"مركز التراث" في اللبنانية الأميركية: التراث الرحباني في مرايا غير لبنانية

02 : 00

عقَد مركز التراث اللبناني في الجامعة اللبنانية الأَميركية ندوته الإِلكترونية الرابعة عشرة عن بُعد حول "التراث الرحباني في مرايا غير لبنانية"، تركَّزت حول كتاب "الرحابنة: إِبداعٌ يستعصي على الزمن" الصادر حديثاً في البحرين، جزءاً سنويّاً عاشراً من سلسلة "أَطياف" التي تُصدرها "هيئة البحرين للثقافة والآثار" برئاسة الشيخة مي بن محمد آل خليفة.

أَعدَّ الندوة وأَدارها مدير المركز الشاعر هنري زغيب، واستضاف إِليها باحثِين في التراث الرحباني: من البحرين محرِّرَ الكتاب ومنسِّقَه غسان الشهابي، ومن البحرين أَيضاً عصام الجودر، ومن مصر سيّد محمود.

استهل زغيب الندوة لافتاً الى أن "الأخوين رحباني منذ ثلث قرن يملآن الفضاء الإبداعي أعمالاً متتالية التجدد: أغنيات، وحوارات غنائية، ومسرحيات، وحلقات تلفزيونية، وأمسيات مسرحية وتلـفـزيونية، وأفلاماً سينمائية، حتى بات مستحيلاً تأريخ الحركة الفنية الراقية في لبنان دون تتويجها بأعمال الأخوين رحباني".

الشهابي: تراث الرحبانيين سيبقى جديداً

أوجز محرر الكتاب ومنسقه غسان الشهابي مشروع "أطياف" بأجزائه السنوية العشرة الصادرة حتى اليوم، ورأى أن التجربة الرحبانية "قصر زمانها أفقياً لكنها كانت ربما أعمق مما خطر على قلب صاحبيها، إذ تنسب إليها الأغنية اللبنانية، فضلاً عن إحياء المسرح الغنائي والاستعراضي، وما عاد يشار إلى الموشحات إلا ويترنم المترنمون بما أبدعته هذه التجربة".

وقال الشهابي: "بات للتجربة الرحبانية بصمات على كل ما مرت به، وبات معروفاً أنها تؤثّر، وتغيّر، وتعيد ترتيب الأولويات. فالرحبانيان (عاصي ومنصور) عرفا أنهما يصنعان تاريخاً فنيّاً جديداً في زمانهما، وسيبقى جديداً حاملاً فيه تجدده الداخلي بقدر ما وهباه عمقاً ومحبة وإخلاصاً وبهاء، وبما أسبغا على الكلمة واللحن من تجديد بارع وبما استحضراه من التراث الذي بات شكلاً رحبانـيّاً ينسب إليهما".

محمود: الشعر الرحباني مرتكز على التجديد

تحدّث الباحث سيد محمود عن الشعر الرحباني فاعتبر أنه "خط بياني لرصد تحوّلات الشعر العربي"، وقال: "شيء واحد أجمل من الموسيقى، هو عندما تلتقي العناصر الثلاثة في بوتقة واحدة: اللحن والكلمة والصوت. فائض الطاقة هذا أعطيت موهبته للثلاثي فيروز وعاصي ومنصور، في بداهة تخترق أكثف ظلمة، وفي سخاء حسدتهم عليه الطبيعة".

وأضاف محمود أنّ "مشروع الرحابنة لم يسهم فقط في تطوير الموسيقى العربية، بل في بلورة مشروع موسيقي ذي شخصية مميزة ارتبطت بأيقونة لها حضورها الذي صار تاريخياً: هي السيدة فيروز، بل مشروعهما ذو آفاق امتدت حتى تركت أثرها في تطويرخطاب الشعر العربي، متماهياً مع تحولات شهدها هذا الشعر في الخمسينات والستينات، بتأكيد وجود قصيدة التفعيلة، أو الدفع بقصيدة النثر (تلحينهما النثر كما في "المحبة" لجبران)، فكان الشعر الرحباني أحد مسارات تيارات التجديد التي تناغم تدفقها في فترة زمنية واحدة".

الجودر: التجربة الرحبانية بسيطة ولكن غنيّة

تناول عصام الجودر "البساطة في التجربة الرحبانية"، ورأى أن الرحبانيين "نجحا في الاقتراب من مشاعر الجمهور وأحاسيسه بيسر وسلاسة من دون التنازل عن القيم الفنية التي يؤمنان بها. ففي مجال الموسيقى والغناء لديهما، تكمن البساطة في الإيجاز (المونوفونية) ووحدة الإيقاع والثبات في درجة قوة الصوت والاقتصار على ألوان صوتية محدودة".

وختم الجودر أنّ "توصيف البساطة يشمل الكثير من أعمال الأخوين الغنائية. وأسلوبهما لا يقتصر على استثمار أو تكرار الجملة اللحنية بكثافة في الأغنية الواحدة، بل يتمثل في شكل آخر: أن يكون لحن الـمقدمة هو نفسه لحن المذهب الغنائي".

وكان زغيب أعد للندوة كذلك مع باحثين آخرين: من المغرب سليمان الحقيوي ليتحدث عن تجربة الأخوين رحباني في السينما بأفلامهما الثلاثة ("بياع الخواتم"، "سفر برلك"، "بنت الحارس")، ومن مصر محمد دياب ليتحدث عن فلسطين في التراث الرحباني، إنما تعذر عليهما الدخول الإلكتروني إلى الندوة في توقيت موعدها.


MISS 3