جان ميشال ديسوغي

آخر ساعات منفّذ هجوم "نيس"

3 تشرين الثاني 2020

المصدر: Le Parisien

02 : 00

التحقيق سمح بتعقب مسار إبراهيم أ.، منفّذ هجوم نيس، بين موعد وصوله الى البلاد في 27 تشرين الأول، والليلة التي أمضاها قبل يوم من الاعتداء، والجهات المحلية التي تواصل معها. خضع أربعة معتقلين للاستجواب حتى الآن...


يقبع إبراهيم أ. في المستشفى منذ أيام وهو بحالة حرجة ولم يكشف بعد عن جميع أسراره. لكن لم يفقد المحققون الأمل ويتمنون أن يسمعوا في الأيام المقبلة إفادة هذا الشاب التونسي البالغ من العمر 21 عاماً والمتّهم باغتيال خادم في الكنيسة ومؤمنَين آخرَين في كاتدرائية "نوتردام دي لاسومبشن" في مدينة "نيس" في صباح يوم الخميس الماضي. ستتوقف قدرته على الإدلاء بشهادته على قوة تحمّله بعد استيقاظه.

بانتظار التبريرات التي سيقدمها لتفسير ما فعله، تمكّن المسؤولون في الشرطة القضائية في "نيس" وفي المديرية الفرعية لمكافحة الإرهاب والمديرية العامة للأمن الداخلي من تعقب مساره السريع في فرنسا بالتفصيل. بفضل عدد كبير من كاميرات المراقبة التابعة لدار بلدية "نيس" والهاتفَين اللذين استعملهما منفّذ الهجوم، تبيّن أن إبراهيم أ. وصل إلى المدينة في نهاية يوم 27 تشرين الأول من إيطاليا، أي قبل أكثر من 24 ساعة بقليل على ارتكابه المذبحة في الكنيسة. وصل المهاجر التونسي الشاب، من دون سند قانوني، بالحافلة أو القطار من روما ومعه حقيبة ظهر.





استناداً إلى مجريات التحقيق، لم يتجه إبراهيم أ. إلى عنوان محدد بل أمضى ليلة واحدة على الأقل في ردهة مبنى يقع على مسافة غير بعيدة من الكاتدرائية. عشية الهجوم المأسوي، شوهد الشاب وهو يتجول بالقرب من الكنيسة واقترب من مجموعة أشخاص خلال هذه الفترة، أوّلهم ربيع د. (47 عاماً)، وهو جزائري الأصل يقيم في مدينة "نيس" وقد تكلم معه لوقتٍ طويل. وبحسب الصور المتاحة، أعطى هذا الأخير غرضاً غير واضح إلى الإرهابي حين كان موجوداً في سيارة "رينو مودوس". ثم تواصل إبراهيم مع عبد القاسم ب.، وهو تونسي عمره 35 عاماً وشوهد الشابان وهما يسيران معاً في وسط المدينة.

وبحسب معلوماتنا الخاصة، صرّح ربيع د. وعبد القاسم ب. بعد احتجازهما بأنهما لم يعرفا شيئاً عن الهجوم الذي نفذه إبراهيم أ.، وأكد الشابان أيضاً على أن منفذ الهجوم لم يطلب منهما إلا تعليمات بسيطة، منها معلومات عن أماكن لتناول الطعام. يقول مصدر مقرّب من المحققين: "نحن نبذل جهدنا للتأكد من أن تلك اللقاءات كانت مجرّد صدفة أو أن المعلومات التي قدّمها المشتبه بهم سهّلت عمل منفذ الهجوم". اعتقلت الشرطة القضائية في "نيس" رجلاً ثالثاً عشية يوم الجمعة: إنه نسيب عبد القاسم. يبلغ هذا التونسي 33 عاماً وقد ظهر اسمه أثناء البحث عن الجهات التي تواصل معها منفذ الهجوم.

هذان الشابان معروفان بارتكاب جِنَح تدخل في خانة جرائم القانون العام لكنها لا ترتبط بمظاهر التطرف. كان النسيبان يقيمان في شارع "فيديانتيان"، وهو زقاق شعبي معروف في شمال مدينة "نيس". رأى شهود العيان عناصر شرطة مكافحة الإرهاب وهم يحاصرون شقة عبد القاسم ب.، بدعمٍ من فِرَق المداهمة المسلّحة، لتفتيش المكان بدقة. خضع أصدقاء الشابَين للاستجواب أيضاً وعبّروا عن صدمتهم باعتقالهما وأكدوا على أنهما غير متورطَين بالهجوم. قال أحدهم: "عبد القاسم ليس متطرفاً. هما قابلا الإرهابي بكل بساطة". وأضاف آخر: "بكل صراحة، كان يكفي أن نتكلم نحن أيضاً معه كي يتم اعتقالنا. لو أنه طلب منا المساعدة، من دون أن نعرف نواياه الحقيقية، كنا لنفعل ذلك. هذا الشاب أوصل كل من صادفهم في طريقه إلى وضع مريع".

في صقلية حتى 26 تشرين الأول

في اليوم الذي تلى تواصله مع بعض سكان "نيس"، قصد إبراهيم أ. محطة القطار السريع منذ الساعة السادسة صباحاً لتبديل ملابسه. كان يحمل ثلاثة سكاكين ونسخة من القرآن ثم اتجه نحو الكاتدرائية وقتل بكل برود فنسنت لوكيه (54 عاماً) ونادين ديفيليه (60 عاماً) وسيمون باريتو سيلفا (44 عاماً)، قبل أن تقبض عليه شرطة البلدية قبل الساعة التاسعة بقليل. اعتُقِل مشتبه به رابع بالأمس بحدود الساعة الثالثة بعد الظهر، لكن في منطقة "غراس" (إقليم "ألب ماريتيم") هذه المرة: إنه أحد معارف الإرهابي. لا يزال دور هذا التونسي البالغ من العمر 29 عاماً مجهولاً في هذه القضية.

في غضون ذلك، تستمر التحقيقات المكثفة في إيطاليا لأن الإرهابي عَبَر في هذا البلد بين أيلول وتشرين الأول بعد انطلاقه من تونس. تُركّز هذه التحقيقات على شبكة سرية لتهريب المهاجرين لجأ إليها الإرهابي الذي وصل في مركب إلى جزيرة "لامبيدوسا" مع 300 مهاجر آخر تقريباً، علماً أن بعضهم لا يزال في الطبيعة حتى الآن. يريد رجال الشرطة الإيطاليون أن يعرفوا ما إذا كانت تلك الشبكة تخفي خلية لنقل الجهاديين. حتى 26 تشرين الأول، يبدو أن إبراهيم أ. كان موجوداً في صقلية، وتحديداً في منطقة "ألكامو". يخضع أحد المهربين للاستجواب راهناً، فضلاً عن عدد من قليلي الحظ الذين رافقوا التونسي الشاب. يقول البعض إن إبراهيم أ. بدا شخصاً "وحيداً ومنغلقاً على نفسه" خلال رحلة السفر.


MISS 3