حسّن أداء دماغك في لحظات الملل

02 : 00

تلقى أولادي هدايا كثيرة خلال الأعياد، لكنهم يشعرون بملل دائم أثناء وجودهم في المنزل. لا أستطيع أن أرفّه عنهم طوال الوقت ولا أريد فعل ذلك. أتذكّر أنني كنت أشعر الملل في طفولتي أيضاً وأضطر لابتكار الطرق لتمرير الوقت. هل من نصائح فاعلة للسيطرة على ملل الأولاد؟



الملل وسط الأولاد حالة شائعة خلال عطلة الأعياد، لكن لا يتحمّل الأهل مسؤولية الترفيه عنهم في كل لحظة. يكون الأولاد بطبيعتهم فضوليين وخلّاقين، ويساعدهم الملل من وقتٍ لآخر على تعزيز قدراتهم الإبداعية والتكيّف مع مشاعر الملل أثناء نموهم.

حين يشتكي الطفل من الملل، تقبّل مشاعره واطلب منه أن يجد الحل بنفسه. وإذا تعثّر، اقترح عليه أفكاراً لا تشمل استعمال أي جهاز إلكتروني.

قد يكون بعض الملل في حياة الأولاد والراشدين إيجابياً، فهو يقوي حس الإبداع ويزيد القدرة على حل المشاكل، تزامناً مع منح الدماغ الوقت الكافي لإعادة شحن نفسه.

لكن ما سبب الملل الذي يصيب الأولاد والراشدين؟ ينشأ هذا الشعور حين يجد الدماغ صعوبة في ملء الوقت. قد يشعر الناس بالاضطراب أو لا يهتمون بما يحصل في محيطهم. الملل حالة شائعة، إذ يُعبّر 60% من الراشدين عن هذا الشعور مرة في الأسبوع على الأقل.

نادراً ما تضجر أدمغة الناس أثناء التركيز على إتمام مهام شاقة مثل العمل والدراسة، أو أثناء المشاركة في حديث مثير للاهتمام. يصرف الدماغ نسبة كبيرة من الطاقة حين يُركّز على نشاط مكثّف.

عند إنهاء ذلك النشاط، يعود الدماغ إلى حالته الاعتيادية أو يدخل في مرحلة الراحة. إنه وضع طبيعي، ويستعمل الدماغ هذه الحالة لتجديد طاقته. تنشط مناطق دماغية متداخلة في هذه الفترة.

في أوقات الراحة، تحصل عمليات مهمة داخل الدماغ الذي ينشغل بترسيخ الذكريات والتفكير بالدروس المستخلصة من التجارب اليومية. كذلك، يغربل الدماغ مختلف السيناريوات، ويطبّق ما تعلّمه، ويحلل كيفية استعمال تلك الدروس مستقبلاً. يمضي الناس الوقت وهم يفكرون بأنفسهم وبالآخرين، فيَحِنّون إلى الماضي ويحلمون بالمستقبل.

قد تكون فترة الراحة مناسبة للإبداع أيضاً أو تسمح بإيجاد حلول مبتكرة للمشاكل التي تزعج الناس. يزعم الكثيرون مثلاً أنهم ينجحون في إيجاد حلول ممتازة للمشاكل التي يتعاملون معها أثناء الاستحمام. يتعلق السبب بالقدرة على إطلاق العنان للعقل حين ينشغل الجسم بمهام رتيبة.

في أوقات الراحة أيضاً، يسعى الفرد إلى الترفيه عن نفسه وعن دماغه. اكتشف الناس أن الألعاب والنشاطات الترفيهية تسمح لهم بتجاوز شعور الملل. يلجأ الراشدون إلى القراءة، ويخصصون الوقت لممارسة هواياتهم أو سرد القصص لتجنب الملل. قبل ظهور التلفزيون والأجهزة الخلوية، كان الأولاد يحاربون الملل عبر الخروج من المنزل أو اللعب مع الأشقاء أو الأصدقاء.

اليوم، تجذب الأجهزة الإلكترونية اهتمام الراشدين والأولاد في معظم الأوقات. لكن بدأ استخدام هذه الوسيلة البسيطة يخرج عن السيطرة. بدل تخفيف الملل بفضلها لفترة قصيرة، يمضي الكثيرون ساعات طويلة وهم يستعملون الأجهزة الإلكترونية، ما يؤدي إلى تراجع فترة الملل. لكن تُسبب هذه العادة مشكلة مختلفة. كلما تراجع الملل الذي يصيب الناس، تصبح أدمغتهم أقل جهوزية للتعامل مع هذا الشعور. ابتعد عن الأجهزة الإلكترونية إذاً لمنح دماغك الوقت الكافي كي يرتاح ويتقبل شعور الملل.

في ما يلي بعض النصائح لتجاوز أي شعور مزعج بالملل وتقوية دماغك:

احرص على إقامة توازن بين فترة النشاطات وأوقات الراحة: قم بنشاطات متنوعة وممتعة وقادرة على تحفيز دماغك، بما في ذلك التواصل مع الآخرين. لكن ابتعد عن الوسائل الترفيهية الجامدة مثل الأجهزة الإلكترونية. ثم خصّص وقتاً طويلاً للراحة لإعادة شحن دماغك.

جرّب نشاطاً جديداً: شجّع أولادك على الانضمام إلى ناد ما، أو تجربة هواية جديدة، أو المشاركة في لعبة، أو قراءة كتاب، أو طبخ وصفة مختلفة، لتطوير حسّهم الإبداعي وتبديد شعور الملل.

اخرج من المنزل: تُعتبر تمضية الوقت في الطبيعة من أفضل الطرق العلاجية لدرء الملل، حتى أنها تسهم في تطوير التفكير الإبداعي لدى الأولاد والراشدين في آن.

استمتع باسترجاع الذكريات: يُعتبر التذكّر جزءاً أساسياً من حياة الراشدين مع التقدم في السن. إنه وضع طبيعي ومتوقع. لكن إذا بدأت الذكريات المفرطة تطرح مشكلة، حاول أن تُركّز على أهدافك وأمنياتك الراهنة والمستقبلية لبضع دقائق.

بشكل عام، يجب ألا يخاف الأولاد أو الراشدون من الملل، فهو جزء طبيعي من الحياة. حتى أن الملل المتقطع قد يصبح فرصة ممتازة لتقوية الدماغ وتحسين القدرة على حل المشاكل.

MISS 3