جاد حداد

تحايل على حميتك الصحية من دون الشعور بالذنب

1 كانون الأول 2020

02 : 00

يتعلق موسم الأعياد بالنسبة إلى الكثيرين بقدرتهم على الغش وتناول المأكولات التي يحبونها. إلى أي حد تستطيع التلذذ بالوجبات الدسمة والمالحة أو السكرية من دون أن تجازف باكتساب الوزن أو التعرّض لمشاكل القلب والضغط أو ارتفاع نسبة السكر في الدم؟

تقول خبيرة التغذية كاثي ماكمانوس، مديرة قسم التغذية في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد": "يكون البعض أكثر حساسية من غيره تجاه الملح أو الدهون المشبعة أو السكريات المضافة. نلاحظ أحياناً أن الحمية الغذائية تؤثر على ضغط الدم أو الكولسترول خلال أسابيع قليلة". هذا ما يجعل التحايل على الحمية الأصلية محفوفاً بالمخاطر. لكن يستطيع الأشخاص الأصحاء عموماً أن يطبقوا معادلة تسمح لهم بتعديل القواعد في موسم الأعياد أو في مناسبات عابرة.

احتسب السعرات الحرارية اليومية


تتوقف الحاجات اليومية إلى السعرات الحرارية على عوامل عدة، منها العمر، ومستوى النشاطات الجسدية، وتركيبة الجسم، والوضع الصحي العام، والأهداف المرتبطة بالوزن. إذا كنت شخصاً سليماً يمارس الرياضة طوال 30 دقيقة يومياً، يمكنك أن تحتسب كمية السعرات اليومية التي تحتاج إليها للحفاظ على وزنك الراهن عبر ضرب وزنك (بوحدة الباوند) برقم 15. إذا كنت تزن 130 باونداً مثلاً، اضرب هذا الرقم بـ15. يشير الجواب (1950) إلى عدد السعرات الحرارية التي تحتاج إليها يومياً للحفاظ على الوزن نفسه. من المعروف أن زيادة الأكل تؤدي إلى اكتساب الوزن، بينما يسهم تخفيف الأكل في فقدان الوزن.

عدّل القواعد الغذائية بالشكل المناسب

تبقى الحمية الصحية أساسية في جميع الأحوال، لكن لا ضير من تعديل القواعد الغذائية من وقتٍ لآخر. ابدأ بتجربة قاعدة "90-10": التزم بالحمية الصحية في 90% من المرات وتلذذ بما تريده في 10% من المرات! حين تستهلك ثلاث وجبات يومياً طوال أسبوع، يعني ذلك أنك تتناول ما مجموعه 21 وجبة. يمكنك أن تنغمس في الأكل في وجبتَين منها كحد أقصى.

حاول أن تطبّق قاعدة "90-10" يومياً خلال موسم الأعياد، ما يعني أن تستهلك مأكولات العيد غير الصحية بنسبة 10% من سعراتك اليومية. لن تقودك هذه الطريقة إلى ترسيخ عادات غذائية سيئة. إذا كنت تُغيّر التوجيهات اليومية قليلاً على مستوى السعرات الحرارية والملح والسكر المضاف والدهون المشبعة من وقتٍ لآخر، لن تواجه مشكلة حقيقية على الأرجح. لكن يزيد احتمال المشاكل عند إضافة عناصر غير صحية إلى كل وجبة طعام.

إخفاقات محتملة

إذا شعرتَ بأن الغش مسموح من وقتٍ لآخر، قد تميل إلى تجاوز الحدود بعد مرحلة معينة، فتبالغ مثلاً في كمية الطعام المستهلكة في الوجبة غير الصحية. من المعروف أن الحمية الشائبة تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب على المدى الطويل. لكنّ الوجبة الكبيرة وغير الصحية تُسبب مخاطر فورية أحياناً. هذا ما يحصل مثلاً إذا تناولتَ وجبة كبيرة من شرائح اللحم الدسمة والبطاطا المهروسة والمثلجات. تحتوي هذه الوجبة على 47 غراماً من الدهون المشبعة، و32 غراماً من السكريات المضافة، و1330 سعرة حرارية، و70 غراماً من الكربوهيدرات، و2555 ملغ من الصوديوم.

تكشف دراسات صغيرة أن تناول وجبة دسمة يزيد خطر الإصابة بنوبة قلبية. يوضح الدكتور ديباك بات، طبيب قلب ورئيس تحرير "رسالة هارفارد للقلب": "نظرياً، تُسبب أي وجبة كبيرة وغير صحية تغيرات بيوكيماوية متنوعة في الجسم، منها ارتفاع مستويات الشحوم الثلاثية، ما يعني زيادة مخاطر النوبات القلبية خلال الساعات التي تلي تناول الوجبة".

على صعيد آخر، قد تكتسب وزناً زائداً وتعجز عن فقدانه لاحقاً. إذا تجاوزتَ التوجيهات الغذائية طوال موسم الأعياد وقررتَ أن تعوّض عن ذلك في الأشهر اللاحقة، يجب أن تعرف أن وزن البعض بعد أشهر يفوق ما كان عليه قبل الأعياد وفق الدراسات، لأن فترة ما بعد الأعياد لا تنجح في تصحيح أخطاء العيد بالكامل. ربما اعتدتَ على الانغماس في الأكل وتعجز عن كسر هذه العادة. وبعد اكتساب الوزن، يعيد جسمك ضبط الأيض كي يتماشى مع الوزن الزائد، ما يعني أن تشعر بالجوع بسهولة. تضيف ماكمانوس: "ما لم تبذل جهوداً كبرى للحفاظ على الكيلوغرامات التي خسرتها، يسهل أن تعود إلى وزنك الأساسي. المعطيات البيولوجية لن تصبّ في مصلحتك وسلوكياتك القديمة ستبقى جزءاً من عاداتك. قد تعود إلى أيامك السابقة إذاً وسرعان ما تتراكم السعرات الحرارية المستهلكة وتتباطأ وتيرة النشاطات الجسدية، ما يؤدي إلى استرجاع الوزن المفقود في نهاية المطاف".

ما الحل؟

حاول أن تلتزم بحمية صحية في معظم الأيام واسمح لنفسك بالتلذذ بالطعام الذي تحبه من وقتٍ لآخر. في موسم الأعياد تحديداً، قد ترغب في تناول أطباق أو وجبات معينة أو حضور مناسبات إضافية. خطّط لهذه الفترة مسبقاً. لكن يجب أن تُخطط أيضاً للمرحلة التي تعود فيها إلى الأكل السليم.

احمل هذه الفكرة في عقلك خلال الشهر الذي يلي الأعياد وتمسّك بها على مر الأشهر اللاحقة. لا تساوم وتتحايل على نفسك طوال الوقت بل حاول أن تتبنى حمية صحية تسمح لك بالغش من وقتٍ لآخر. في النهاية، ستشعر بالشبع والرضى لأنك تتناول المأكولات التي تحبها وتزيد فرص نجاحك لتحقيق الوزن الذي تصبو إليه.