نظرية غريبة عن المادة أصبحت حقيقة

02 : 00

تُعرَف مرحلة لافتة من تشكيل المادة باسم «مرحلة زجاج براغ»، وهي تشير إلى اصطفاف غريب ومتناقض ظاهرياً من الذرّات في مادة الزجاج، حيث تكون الجزيئات منظّمة بقدر تلك الموجودة في بلورة مثالية. لم يكن العلماء متأكدين من وجود زجاج «براغ»، لكن يبدو أنه يكمن فعلياً داخل سبيكة من البلاديوم المدسوس بين طبقات من التيربيوم والتيلوريوم. لا يشير هذا الاكتشاف بكل بساطة إلى سلوكيات المواد المحتملة، بل يثبت أيضاً وجود مجموعة قوية وجديدة من التقنيات لاكتشاف الهياكل الذرية في المواد الغريبة.

ترتبط مراحل تشكيل المواد بطريقة اصطفاف الذرّات والجزيئات. في مرحلة طويلة ومنظّمة، تصطف الجزيئات داخل كتلة بلورية صلبة وفق نمط هندسي دقيق وثلاثي الأبعاد. أما المرحلة غير المنظّمة، فهي تترافق مع تشتّت الذرّات، فتتبعثر السوائل والكتل الصلبة مثل الزجاج بالطريقة نفسها. لكن افترض علماء الفيزياء وجود مرحلة ثالثة بين هذه الاصطفافات: إنها مرحلة «زجاج براغ».

ظنّ الباحثون أنهم يستطيعون رصدها في المادة التي تحتوي على موجة كثافة الشحنة: يمكن إيجاد هذه الظاهرة في المواد الثنائية البُعد، وهي تشير إلى تعديل دوري في كثافة شحنة المادة.

كان رصد المرحلة الافتراضية الثالثة شاقاً بمعنى الكلمة. في البداية، حلل الباحثون طبقات التيربيوم والتيلوريوم بحذر منذ سنوات وتأكدوا من أنها تناسب غاياتهم. ولاستكشاف بنية المادة، أرسل الباحثون عيّناتهم لاحقاً إلى مختبر «أرغون» الوطني، حيث أغرق العلماء طبقات التيربيوم والتيلوريوم بالأشعة السينية لقياس طريقة انحراف الضوء عن الجزء الداخلي من المادة.

أخيراً، استعمل الباحثون أداة تجميع درجات الحرارة بالأشعة السينية (نوع من التعلّم الآلي لتحليل البيانات) بهدف استكشاف المجموعات المطلقة من بيانات حيود الأشعة السينية، ما سمح لهم برصد الآلاف من موجات كثافة الشحنة وهي في ذروتها. يعتبر الباحثون هذه التجربة الأولى من نوعها لتحليل تقلّبات موجات كثافة الشحنة التي تنبثق من ذروات متعدّدة.

انطلاقاً من عدم تماثل ذروات موجات كثافة الشحنة، يزعم الباحثون أنهم تأكّدوا أخيراً من وجود مرحلة «زجاج براغ» في العالم الحقيقي عبر تجارب مثبتة. إنه تقدّم بارز لفهم هذه المرحلة المبهمة.

بالإضافة إلى التأكد من النماذج المعتمدة، يُفترض أن تصبح التقنيات التي استعملوها مفيدة أيضاً في الأبحاث المستقبلية: سمحت أداة تجميع درجات الحرارة بالأشعة السينية باستخراج الخصائص من البيانات بدقة عالية وبوتيرة مرتفعة، ما ينذر بتحقيق اكتشافات مستقبلية عدة من هذا النوع.

من خلال استخدام أدوات التعلّم الآلي ووجهات نظر علمية مبنية على البيانات، يمكن حل مسائل متنوّعة وتعقب أبسط الآثار المفيدة عبر إجراء تحليل شامل للبيانات.

MISS 3