أوائل البشر دخلوا أوروبا قبل آلاف السنين مما كنّا نظن

02 : 00

يتجادل علماء الآثار حول ثقافة قديمة اسمها طويل وغريب: «لينكومبيان-رانيسيان-جيرزمانوفيسي». يتمحور ذلك الجدل حول هوية من صنعوا الحِرَف اليدوية وسط ذلك الشعب، وقد يسمح الجواب للعلماء بجمع أدلة حول ما حصل منذ 45 ألف سنة، حين انقرض إنسان النياندرتال، الذي يُعتبر الأقرب إلى البشر، بطريقة غامضة من أنحاء أوروبا مقابل ازدهار الإنسان العاقل.

أراد العلماء أن يجدوا جواباً قاطعاً، وقد أوصلهم بحثهم إلى كهف «إلسنهولي» في موقع «رانيس» الألماني، وهو واحد من مواقع عدة عثر فيها الباحثون على آثار من صنع شعب «لينكومبيان-رانيسيان-جيرزمانوفيسي» في شمال غرب أوروبا. لكن بالإضافة إلى اكتشاف ما كانوا يبحثون عنه، توصلوا في النهاية إلى معلومات أهم بكثير.

عند استكشاف الكهف، عثر العلماء على أجزاء صغيرة من العظام. وبفضل تحليل جديد اسمه «علم آثار الحيوان» المبني على قياس الطيف الكتلي، تبيّن أن 13 قطعة من ألفَي جزء عظمي تعود إلى البشر القدامى.

لمعرفة الفصيلة التي ينتمي إليها هؤلاء البشر، استخرجوا حمضهم النووي ونسبوا العظام إلى الإنسان العاقل، ما يطرح أدلة قوية حول ارتباط هذا الجنس البشري بآثار شعب «لينكومبيان-رانيسيان-جيرزمانوفيسي».

تكشف بيانات أخرى أيضاً أن الإنسان العاقل كان موجوداً في «رانيس» منذ 47500 سنة، أي قبل آلاف السنين مما كنا نظن. يعني ذلك أن جماعات «رائدة» وصغيرة من فصيلة الإنسان العاقل كانت تعيش في أوروبا مع إنسان النياندرتال طوال آلاف السنين قبل انقراض هذه الفئة لاحقاً.

يكشف تحليل آخر لبقايا الحيوانات أن الثدييات تكيفت مع البرد الشديد في «رانيس». لكن كيف صمد الإنسان العاقل الذي كان معتاداً على الطقس الدافئ رغم هذه التحولات الكبرى في المناخ؟ ربما استعملوا ملابس سميكة مصنوعة من فرو تلك الحيوانات.

قد ترسم هذه النتائج الجديدة صورة مختلفة عن البشر في حقبة ما قبل التاريخ. لكن تتعدد المسائل التي لا تزال عالقة حتى الآن.

لا يُخطط الباحثون لمتابعة استكشاف منطقة «رانيس» في المراحل المقبلة، وقد أصبح الكهف مغلقاً أصلاً لأسباب على صلة بالسلامة العامة. لكنهم سيتابعون تحليل العينات والآثار المأخوذة من تلك الحفرة للتعمق في التفاعلات المحتملة بين الإنسان العاقل والنياندرتال خلال تلك الفترة.

MISS 3