سابقة عالمية: تبريد البوزيترونيوم بالليزر

02 : 00

اتخذت فِرَق من علماء الفيزياء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية وجامعة طوكيو خطوة محورية لفهم جزيئة متقلبة وقصيرة الأمد، فاستعملوا جهاز ليزر كان مُصمماً لتلبية متطلبات التجربة ونجحوا في تخفيض حرارة سحابة من البوزيترونيوم بأكثر من النصف. تتألف هذه المجموعة من الجزيئات الغريبة من إلكترون واحد فقط وجزيئة مضادة تُعرَف باسم البوزيترون. في غضون ذلك، نجح فريق من منظمة بحوث مُعجّل الطاقة العليا في اليابان، بقيادة عالِم الفيزياء كنجي شو من جامعة طوكيو، في تخفيض حرارة سحابة من البوزيترونيوم إلى 272 درجة مئوية تحت الصفر، ما سمح بتراجع السرعة العامة للإلكترون والبوزيترون وانحسار نطاق توزيعهما.

البوزيترونيوم هو أخف نظام معروف من الجزيئات، كما أنه غير مستقر بأي شكل. تقضي المادة العادية والمواد المضادة على بعضها البعض وتطلق ومضات من الأشعة. يقضي البوزيترونيوم على نفسه خلال 142 مليار من الثانية، فيختفي داخل انفجار من أشعة الغاما. يقترب البوزيترونيوم من سرعات عالية أيضاً عند إنتاجه في السُحُب التي تحتاج إليها الدراسات التجريبية، ما يزيد صعوبة تحديد خصائصها.

يمكن إبطاء الغازات بطرق متنوعة، لكن يتطلب عدد كبير منها وقتاً طويلاً وقد يتزامن مع زوال أكثر الجزيئات حيوية، فيميل توزيع السرعات إلى التباطؤ.

التبريد بالليزر نوع من تقنيات تخفيض درجات الحرارة المبنية على امتصاص الجزيئات وبث الفوتونات. تكسب الجزيئة الطاقة عندما تمتص الفوتون، لكنها تخسر طاقتها حين تنتجه.

استعمل فريقا البحث المستقلان تقنيات تبريد مختلفة بالليزر، ونجحا في تبريد العيّنات وتقليص نطاق توزيع السرعات فيها. استخدم الباحثون في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية التبريد الشامل بالليزر الذي يستهدف نطاقاً واسعاً من توزيع السرعات، فنجح في تخفيض حرارة العيّنة من 106 إلى 103 درجات مئوية تحت الصفر (أكثر من النصف). في غضون ذلك، استعمل فريق شو تقنية تبريد ترتكز على تعديل الليزر كي يتماشى مع تباطؤ سرعة الجزيئات بهدف تقليص نطاق توزيع حركات الجزيئة داخل العيّنة التي تتواجد فيها. تتعدد الأسباب التي تدعو إلى دراسة المادة المضادة، أبرزها اكتشاف وجهتها النهائية.

شمل الكون عند نشوئه على الأرجح كميات متساوية من المادة والمادة المضادة، لكن لم يعد نطاق توزيعها متساوياً الآن (إنه تطور إيجابي للبشر وإلا كان الكون ليخمد في مرحلة معيّنة). من خلال التأكد من تصرف المادة المضادة بطريقة مشابهة للمادة العادية، يسهل أن يجمع العلماء بعض الأدلة عن هذا اللغز.

يريد علماء الفيزياء أيضاً أن يبتكروا نسخة من «كثافة بوز-أينشتاين» في البوزيترونيوم. في هذه المرحلة، تبرد سحابة من الجزيئات وتكون حرارتها فوق الصفر المطلق بدرجة بسيطة، ما يؤدي إلى نشوء سحابة كثيفة من الجزيئات التي تتصرف كجزيئة خارقة واحدة. يظن علماء الفيزياء أن استعمال نموذج «كثافة بوز-أينشتاين» ممكن لإنتاج أشعة الغاما بطريقة متماسكة بفضل عملية تبديد البوزيترونيوم الذاتية في داخلها. إنها أداة قوية لاكتشاف أرقّ بنية في الذرات التي يتشكل منها الكون.

MISS 3