جاد حداد

مخلّل القبّار Capre مفيد لقلبك ودماغك؟

12 أيلول 2020

02 : 00

تكشف دراسة جديدة أن عنصراً محدداً في مخلّل القبّار يُنشّط قنوات أساسية تؤثر على نشاط القلب والدماغ. قد يُمهّد هذا الاستنتاج لابتكار أدوية جديدة للصرع وعدم انتظام القلب.

يزاول الناس الطب التقليدي أو الشعبي (يسمّيه العالم الغربي عموماً الطب البديل) منذ قرون، وتبقى هذه الممارسات جزءاً أساسياً من خدمات الرعاية الصحية في عدد كبير من البلدان حتى اليوم.

يتّكل الطب التقليدي في معظمه على استعمال النباتات التي كانت أساس العلاجات الطبية طوال آلاف السنين. أحياناً، يحلل الباحثون هذه المعارف التقليدية ويفسرونها بمصطلحات علمية معاصرة ثم يغيّرونها كي تتماشى مع مبادئ الطب الغربي. يشتق دواء الأسبرين مثلاً من نبات الصفصاف وقد أدى دوراً مؤثراً في عالم الطب منذ العصور المصرية القديمة، قبل أن يدرك الناس آلية عمله بوقتٍ طويل.

تكشف دراسة حديثة أجرتها كلية الطب "إيرفين" في جامعة كاليفورنيا جوانب مشابهة في نبات القبار الذي يستهلكه الناس حول العالم ويستعملونه أيضاً في الطب التقليدي. نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة "علم أحياء الاتصالات"، وذكرت أن عنصراً معيّناً في مخلل القبار يُنشّط قنوات البوتاسيوم التي تنظّم نشاط القلب والدماغ.

غذاء له جذور قديمة

يظن المشرفون على الدراسة الجديدة أن البشر يأكلون القبار منذ أكثر من 10 آلاف سنة. تأكدت هذه الفرضية بعد اكتشاف هذا النبات في رواسب التربة في سوريا، وداخل الكهوف في أواخر العصر الحجري، وفي اليونان وإسرائيل في الزمن المعاصر. كذلك، يذكر كتاب الطبخ الروماني القديم Apicius نبات القبار. يستعمله الناس حتى اليوم في الطب التقليدي نظراً إلى خصائصه المضادة للديدان والسرطان والسكري والالتهابات ومنافعه المحتملة على مستوى الدورة الدموية والجهاز الهضمي.

استكشف الباحثون في الدراسة الأخيرة طريقة تأثير القبار على الجسم، بما في ذلك تفعيل إحدى قنوات البوتاسيوم المهمة لتنشيط القلب والدماغ. بدأ العلماء يحللون خصائص القبار بناءً على نتائج تحليل خلاصات نباتية. فراقبوا مجموعة من الخلاصات لرؤية نشاطها في عدد من قنوات البوتاسيوم التي تحمل اسم KCNQ.

يؤدي هذا النوع من قنوات البوتاسيوم أدواراً أساسية في الجسم، منها تنظيم ضربات القلب وانقباض العضلات ووظيفة الجهاز الهضمي. ويرتبط أي خلل فيها بأمراض مثل السكري وعدم انتظام ضربات القلب والصرع.

ما أهمية عملية التخليل؟

استعمل الباحثون خلاصة من مخلّل القبار، وهو الأكثر شيوعاً في الولايات المتحدة، واكتشفوا أن 1% من هذه الخلاصة قادر على تنشيط تلك القنوات. تنتج عملية التخليل عنصر الكيرسيتين الذي ينشّط قنوات KCNQ.

استنتجت تجارب أخرى أن الكيرسيتين يتّصل بجزء من القنوات المسؤولة عن استشعار النشاط الكهربائي. هذه العملية تجعل القنوات تنفتح مع أنها تبقى مغلقة في الحالات العادية، ما يكشف على الأرجح الخصائص العلاجية التي يحملها القبار. قد يكون القبار المصدر الطبيعي الأغنى بعنصر الكيرسيتين، لكن يظن العلماء أن مركّبات نباتية أخرى تتمتع بقدرة إضافية على تنشيط قنوات KCNQ، منها عنصر "إي-2 دوديسنال" الموجود في الكزبرة.

لكن اكتشف الباحثون أيضاً أن هذه المركّبات تستطيع التعاون في ما بينها. قد لا يعطي استهلاك القبار وحده أثراً بارزاً إذاً، لكنّ تناوله مع أغذية محددة أخرى، مثل الكزبرة، يزيد منافعه.

يُعتبر عنصر الكيرسيتين شائعاً جداً في الأغذية أيضاً، فهو موجود في التفاح، والتوت، والكرفس، والفلفل الحار، والبصل، وحتى الشاي الأخضر والنبيذ الأحمر. لهذا السبب، قد تتراكم كمياته في الجسم مع مرور الوقت قبل أن يعطي منافعه. كذلك، تذكر الأبحاث أن إضافة الكيرسيتين إلى الطعام خطوة آمنة، مع أن هذه العادة ليست شائعة اليوم في كل مكان.

أخيراً، يحلل الباحثون أيضاً منافع نبات القبار المحتملة ضد السرطان والسكري وأمراض التهابية وهضمية متنوعة واضطرابات الدورة الدموية. من خلال فهم تأثير القبار على الجسم من الناحية الجزيئية، قد ينجح العلماء في ابتكار مجموعة واسعة من العلاجات الجديدة.


MISS 3