ناصيف قزي

بين الهُنا والهُناك... عَبَثٌ يتكاثَر وعَدَمٌ يَتَوالَد

20 آذار 2024

02 : 00

بين الهُنا والهُناك، بل بين غزّة وأوكرانيا، حكاية دمٍ مهدورٍ على مذبح الشرّ والخطيئة… في عالمٍ جاحدٍ، بَلَغَت الأمورُ ببعض قادَتِه حدّ الإنزلاق إلى نِزاعاتٍ وحروبٍ، إذا ما استَفْحَلَت ضراوتُها، فقد تُسْدِلُ الستارَ عن مسار الحضارة الإنسانيّة بأبعادها العمرانيّة والمعرفيّة والحداثيّة والقيميّة!؟

هنا، في غزّة، حربُ تَجْويعٍ وإفناءٍ على خلفيّة زَعْمٍ دينيّ أحاديّ وإلغائي، قد يعيد التاريخ إلى ما قبل التاريخ… بل إلى ما قبل زمن البشارة وقيام العهد الجديد… ليعود فيتشكّل في مختبر غُلاةِ الأزْمِنَة، لجهة نُكْران الآخر وأبلسته، على أسسٍ لا يعود البشر بموجبها متساوين في الحقوق والكرامة الإنسانيّة!؟ وهناك، في أوكرانيا، نَزْعةٌ أمبراطوريّة تُزَعْزع كياناتٍ سياسيّةٍ مستقلةٍ وذات سيادة… فتَنْقُلُ النِزاعَ المحليّ إلى أزمةٍ أوروبيّةٍ، بل إلى صراعٍ دوليٍّ، تتمَحْوَرُ فيه القوى العظمى وتتبارى… وكأن العالم على شفير حرب الدمار الشامل… هنا حُفْرَةٌ رُسِمَتْ لإسقاط دولة فلسطين… ومعها القيم الإنسانية وكافة المواثيق الدوليّة التي رَسَتْ عليها البشريّة بعد النزاعات والحروب الدامية التي عرفتها خلال مسارها الطويل… وهناك حفرةٌ لإسقاط السلام الدولي الذي ساد بعد انتهاء الحرب الباردة التي أعقبت حربين عالميّتين… ليتبيّن أننا، من جديد، أمام مفترقاتٍ خطرة قد تُدْخِل العالم بأسره في حربٍ يُسَمّونها نوويّة… حربٌ لا يعود بعدها على وجه البسيطة سوى «عدمٍ يتوالد وعبثٍ يتكاثر».

وبين هاتين الحفرتين، وأبعد منهما، نتوءاتٌ ساخنة، من السودان إلى الصحراء الغربيّة وباقي القارة السمراء، ومن بلاد الشام إلى جبال أرارات، ومن مضيق هرمز إلى ‏الكوريتين… فهذه كلها لا تشي بأن القادم من الأيام أحلامٌ ورديّةٌ، بل صراعاتٌ لا تنتهي… وسؤال العدالة منفيٌّ عن الإجابات وعن الحقيقة… وعالقٌ في مخالب التنّين!؟

MISS 3