6 تعديلات بسيطة ومثبتة علمياً لتحسين صحتك

02 : 00

يقال إن الصحة تتدهور سريعاً بعد عمر الثلاثين، لكن تكشف المعطيات العلمية حقيقة معاكسة! بفضل بعض التعديلات البسيطة، يمكنك أن تُحدِث فرقاً كبيراً وتحافظ على صحتك.



في هذه المرحلة العمرية، تبدأ الدهون بالتراكم لأنك تستهلك سعرات حرارية تفوق ما تحرقه، وتبدأ كثافة العظام بالتراجع بوتيرة تفوق قدرة الجسم على إعادة بنائها. يذكر تقرير نشرته مجلة «الرأي الحالي بالتغذية العيادية والرعاية الأيضية»، في العام 2004، بعنوان «النسيج العضلي يتغير مع التقدم في السن»: «تترك الشيخوخة آثاراً واضحة، أبرزها الفقدان اللاإرادي للكتلة العضلية وخسارة القوة ووظائف الأعضاء. تُسمى هذه الحالة ساركوبينيا. تتراجع الكتلة العضلية بنسبة تتراوح بين 3 و8% كل عشر سنوات بعد عمر الثلاثين، ويستمر هذا التراجع بوتيرة أسرع بعد عمر الستين». ما العمل في هذه الحالة؟ لا يمكن أن نستسلم بكل بساطة ونتقبّل هذا التدهور الحتمي. في ما يلي مجموعة من الاقتراحات الغذائية، والجسدية، والنفسية، والاجتماعية البسيطة للحفاظ على أفضل وضع صحي لأطول فترة ممكنة...

 


1- زد استهلاك الألياف


الألياف نوع من الكربوهيدرات المركّبة التي يعجز الجسم عن تفكيكها. اعتُبِرت الألياف سابقاً أداة أساسية للحفاظ على انتظام حركة الأمعاء، لكن اكتشف العلماء حديثاً أنها تعطي منافع كثيرة. على غرار أي كائنات حية أخرى، تحتاج البيئة الميكروبية في الأمعاء إلى المغذيات للبقاء على قيد الحياة. تقتات جراثيم معيّنة من الألياف، فهي تتطور لتفكيكها واستعمالها كمصدر غذائي في آن. يؤدي استهلاك الألياف إلى زيادة هذه الجراثيم وانحسار أنواع أخرى تعجز عن استعمال الألياف كمصدر غذائي.



تتعدد المنافع التي يحصدها الجسم من الألياف، فهي تنتج أحماضاً دهنية قصيرة السلسلة عندما تفككها الجراثيم في الأمعاء. هذه الفئة من الجزيئات تنعكس إيجاباً على الأيض عبر تخفيض مستوى الدهون والغلوكوز في الدم (ترتبط هذه العوامل بأمراض عدة مثل البدانة). من خلال تخفيض معدل الكولسترول السيئ في الدم، تتحسن صحة قلبك ويتراجع احتمال إصابتك بجلطة دماغية.



حاول أن تستهلك حوالى 30 غراماً من الألياف يومياً. تزداد أهمية هذه الخطوة مع التقدم في السن نظراً إلى زيادة مخاطر الإصابة بالأمراض. في المقابل، تجنّب المنتجات المُصنّعة لأن عملية تكرير الحبوب تُجرّدها من طبقتها الخارجية (النخالة)، ما يؤدي إلى تراجع كمية الألياف في المنتج.



من الأفضل أن تتناول عصيدة الشوفان، والمكسرات، والبذور، والفاكهة والخضار. تتعدد أشكال الألياف، لذا سيكون خلط مصادر مختلفة منها مفيداً لصحة الجراثيم المعوية. يمكنك أن تستهلك 30 غراماً من الألياف عبر تناول حبة أفوكادو (6.7 غرامات)، وكوب عدس (13.1)، و100 غرام فشار (14.4). ستحصل بهذه الطريقة على كمية تفوق حاجتك اليومية.


2- مارس الرياضة لزيادة قوتك وتمطيط جسمك


مع التقدم في السن، يخسر الجسم كتلته العضلية، ما يمهّد لزوال الألياف العضلية أيضاً. تلعب الهرمونات دوراً مؤثراً في هذا المجال، لا سيما التستوستيرون الذي يحافظ على كتلة عضلية هزيلة. كذلك، يُحسّن التستوستيرون الوظيفة المعرفية ويزيد كثافة العظام. لكن تبدأ مستوياته بالتراجع بدءاً من عمر الثلاثين. تكمن أهمية تمارين رفع الأثقال في هذا المجال بالذات. إنها نشاطات ابتنائية، ما يعني أنها تنتج مستويات إضافية من التستوستيرون وتتصدى بذلك لتراجع الهرمون الطبيعي مع التقدم في السن.

