مقاطعة أميركية وأوروبية وخليجية لمؤتمر النازحين

لبنان الرسمي في دمشق: ساعدونا...

02 : 01

مشرفية ممثلاً حكومة حسان دياب في دمشق

إستمرار الانقسام السياسي الحاد حيال علاقات الدول الغربية والعربية عموماً ولبنان خصوصاً مع سوريا، ورفض تعويم نظام الرئيس السوري بشار الاسد، تظهّر جلياً في مقاطعة الدول المؤثرة لمؤتمر دمشق الدولي عن عودة النازحين، وهي التي يمكنها تمويل عودتهم، كالولايات المتحدة الاميركية والدول الأوروبية. كما تمثّل في غياب دول خليجية كالسعودية، مقابل مشاركة روسيا وفنزويلا والصين وايران والعراق، وحضور عربي متواضع، فيما شاركت الأمم المتحدة بصفة مراقب.

أما لبنان الرسمي فكانت له مشاركة مزدوجة في المؤتمر الذي انطلقت اعماله امس في قصر الامويين للمؤتمرات وتختتم اليوم: الاولى «حضورياً» عبر انتقال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال رمزي مشرفية الى دمشق والقائه كلمة امام المؤتمرين، والمشاركة الثانية «افتراضياً» عبر كلمة القاها وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة «عن بعد».

المشاركة اللبنانية في نظر معارضي النظام لم تكن في محلها، فأين مصلحته في المشاركة الى جانب نظام مُقاطع عربياً ودولياً، واين مصلحته في أن يتمايز في موقفه عن الرياض وواشنطن في لحظة هو احوج ما يكون اليهما لمساعدته، واين مصلحته في الظهور بمظهر الخارج عن الشرعيتين العربية والدولية ووقوفه الى جانب محور الممانعة، وفي ان يذهب قدماً في موضوع خلافي بامتياز بين اللبنانيين؟ وهل المقصود من هذه المشاركة توجيه رسالة من العهد ضد واشنطن على خلفية العقوبات على النائب جبران باسيل؟ وهل هذا المؤتمر سيعيد النازحين فعلاً؟

وأكد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب وهبي قاطيشا لـ»نداء الوطن» ان المؤتمر «ليس سوى مسرحية، ومحاولة لتعويم نظام بشار الاسد، لكنها غير ناجحة، ولن تمرّ لا على الاخوة العرب ولا على الاسرة الدولية ولا على اي شخص حرّ في العالم».

وقال: «اذا كان النظام السوري يريد فعلاً ان يعود مواطنوه فهناك طريقتان: أولاً، فتح الحدود امامهم من دون شروط، وعندها سيعودون جميعاً لان لا احد يرغب بترك وطنه الا اذا كان مرغماً على ذلك، والنازحون ارغموا بفعل ممارسات النظام في حقهم، وثانياً، تمويل تنظيم هذه العودة، لكن المؤتمرين، سواء روسيا او لبنان او ايران الذين يتوخون من مؤتمرهم جمع المال للعودة هم اساساً يحتاجون للمال لينعشوا بلادهم. لذلك، هذا المؤتمر ما هو الا محاولة لتعويم نظام الاسد واظهاره انه لا يزال يتمتع بصدقية، ولكن لدى من؟ لدى روسيا التي تحميه وتُبقيه ثابتاً في الحكم، ولدى المنظومة اللبنانية الدائرة اساساً في الفلك السوري». وأكد ان «المؤتمر سيكون فاشلاً، وان المسرحية ستؤذي لبنان الذي يجب ان يكون بعيداً من محور الممانعة وخارج اطار هذه المنظومة، ونحن نفعل العكس خلافاً لمصالح لبنان الدولية والعربية».

وشدد على انه «لا يمكن اعادة النازحين الى سوريا الا في ظل توافق عربي ودولي قادر على تمويل العودة، وهذا لن يحصل الا بشروط اولها ان تتوقف آلة القتل والتدمير في سوريا ويرضخ النظام لمطالب شعبه.

ووافق قاطيشا اخيراً قول الاسد ان «الارهاب هو من هجر السوريين». وقال: «صحيح ذلك، لكنه ارهاب النظام وليس اي ارهاب آخر وقد رأينا كيف أُخرج الارهاب الداعشي صنيعة النظام، من جرود عرسال عندما انتهت وظيفته، بباصات مكيفة وبغطاء حليفه «حزب الله».

بدوره قال النائب الاشتراكي هادي ابو الحسن لـ»نداء الوطن»: «لا نعتقد أن من هجّر الشعب السوري يريد عودة النازحين، خصوصاً وانه ينظر اليهم كجزء معادٍ، فللأسف هو من قمعهم وقتلهم وهجّرهم واعتقد ان الحركة في دمشق هي لتقديم صورة الرئيس الحريص على ابنائه»، ولفت الى انه «لا يبدو ان هناك اعترافاً اميركياً واوروبياً وعربياً وتحديداً من دول الخليج بشرعية الاسد ولا رغبة في تعويم نظامه، وهم يدركون سلفاً انها حركة فولكلورية خالية من اي مضمون جدّي وفعلي، خصوصاً وان لا ضمانات امنية او مشروعاً جدّياً لاعادة الاعمار، فالجميع يدرك ان النظام لا يريد اعادة النازحين نتيجة طموحاته بتصحيح الواقع الديموغرافي لمصلحته». وكان مشرفية أكد في كلمته ان «الحكومة اللبنانية أقرت خطة لعودة النازحين تتوافق مع المعايير الدولية وتضمن حق النازح بالعودة محفوظ الكرامة، بالتنسيق مع الدولة السورية ورعاية المجتمع الدولي». وأكد ان «العودة التلقائية مستمرة وتجري بتعاون وتنسيق بين الامن العام اللبناني ونظيره السوري، وتراجعت نسبتها بسبب فيروس كورونا».

من جهته، امل وهبة في أن «يساهم المؤتمر في إيجاد الحل لأزمة اللاجئين». وشدد على «عدم ربط العودة بالحل السياسي». وناشد المجتمع الدولي مساعدة الحكومة اللبنانية في تنفيذ خطتها لعودة النازحين السوريين «خصوصا وأن الظروف أصبحت مؤاتية لهذه العودة».

أما الأسد فألقى باللوم على العقوبات الأميركية وضغوط واشنطن على الأمم المتحدة والدول المجاورة لسوريا، في عزوف أكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري هربوا من الصراع عن العودة.

واعتبر في كلمة ألقاها المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف أن «حل مشكلة النازحين يستوجب توفير الظروف المعيشية الكريمة لملايين السوريين، ما يحتاج إلى المشاركة الفعالة من قبل المجتمع الدولي بأكمله».

وأوضح القائم بالأعمال الموقت للسفارة العراقية في دمشق ياسين الشريف أن مشاركة بلاده في المؤتمر تأتي ضمن سياسة العراق، التي تتمحور على «عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والحفاظ على سوريا أرضاً وشعباً». وطالب كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني علي أصغر خاجي المجتمع الدولي بمضاعفة المساعدات لسوريا والمشاركة في إعادة الإعمار لتسريع عودة النازحين، مقترحاً «إنشاء صندوق دولي لاعادة اعمار سوريا».