ستيفاني غصيبه

في قلب سنّ الفيل... Kulturnest عشٌّ للثقافة والفنّ

4 آذار 2024

02 : 02

محبّو الفن في معرض من معارض Kulturnest
في قلب سنّ الفيل، عشٌّ للثقافة والفنّ أسّسته الشقيقتان باميلا وميشيل شرابيه من خلال ترميم منزل عائلي قديم. فـ Kulturnest ليس مقهًى ولا مركزاً للمعارض فحسب، بل «فسحة» تدعم الفنّانين وتستقبل هواة الفنّ من كلّ الفئات والطبقات من خلال ورش عمل ونشاطات مختلفة.

حوّلت الشقيقتان هذا المبنى الواقع قرب كنيسة سيّدة البير الأثريّة وسط سنّ الفيل من مكان مهمل منذ أربعين عاماً، أنهكته قذائف حرب الـ75 وغمرته نفايات المواطنين غير المواطنين، إلى مأوى للحياة والفنّ بواجهته الكبيرة الملوّنة وحديقته الجميلة التي تتحدّى رماديّة المنطقة. فصار Kulturnest نقطةً للعمل المشترك، ومعرضاً لأعمال فنّيّة، ومقهًى ومركزاً للندوات وورش العمل، ومحلّاً يبيع قطعاً فريدة (Concept Store) بأسعارٍ مقبولة. والشرط الأساسيّ: أن يعبّر هذا الفنّ عن قضيّة من قضايا المجتمع.

كذلك، تدعم باميلا وميشيل الفنّانين على مستويات عدّة تبدأ بالتسويق لهم على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وتصل إلى بيع أعمالهم أو حتّى التحدّث عنهم وعن قصصهم للعالم أجمع.

قصّة Kulturnest


«كنت أريد أن يكون لنا مركز ثقافي منذ وقت طويل، أو بالأحرى، فسحة ثقافية»، هذا ما قالته الدكتورة باميلا شرابيه عن بداية المشروع عندما كان مجرّد فكرة تحولت الى حقيقة بعدما عادت من قبرص في شباط الماضي. فللأختين شرابيه سيرة ذاتيّة حافلة بالنجاحات المهنيّة، حيث كانت باميلا تعمل بين لبنان ودول أخرى ككندا وقبرص ودبي، فيما كانت شقيقتها ميشيل تعمل في القطاع المصرفي. وكانت كلّ منهما منشغلة بأمورها الخاصّة. وتضيف شرابيه: «كنت أزور خالي في مبنى مجاور، وخطرت لي فكرة تحويل هذا المكان المليء بالطاقة السلبيّة والصدمات، الواقع وسط التنظيم المدني العشوائي الذي بدّل المشهد في منطقة سنّ الفيل ومحا كلّ ما كان في ذاكرتنا (أشجار وحدائق وبيوت حجر مع قرميد وزيتون وحمضيّات). في البداية، لم تؤمن العائلة بمشروعنا، لكن كان كافياً أن نؤمن نحن بذلك... وانطلقنا».

استغرق ترميم المبنى ليصبح على ما هو عليه ثمانية أشهر، حيث سعت باميلا وميشيل إلى الإبقاء على طابع المنزل الأثري لجهة الجدران والأرض، مع إضفاء لمسة معاصرة في الوقت نفسه، إيماناً منهما بأنّ الحفاظ على الماضي وتطويره سرّ مستقبل أفضل.

Concept Store


تشدّد باميلا على دمقرطة الفنّ، فهو بالنسبة لها ليس حكراً على الطبقة الثريّة فحسب بل حاجة أساسيّة لكلّ أفراد المجتمع. من هنا، يأتي دور الـConcept Store الذي يحتلّ زاوية دائمة في Kulturnest، ويجمع أعمالاً يدويّة وفريدة من صنع المؤسّستين أو أفراد آخرين (الأولويّة للصناعة المحلّيّة)، كلّها دون الـ130 دولاراً للقطعة الواحدة وتدعم قضيّة معينة. ويشمل ذلك حقائب يد صنعتها نساء لا تسمح لهنّ مجتمعاتهنّ المحافظة بمغادرة المنزل، أو قطع crochet صمّمتها نساء من عائلات محتاجة، أو أزهار لبنانيّة المصدر مجفّفة في إطارات خشبيّة للتوعية حول طبيعة لبنان، واللائحة تطول...



الشقيقتان باميلا وميشيل شرابيه



مساحة لكلّ الأعمار والاهتمامات




مشاريع متنوعة

منذ ثلاثة أشهر، تنوّعت المشاريع والنشاطات التي حضنتها هذه المساحة الثقافيّة. فمثلاً، نُظّم معرض ميلادي شارك فيه أكثر من ثلاثين فنّاناً، كما أقيم آخر بعنوان Unyielding، سمح لـ22 فنّاناً وفنّانة، مخضرمين وناشئين، بعرض لوحاتهم.

أمّا المعرض المقبل، فيحمل راية حقوق النساء بعنوان Art Her Way، ويُفتتح في الثامن من آذار المقبل. والمميّز فيه أنّه سيكون معرضاً مدمجاً بين اللوحات الحضوريّة في Kulturnest واللوحات على منصّة الكترونيّة. يُذكر أنّه قُدّم أكثر من 270 طلب ترشيح للمشاركة من نساء ورجال على حدّ سواء. وللراغبين بالمشاركة في معارض مستقبليّة، يُطلق مسار الاختيار على منصّات التواصل الاجتماعيّ والموقع الخاصّ بالمركز حيث تُعبّأ الاستمارات والمعلومات اللازمة. وتقول شرابيه: «لا مشكلة بالأعمار ولا بالجنس ولا بالأوضاع الاجتماعيّة والمعيشيّة، ولا بخبرة الفنّان... كلّ ما عليكم الالتزام به هو موضوع المعرض».

إضافةً إلى ذلك، تتعاون Kulturnest مع جامعة ALBA للفنون التي لا تبعد كثيراً عن المركز، حيث أخذ قسم الهندسة من الحديقة مقرّاً لتنظيم ندوة لطلاب الماجستير حول ذاكرة الحرب وعلاقتها بالفنّ والهندسة، إلى جانب إقامة لجنة فاحصة في المكان لتقييم مشاريع طلاب في سنتهم الثالثة. كما يتمّ التحضير لنشاط في مناسبة ذكرى الحرب اللبنانيّة في 13 نيسان.

ومن النشاطات الأخرى، Cine Club مع الصحافيّة والمصوّرة والناقدة السنيمائيّة ندى رافاييل كلّ ثلاثة أسابيع لمناقشة أفلام مستقلّة من العالم تتطرّق إلى مشاكل اجتماعيّة مختلفة. بالاضافة الى ورشة عمل مع نادين كتّورة حول فنّ الزهور الأسبوع المقبل، وتوقيع كتابين: الأوّل لد. عمر صباغ في 11 أذار، والثاني لد. فرانك درويش في نيسان المقبل.

باختصار، معقل الفنّ هذا تطمح مؤسِّستاه إلى أن يكون منصةً لمبادرات ثقافيّة أخرى ونواةً لجماعة أكبر تطال الفئات الشابة على اختلافها في سبيل لبنان أفضل يصبو إليه كلّ مواطن متمسّك بثقافته وأرضه وجذوره.

MISS 3