لا داعي لبلوغ أعلى مستويات الرشاقة لحصد المنافع الصحية. ستكون ممارسة تمارين القوة والتمطط أسبوعياً بداية إيجابية. لكن تُعتبر حركات القرفصاء من أفضل تمارين القوة، فهي تُشغّل مجموعة كبيرة من العضلات، بما في ذلك العضلة الألوية الكبرى في المؤخرة، وهي من أكبر عضلات الجسم. كلما واظبتَ على تقوية العضلات، يرتفع مستوى التستوستيرون.

في ما يخص التمطط، تبقى الحركات الحيوية أفضل من التمارين الثابتة لتقوية الجسم وتحسين مرونته تزامناً مع زيادة حرارة الدم. تكون تمارين التمطط الحيوية عبارة عن حركات ناشطة حيث تختبر المفاصل والعضلات مجموعة كاملة من الحركات. أما التمارين الثابتة، فهي تقضي بالحفاظ على وضعيات التمطط الجامدة. يمكنك أن تمارس النوعَين بسهولة في المنزل.

3- تحكّم بنومك بخطوات بسيطة


يتعلق جزء كبير من المشاكل الفيزيولوجية التي تعيق النوم بالهرمونات. في هذه الحالة، يمكنك أخذ هرمون النمو البشري لإصلاح العضلات عبر تحفيز الكبد وأنسجة أخرى على تصنيع بروتين «عامل النمو المشابه للأنسولين 1».

قد تشير قلة النوم إلى نقص في إنتاج هرمون النمو البشري، ما يؤدي إلى توقف نمو العضلات. ينعكس النوم أيضاً على عادات الأكل نظراً إلى تأثيره على الهرمونات التي تتحكم بالسلوكيات الغذائية. يشير ارتفاع مستويات هرمون الغريلين مثلاً إلى ضرورة البدء بالأكل. أما ارتفاع مستويات هرمون اللبتين، فهو مؤشر على الشعور بالشبع.

قد تعطي القيلولة أثراً بارزاً إذا كنت محروماً من النوم. تكشف مراجعة جديدة لمختلف الدراسات التي تتطرق إلى هذا الموضوع أن مدة القيلولة المثالية تتراوح بين 20 و90 دقيقة، بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة بعد الظهر. على صعيد آخر، حاول أن تخلد إلى النوم في الوقت نفسه دوماً، وتجنب مادة الكافيين في فترة بعد الظهر، وأخرج هاتفك الذكي من غرفة النوم. إذا كنت مصاباً بالقلق أو الضغط النفسي، قد تستفيد من التطبيقات التي تركّز على الاسترخاء أو تمارين التنفس. يمكنك أن تجرّب أيضاً أغذية غنية بالتربتوفان مثل الحليب. تكشف الأدلة (ولو أنها متضاربة) أن هذا الحمض الأميني قد يساعدك على النوم. أخيراً، حاول ألا تأوي إلى الفراش من دون التبول أو بعد شرب كمية كبيرة من الماء لأنك ستضطر للنهوض لاحقاً لدخول الحمّام.



4- تابع التحرك



ابدأ بالتحرك لإطالة عمرك! إنه الاستنتاج الذي توصلت إليه دراسة نشرتها «المجلة الطبية البريطانية» في العام 2019. تبيّن أن تخصيص 25 دقيقة يومياً للتمارين المعتدلة، مثل المشي السريع، يزيد فرص الحياة. في المقابل، لوحظ أن أقل الناس حركة كانوا أكثر عرضة للوفاة المبكرة بنسبة 60%.

تكشف الأدلة أن صحة الأيض قد تستفيد من الوقوف أكثر من الجلوس للعمل، لا سيما على مستوى تعامل الجسم مع السكر في الدم، إذ يؤثر هذا العنصر على خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب. لكن تتضح هذه المنافع بشكلٍ أساسي لدى قليلي الحركة عموماً أو المصابين بمشاكل صحية. قد تُخفف مكاتب الوقوف ألم الظهر، لكنّ الوقوف لفترة طويلة وإحناء الظهر إلى الأمام قد يزيدان الأعراض سوءاً. بعبارة أخرى، يجب أن تكثّف حركتك في مطلق الأحوال. يمكنك أن تتصدى لآثار الجلوس المطوّل عبر أي نوع من النشاطات، مهما كانت بسيطة (رقص، سباحة، الاعتناء بالحديقة...). تبقى منافع تقسيم يومك عبر تخصيص فترات للمشي أهم من الاكتفاء بالوقوف. تكشف دراسة جديدة أن المشي البطيء والمتقطع، بمعدل دقيقتين كل 20 دقيقة، يُخفّض الطلب على الأنسولين ويحسّن امتصاص الغلوكوز: يسمح هذان التعديلان الأيضيان بتحسين الصحة. وفي الدراسة نفسها، تبيّن أن الوقوف المتقطع لا يُحدِث فرقاً حقيقياً.

