محمد علي مقلد

الياس عطالله: نقد التجربة

3 شباط 2024

02 : 00

قرأت حلقات المقابلة التي أجراها الزميل نجم الهاشم مع الياس عطالله القيادي في الحزب الشيوعي اللبناني. فيها كثير من المعلومات الأمنية وقليل من التحليل السياسي. مع أنّ شخصاً بحجم مسؤولياته الكبرى في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وبمستوى دوره الرائد في تنظيم انتفاضة 14 آذار كان عليه أن يقدّم للأجيال التي ولدت خلال الحرب الأهلية أو خلال مرحلة الطائف ما يحصّنهم ضد الانقسامات الأهلية، وما يفتح الباب واسعاً أمام البحث عن صيغة جديدة لليسار.

كان يمكن أن يقدّم لنا في مقابلاته عرضاً سياسياً مشوقاً عن الحركة الطلابية في لبنان التي شكّلت فترة تحضيرية لدخوله مع آخرين من مثل أنور الفطايري وعصام خليفة إلى العمل السياسي من الباب العريض، في مرحلة غنية من الغليان الشعبي، هيّأت لانفجار الحرب الأهلية.

وكان يمكن أن يفصّل نقاط الاختلاف السياسي مع قيادة «الحزب» ويستخلص العبر على طريقة فواز طرابلسي حين يكتب عن جديد اليسار وقديمه، ليشارك في ورشة النقاش الدائر بين المتحدرين من أحزاب شيوعية أو ماركسية، لعل ذلك يشكل قوارب نجاة من الغرق في لجّة العلاقات التنظيمية.

وكان يمكن أن يقدّم صورة حقيقية عن دور جورج حاوي. فهو لم يعطه حقه في بعض الإشارات إلا ليسلبه منه في أخرى. قال لي الرفيق الياس من موقع الإعجاب، إن المكتب السياسي سيستمع من جورج حاوي إلى تقرير سياسي عن الوضع الداخلي مع أنه عائد من جولة خارجية.

قد يقول قائل، إنه جسّد تصوّره لإنهاء الانقسامات في تجمع 14 آذار التاريخي الذي أشرف على تنظيمه في ساحة الشهداء. الكل يذكر كيف خاطب اللبنانيين بصوت مبحوح حين ظلّ يدعوهم حتى الفجر إلى المشاركة الكثيفة في انتفاضة الاستقلال مع رفيق دربه لأشهر معدودة، الشهيد سمير قصير. وقد يقول قائل إنّ التجديد الذي اقترحه تمثل في تأسيسه حزباً حمل اسم حركة اليسار الديمقراطي.

حكاية المنفى إلى موسكو صحيحة. أحد أركانه رواها لي في سياق الصراع على السلطة في الحزب لا في سياق طلب سوري، وانتهت بإقامة جبرية في أحد مراكز الحزب في لبنان. لن أتناول أياً من الأسرار الأمنية لأنني لست مطلعاً عليها وسأكتفي بنقاش بعض الأفكار السياسية.

ربما يكون لقاء غدراس مع سمير جعجع حصل لحاجة جورج حاوي إلى رفع الفيتو المسيحي عن نيابة مأمولة، لكنه جاء في سياق برنامج كامل أقرّه الحزب في مؤتمره السادس، وكانت المصالحة الوطنية أحد أهم بنوده، وفي سياق الموافقة على اتفاق ينهي الحرب الأهلية، وفي سياق إعادة الحزب إلى لبنانيته بعد رحلة قومية طويلة دامت عقوداً، في حين أنّ اتفاق الياس مع جعجع اقتصر، بحسب قول الياس، على العمل معاً ضد السوريين.

في كراس نشرته وحمل عنوان «اليسار بين الأنقاض والإنقاذ» دافعت عن وحدة الحزب وعن حق الرفاق في حركة اليسار بتأسيس إطار يجمعهم، بعد أن ضاقت أطر الحزب التنظيمية عليهم، وبينت فيه التطابق السياسي بين خطابيهما السياسيين، ما يعني أنّ الانشقاق حصل لأسباب تنظيمية، حين لم تعط القيادة لرفاق «الحركة» الحق بمنبر لهم داخل الهيئات، وأشهد أنها منعت بالتزوير حصول ذلك.

رفض الياس، بحسب المقابلة، موقع نائب الأمين العام، وطالب بتغيير البرنامج السياسي لا بتغيير القيادة. نظريته صحيحة. لو طبّقها على حركة اليسار أو على حركة 14 آذار لأطال عمر كل منهما لأكثر من عامين. ومن موقعه ودوره فيهما كان عليه أن يقرأ التجربتين بعين نقدية.

MISS 3