكثر تنوّعاً في المستقبل.

على صعيد آخر، كانت فترة متابعة المشاركين قصيرة نسبياً، ما يعني تراجع قياسات الوزن وانخفاض مستوى الدقّة في قياس المعايير. كذلك، عجز الباحثون عن تقييم رغبة المشاركين في فقدان الوزن قبل تسجيلهم في الدراسة.

في الوقت نفسه، لم تسمح طريقة قياس فترات الأكل بتقييم أساليب الصوم الأكثر تعقيداً. ارتكزت البيانات أيضاً على معلومات المشاركين الذاتية، ولم تخضع نوعية المأكولات المستهلكة للتقييم.

تضيف بينيت: «هذه الدراسة لم تُقيّم أنماطاً مثل الصوم المتقطّع بالدقّة المطلوبة. كما أننا لم نُقيّم نوعية الحمية الغذائية في الوجبات الواردة في التطبيق. تبرز الحاجة إلى إجراء تجارب عشوائية تراعي حجم السعرات الحراريّة لاختبار تأثير وقت الأكل على الوقاية من اكتساب الوزن أو تسهيل خسارة الوزن».

مقاربات صحّية لخسارة الوزن

تشير هذه الدراسة إلى وجود وسائل أكثر فاعلية من الصوم المتقطّع لخسارة الوزن. بغضّ النظر عن الوزن المستهدف، يستطيع الناس اللجوء إلى مقاربات متنوعة للحفاظ على صحّتهم والتحكّم بوزنهم. قد يعني ذلك في بعض الحالات تطبيق الصوم المتقطّع أو اختيار مقاربات مختلفة في حالات أخرى.

توضح بينيت: «تبقى المراقبة الذاتية أساسية لفقدان الوزن. تكشف دراسات أخرى أن الناس قد يتمكّنون من استعمال الأكل المحصور بأوقات زمنية محددة أو الصوم المتقطّع لتخفيض السعرات الحرارية وتسهيل فقدان الوزن، ما يعني أن هذه المقاربة تبقى أداة مفيدة لبعض الناس ويمكن اللجوء إليها إذا أثبتت فاعليتها. لا تزال المراقبة الذاتية إذاً أساس أي خطة لفقدان الوزن».

في النهاية، تستنتج ساندرز: «يتجاوب الناس بطرق مختلفة مع مقاربات فقدان الوزن ولا يمكن اعتبار أي نظام مناسباً للجميع. تتعدّد العوامل التي تؤثر في تنظيم الوزن، ما يعني ضرورة أن تعالج المقاربة المنتقاة هذه العوامل كلّها بطريقة شخصية. ما من حمية أفضل من غيرها، بل يتفاعل كل شخص مع النظام الذي يطبّقه بطرق مختلفة، سواء اختار الحمية الغذائية، أم البرامج الرياضية، أم الأدوية المضادة للبدانة، أو حتى جراحة علاج السمنة».


MISS 3