أخيراً، تسمح التمارين الجسدية بنقل الغلوكوز من الدم (حيث يستطيع التسبب بالأضرار إذا ارتفع مستواه بدرجة مفرطة) إلى العضلات وأنسجة أخرى (حيث يتم تخزينه لاستعماله لاحقاً). باختصار، تتحسن صحة عضلاتك إذا واظبتَ على التحرك.


5- أخرج من المنزل إلى الطبيعة


يبدو أن أكثر الأشخاص تفاؤلاً يعيشون حياة أطول من غيرهم، حتى أنهم قد يتجاوزون عمر الخامسة والثمانين وينعمون بحياة صحية وسعيدة. لكن تبيّن أيضاً أن الناس بين عمر الخامسة والثلاثين والرابعة والأربعين يصابون بالاكتئاب أكثر من أي فئة عمرية أخرى. لمعالجة هذه المشكلة، قد يسمح التواجد في الطبيعة لأكثر من ساعتين أسبوعياً بتحسين الصحة بدرجة ملحوظة.

تتعدد منافع هذا النشاط وتشتق من ست آليات أساسية: تخفيض التعرّض لتلوث البيئة عبر تنشق هواء نظيف في أماكن مليئة بالأشجار، والتعرّض لبيئة ميكروبية مفيدة لصحة المناعة ووظيفة الأمعاء، والتشجيع على تصرفات تسمح ببناء القدرات مثل تكثيف النشاطات الجسدية المفيدة للصحة، وتعزيز التماسك الاجتماعي والعلاقات المثمرة لأن الطبيعة تجمع الناس بطرقٍ إيجابية، وتسهيل السيطرة على الضغوط اليومية عبر تحسين الظروف التي تسمح باستجماع الأفكار وتجديد القدرات المعرفية والعاطفية، والتعلّق بأماكن محددة لتوجيه الذات وإيجاد المكانة المناسبة في العالم.

لا داعي للتخييم في مكان بعيد أو الذهاب إلى جزيرة مهجورة للاستمتاع بمنافع الطبيعة، بل يكفي أن تتواجد إلى جانب مجرى مائي (بحر، نهر، بحيرة) لحصد منافع المساحات الخضراء والزرقاء. لكن تكشف الدراسات أيضاً منافع النباتات المنزلية أو حتى التجارب البصرية عبر التلفزيون. كذلك، تشير أبحاث أخرى إلى استفادة أكثر الأشخاص حرماناً من الحدائق في المدن، بما أنهم يعجزون عن الذهاب إلى أماكن بعيدة بسبب ضيق الوقت أو ارتفاع كلفة النقل.

6- لا توقف التواصل مع الآخرين


تربط الأبحاث بين الوحدة وعدد من الأمراض الجسدية والنفسية مثل ارتفاع ضغط الدم، والبدانة، وأمراض القلب، والاكتئاب، والزهايمر، وحتى الوفاة.

تتنوع الآليات الفيزيولوجية والنفسية والبيولوجية التي تؤثر على الوضع الصحي، لكنها ترتبط بالفكرة القائلة إن الوحدة تُغيّر نزعة الخلايا في جهاز المناعة إلى تطوير الالتهابات. من المعروف أن الالتهاب الذي يدوم لفترة طويلة يزيد خطر الإصابة بأمراض مزمنة.

إنها فكرة منطقية لأن البشر كائنات اجتماعية بطبيعتها. تذكر دراسة نشرتها «المجلة الأميركية لطب نمط الحياة»، في العام 2017: «التواصل الاجتماعي ركيزة أساسية للطب المرتبط بأسلوب الحياة. بدءاً من النظريات النفسية وصولاً إلى أحدث الأبحاث، تكثر الأدلة التي تثبت أن الدعم الاجتماعي والشعور بوجود رابط مع الآخرين يساعدان الناس في الحفاظ على مستوى صحي من مؤشر كتلة الجسم، والسيطرة على سكر الدم، وتحسين فرص النجاة من أمراض السرطان، وتخفيض حالات الوفاة المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتخفيف أعراض الاكتئاب وإجهاد ما بعد الصدمة، وتحسين الصحة النفسية».



تتعدد الخطوات التي تسمح بتعزيز التواصل مع الآخرين، لكن يقترح الباحثون ما يلي: «يجب أن يكون التواصل مع الأصدقاء وأفراد العائلة، لا سيما أقرب الناس إلينا، نشاطاً يومياً أو أسبوعياً على الأقل. قد يحصل هذا التواصل عبر مكالمة هاتفية، أو اتصال من خلال تطبيق «سكايب»، أو لقاء مباشر».

أخيراً، يبقى الشعور بالانتماء إلى جماعة معيّنة مفيداً، وتقضي خطوة ممتازة أولى بالمشاركة في نشاطات جماعية بمعدل مرة في الأسبوع، أو مرة في الشهر على الأقل.


MISS 3