ماذا تأكل بعد إصابتك بنوبة قلبية؟

02 : 00

النوبة القلبية تجربة مرعبة وصادمة، لكن تسمح الحمية الغذائية المناسبة بتحسين مسار التعافي وحماية القلب من أضرار إضافية وتقوية أدائه.

الوقاية خير من العلاج! هذه المقولة تنطبق تحديداً على كل من يريد تجنب نوبة قلبية ثانية. يقدم طبيب القلب ستيفن ماسلي نصائح غذائية لتسريع التعافي وحماية القلب بناءً على خبرته الواسعة في مجال عمله. يصاب شخص واحد من كل أربعة بنوبة قلبية ثانية، لكن تسهم الأغذية المناسبة في تحسين فرصة عيش حياة طويلة وصحية. منذ أكثر من عشرين سنة، حققت "دراسة ليون حول حمية القلب" إنجازاً جديداً عبر اختبار آثار حميتَين لدى 605 رجال ونساء أصيبوا بنوبة قلبية. بعد أربع سنوات تقريباً، تبيّن أن الحمية المتوسطية، مقارنةً بالحمية قليلة الدهون، تُخفّض احتمال التعرض لنوبة قلبية أو جلطة دماغية ثانية أو الاضطرار لدخول المستشفى أو الوفاة بنسبة 73%. كانت هذه الدراسة فريدة من نوعها لأنها راقبت الناس بعد تعرّضهم لنوبة قلبية. اكتشفت دراسات أخرى أن الحمية المتوسطية تحمي من أمراض القلب. ولاحظ ستيفن ماسلي الذي قابل آلاف المرضى على مر مسيرته أن نسخة معدّلة من الحمية المتوسطية (بناءً على أبحاث إضافية عن الأغذية ووظائف القلب) تُجدد الدورة الدموية وتعيق نمو الصفائح الضارة، حتى أنها تعكس مسار أمراض القلب.


الحمية المثالية



يوضح ماسلي: "تشمل الحمية المثالية خليطاً من الحمية المتوسطية والأغذية التي يتراجع فيها مؤشر سكر الدم (تُسبّب المأكولات الغنية بالنشويات والسكريات أعلى زيادة في هذا المؤشر). بعبارة أخرى، يجب أن تحذف الخبز والرز والمعكرونة والسكر من لائحة الطعام للاستفادة القصوى من الحمية المتوسطية". تعقبت إحدى الدراسات أكثر من 20 ألف شخص في اليونان كانوا يلتزمون بالحمية المتوسطية منذ عشر سنوات. تبيّن أن المجموعة التي تستهلك أصغر كمية من النشويات والسكريات تكون أقل عرضة لأمراض القلب بنسبة 40% وأقل ميلاً إلى الوفاة بسبب تلك الأمراض بنسبة 50%.

يضيف ماسلي: "الكولسترول ليس السبب الأول للنوبات القلبية والجلطات الدماغية والموت القلبي. بل تُعتبر مستويات سكر الدم أقوى المؤشرات في هذا المجال".




تفاصيل الحمية المتوسطية

يعتبر الكثيرون الحمية المتوسطية أفضل نظام صحي، لكن يظن البعض أنها ترتكز على تناول أطباق كثيرة من المعكرونة. أمضى ماسلي وقتاً طويلاً في المناطق المتوسطية، حتى أنه عمل كرئيس طهاة في فرنسا، لذا يؤكد على أن المعكرونة وأنواعاً أخرى من الحبوب لها دور صغير جداً في الحميات التقليدية في هذه المنطقة. قد يتناول البعض طبقاً كبيراً من المعكرونة، لكنّ الحصة المتوسطية الحقيقية تتألف من ربع أو سِدس هذه الكمية وتُؤكل المعكرونة في هذه الحالة في طبق صغير قبل تناول الطبق الرئيسي المؤلف من الخضار والبروتينات. كذلك، تتألف البيتزا من شريحة واحدة بعجينة رقيقة مع كمية صغيرة من الجبنة والصلصة وتُؤكل مرة أو مرتين في الشهر على شكل مقبلات.


على صعيد آخر، يحرق سكان منطقة المتوسط كميات إضافية من المأكولات الغنية بالكربوهيدرات لأنهم معتادون تقليدياً على ممارسة المشي أكثر من غيرهم. إذا لم تكن تمارس النشاطات الجسدية طوال سبع ساعات على الأقل أسبوعياً (تمارين رسمية و/أو حركات مرتبطة بالعمل)، من الأفضل أن تحدّ من استهلاك الكربوهيدرات النشوية. لحصد أكبر المنافع، يجب أن تشمل الحمية المتوسطية كمية كبيرة من الخضار، بما في ذلك الخضروات الورقية الخضراء ومجموعة متنوعة من الخضروات الملوّنة الفاتحة، بالإضافة إلى الفاصوليا للحصول على البروتينات والألياف، والأسماك وثمار البحر لتلقي الدهون الصحية والبروتينات، وزيت الزيتون والمكسرات وأعشاباً متنوعة.




أسلوب الحياة في منطقة البحر المتوسط


يأخذ سكان منطقة البحر المتوسط تقليدياً استراحات من انشغالاتهم اليومية لتقاسم وجبات الطعام مع الآخرين، فيتلذذون بمختلف النكهات ويستمتعون بالأحاديث مع الناس. حتى أبسط وجبة يومية قد تكون مبرراً لأخذ استراحة بغض النظر عن مستجدات الحياة الأخرى. كما أنهم لا يتناولون أي طعام عشوائي بين الوجبات الرئيسية، فلا يأكلون أثناء العمل أو أي نشاطات أخرى وغالباً ما يذهبون للمشي قبل العشاء أو بعده. كذلك، تتلذذ هذه الشعوب بالطعام بدل أن يصبح الأكل عملية تلقائية. تشكّل هذه النظرة إلى الطعام، فضلاً عن المقادير الطازجة المستعملة في الأطباق، ركيزة أساسية لحصد منافع الحمية المتوسطية. 




ماذا عن لحم البقر؟



لا يشدد ماسلي على ضرورة التخلي عن اللحوم الحمراء بالكامل، لكنه يوصي بالاكتفاء بها في مناسبات قليلة شهرياً، حتى لو كانت تشتق من أبقار تقتات على الأعشاب أو المنتجات العضوية. يتعلق السبب بناتج أيضي اسمه «تماو» (تريميثيلامين- إن- أوكسيد).

حين نتناول اللحوم الحمراء، تنتج الجراثيم في أمعائنا عنصر «تماو» الذي يُعتبر اليوم مادة ضارة. حلل الباحثون تجارب عيادية تشمل أكثر من 10 آلاف مشارك، واكتشفوا أن كميات كبيرة من «تماو» نتيجة تناول اللحوم الحمراء بشكلٍ متكرر تزيد مخاطر التعرض لنوبات قلبية بنسبة 62% لدى المصابين بأمراض القلب. لا يطرح تناول اللحوم من وقتٍ لآخر المخاطر نفسها، لكن لا يوصى باستهلاك اللحوم المُصنّعة مطلقاً، منها شرائح اللحم البارد.

باختصار، يسهم هذا النوع من الحميات المتوسطية في تقليص الصفائح الضارة وتحسين الدورة الدموية نحو القلب. وإذا كنت تستطيع تغيير دورتك الدموية، يمكنك أن تسترجع شبابك وتستعيد الحياة التي تطمح إليها.




MISS 3