د. هشام حمدان

نتائج الإنتخابات في أميركا ليست الحلّ للبنان... نحن الحلّ

9 تشرين الثاني 2020

02 : 00

تابعت محطّات التلفزة والوسائل الإعلامية في لبنان والعالم السباق الرئاسي في أميركا. حبس العالم أنفاسه ليعرف كيف سيكون عليه العالم لأربع سنوات قادمة. كلّ عضو من أعضاء الأمم المتّحدة كان يريد ويتمنّى أن تأتي النتائج على قدر آماله ووِفق ما يتجاوب مع مصالحه.

كيف ينظر العالم غير العربي والإسلامي، إلى هذا السباق؟

كل دول العالم، غير العربية والإسلامية، كانت تتمنّى نجاح مرشح الحزب الديموقراطي جو بايدن وخروج الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض.

فالرئيس ترامب حوّل العلاقات الدولية حلبة صراع ومنافسة، على غرار ما كانت عليه خلال الحرب الباردة. أما الديموقراطيون، فقد تبنّوا خلال عهد الرئيس أوباما سياسة التكامل، بحيث دفعوا بالعلاقات الإقتصادية الدولية إلى منهج جديد يقوم على تحالفات تعتمد التكامل بين الشركاء. وهم سعوا إلى إضعاف الصين، ولكن من دون إقصائها عن الشراكة الإقتصادية وتمدّدها الإقتصادي القوي في العالم. أراد الديموقراطيون بكلّ بساطة ان ترتاح أميركا من الصراع السياسي العالمي، مقابل لجم حركة "بريكس" المالية كي يبقى الدولار هو العملة الرئيسة المُعتمدة في العالم. استمرار الدولار العملة المعتمدة عالمياً يبقي الريادة السياسية لأميركا.

أما ترامب وغلاة الجمهوريين، فقد دفعوا بالسياسة مُجدّداً كمِحور لنشاطهم العالمي، وجعلوا الإقتصاد وسيلة لهذا الغرض. ترامب، كان وما زال، يمثّل قدامى" الأنكلوسكسون" وغلاة الصهيونية. هذا الأسلوب أدّى إلى تراجع كبير بالدور الأميركي عالمياً، سياسياً واقتصادياً. ربّما أدخل أموالاً إضافية إلى الخزينة الأميركية عن طريق الإبتزاز، إلا أنّ هذا الدخل ليس دخلاً مستداماً وسينعكس سلباً على أميركا. و"إسرائيل نتنياهو" هي الرابحة الوحيدة وليس أميركا طبعا.ً

أما العالمان العربي والإسلامي فهما ينظران من منظار آخر: منظار المصالح الفردية للزعماء، وليس مصالح دولهم الوطنية. شعوب العالمين العربي والإسلامي خاسرة، سواء كان سيربح المرشّح الديموقراطي أو المرشّح الجمهوري. السباق الذي حصل بين المرشّحين لا يعني الشعوب بل الزعماء. وعليه، فكلّ زعيم ينظر لهذا المرشح بمنظاره الخاص. وبالطبع، الشعب منقسم إلى جانب الزعماء، ومتى كان لهم رأي أصلاً؟

أنظروا هنا في لبنان، قسم كان يريد عودة الرئيس ترامب علّه يُنقذنا من "حزب الله" وإيران، وقسم يراهن على السيد بايدن الذي أعلن فوزه، علّه يعيد إحياء الإتفاق النووي مع إيران ويتثبّت دورها في المنطقة. لا أحد من الجانبين يتطلّع إلى مصلحة لبنان الوطن في هذا الصدد. بل، كلّ منهما يتحدّث بالمصلحة الوطنية، لكن يحدّد تلك المصلحة على قياس أفكاره وإيديولوجياته وطموحاته السياسية.

تُرى، هل سيقبل الفائز باحترام اتفاقية الهدنة لتحديد الحدود البحرية للبنان؟

هل سيُبقي بايدن سلاح "حزب الله" بمواجهة إسرائيل؟ ولو كان الفائز ترامب، هل سيقوم بمحاربة "حزب الله" لتدمير سلاحه؟ وإذا حصل ذلك، فمن سيدفع الثمن؟ ومن سيكون الضحيّة؟ وإذا جاء هذا أو ذاك، فهل سيمنعان التدخّلات الأخرى في لبنان؟

أيها الإخوة: ما حكّ جلدك مثل ظفرك. ناشدنا في ملتقى "متّحدون من أجل لبنان وشعبه" القادة الروحيين أن يذهبوا بوفد إلى مجلس الأمن، يضمّ ممثلين من كلّ الطوائف ويصرخوا هناك: نريدكم أن تفرضوا تنفيذ اتفاقية الهدنة التي ألزمتمونا بها منذ عام 1949 وحتى تاريخه. نريد وقف استخدام لبنان ساحة للحروب في المنطقة. نريدكم أن تعترفوا بأنّكم جعلتمونا ضحية منذ عام 1969. فأنتم خنتم الأمانة التي وضعتها شعوب العالم على عاتقكم وبينها شعب لبنان، عندما رسمنا معاً ميثاق الأمم المتّحدة في سان فرنسيسكو عام 1945. أنتم سكتّم عن تنفيذ واجباتكم وفقاً للمادة 40 من الفصل السابع من الميثاق التي على أساسها فرضتم علينا اتفاق الهدنة.

العالم الديموقراطي خان هذا البلد الديموقراطي الصغير، النموذج المميّز في هذا الشرق المسلم، بل وفي العالم. نموذج الرسالة والعيش المشترك وموئل الحريات العامة والتقدّم العلمي والإقتصادي والإنساني، وتركه ساحة لحروبه من أجل تسوية قضية فلسطين والصراعات الإيديولوجية في الشرق الأوسط.

لو ذهبوا كما طالبنا لتحوّلت صرختهم ورقة ضغط لمصلحة لبنان في انتخابات اميركا. لبنان الصغير ليس ضعيفاً إذا عرفنا حقوقنا والتزمنا واجباتنا. فهل من يسمع؟


MISS 3