التحفيز العميق للدماغ للتعافي من الإصابات الرضّية

02 : 00

تشير التقديرات إلى تعرّض 69 مليون شخص لإصابات الدماغ الرضّية حول العالم.



عند التعرّض لحالات معتدلة أو حادة من هذه الإصابات، قد يتعامل الناس مع مشاكل ترافقهم طوال الوقت وتؤثر بشدة في حياتهم اليومية، أبرزها المصاعب المعرفية، والتغيّرات السلوكية، والحساسية الحسية، والإعاقات الجسدية.

خلال السنوات القليلة الماضية، حلّل الباحثون التحفيز العميق للدماغ كعلاج محتمل لهذه الإصابات. نشر علماء من جامعة «ستانفورد» للتو دراسة في مجلة «ناتشر ميدسين» مفادها أن هذه التقنية قد تسهم في تحسين القدرات المعرفية لدى المصابين بحالات معتدلة أو حادة من إصابات الدماغ الرضّية. يدعو المشرف الرئيسي على الدراسة جايمي هندرسون، جرّاح أعصاب في جامعة «ستانفورد»، إلى تطوير طرق جديدة لتحسين الوظيفة المعرفية لدى المصابين بدرجات معتدلة أو حادة من إصابات الدماغ الرضّية نظراً إلى غياب أي علاجات فاعلة في الوقت الراهن.

يقول هندرسون: «يتعايش ملايين الناس مع عواقب الإصابات الدماغية. لذا سيكون أي علاج قادر على تحسين وضعهم، ولو بدرجة بسيطة، إنجازاً حقيقياً. حللت أبحاث سابقة نتائج استعمال التحفيز العصبي، بما في ذلك التحفيز العميق للدماغ، لاستهداف هذا النوع من الإصابات».

تكشف دراسة من تموز 2022 مثلاً أن استعمال التحفيز العميق للدماغ بتردّد منخفض يرتبط بتقوية الروابط الوظيفية والتقلبات العصبية في أنحاء الدماغ لدى المصابين بخلل دماغي حاد. ووفق بحث آخر من أيلول 2022، فقد يسهم التحفيز العميق للدماغ في تجديد القدرات المعرفية لدى الجرذان المصابة باختلالات معرفية بعد تعرّضها لإصابات دماغية رضّية.

في الدراسة الجديدة، استعان هندرسون وفريقه بخمسة مشاركين كانوا يختبرون أعراض تلك الإصابات الدماغية منذ سنتين على الأقل. استعمل العلماء التحفيز العميق للدماغ لاستهداف منطقة المهاد التي تُعتبر صلة وصل ضرورية في الدماغ وترتبط بالحفاظ على قدرات الانتباه.

يوضح هندرسون: «عند استعمال التحفيز العميق للدماغ، توضع أسلاك رفيعة في الدماغ عبر استخدام تقنيات دقيقة لاستهداف مواقع عميقة تحت سطح الدماغ. ثم تتّصل تلك الأسلاك بجهاز يشبه معدّات تنظيم ضربات القلب على جدار الصدر. يبثّ ذلك الجهاز نبضات كهربائية قد تعكس جزءاً من أعراض الاضطرابات العصبية مثل مرض الباركنسون، والرجفة، والاكتئاب، وحتى الإصابات الدماغية الرضّية».

خلال الدراسة، تلقّى كل مشارك مقاربات علاجية شخصية من التحفيز العميق للدماغ. خضع المشاركون في الجراحة لزرع أقطاب كهربائية بالقرب من منطقة المهاد في الدماغ. استعمل العلماء تلك الأقطاب المزروعة لبث تيار كهربائي بتردد يتراوح بين 150 و185 هيرتز طوال 12 ساعة يومياً، على مر ثلاثة أشهر. كذلك، خضع كل مشارك لاختبار الوظيفة المعرفية في بداية الدراسة ونهايتها.

بعد انتهاء الأشهر الثلاثة، لاحظ الباحثون أن المشاركين سجّلوا تحسّناً في أدائهم خلال الاختبار المعرفي بنسبة 30.7%، حتى أن سرعتهم في إتمام الاختبار تحسّنت بنسبة 32%.

يضيف هندرسون: «استناداً إلى بعض الدراسات السابقة، كنا نثق بأننا سنرصد تجاوباً معيّناً على الأقل لدى بعض المرضى. لكننا تفاجأنا بتحسّن وضع جميع المرضى، حتى أن البعض تحسّن بدرجة تجاوزت توقّعاتنا. كانت الدراسة مُصمّمة بطريقة تعتبر التحسّن الذي يقتصر على 10% نجاحاً بحد ذاته، ما يعني أن التحسّن بنسبة 30% هو مؤشر واضح على نجاح تقنية التحفيز والدراسة ككل. نريد الآن أن نطلق بحثاً أكبر حجماً ونستعمل جميع المعلومات التي جمعناها من هذه الدراسة الصغيرة لاختيار المرضى والقياسات التي تزيد اقتناعنا باحتمال تحويل هذه التقنية إلى علاج فاعل لملايين الناس ممن يتعايشون مع تداعيات إصابات الدماغ الرضّية».


MISS 3