جاد حداد

Bridgerton... قصة خيالية ساحرة لكن سطحية

29 كانون الأول 2020

02 : 00

يُعتبر مسلسل Bridgerton الذي يحمل توقيع كريس فان دوسين ممتعاً بما يكفي، لكنه يتناول مواضيع الحب والزواج والاختلافات الطبقية بأسلوب غير مبتكر.

يعود بنا هذا المسلسل إلى عصر الوصاية على العرش في إنكلترا في العام 1813، وهو يتّسم بتنوعه العرقي أكثر مما تسمح به الأحداث التاريخية. تكون الملكة "تشارلوت" (غولدا روشوفيل) التي يقع الملك في حبها امرأة سوداء ويُمهّد عشقه لها لإضافة أعراق أخرى إلى القصة بدل الاكتفاء بتسليط الضوء على أصحاب البشرة البيضاء في المجتمع البريطاني. لكن تَقِلّ العائلات التي تحمل خلفية عرقية وتستطيع منافسة عائلة "بريدجرتون" القوية والمرموقة. تستعد ابنة هذه العائلة الكبرى "دافني" (فيبي دينيفور) للمشاركة في المناسبات الاجتماعية للمرة الأولى. تتمتع هذه الشابة بخصائص مثالية، فهي ناعمة وجميلة ونحيفة وذكية في كلامها ومتّزنة في تصرفاتها ولطيفة مع الموظفين في القصر ومع عامة الناس والنُخَب الاجتماعية الأخرى، كما أنها تريد أن تصبح زوجة وأماً صالحة. كذلك، تأمل عائلة "بريدجرتون" في أن تبلي "دافني" حسناً خلال موسم الحفلات الراقصة وحفلات العشاء والشاي ومناسبات أخرى تسمح للشبان والشابات بالتعارف وللأهالي بالتناقش حول تفاصيل خطوبتهم. تَصِف الملكة "دافني" بالفتاة "المثالية" في أحد المشاهد الاستعراضية، لكن تستنتج الشقيقة الصغرى "إلويز" (كلوديا جيسي) أن الشابات الأخريات اللواتي يشاركن في المناسبات الاجتماعية في تلك السنة سيواجهن "عدوة مشتركة"، وهي محقة في رأيها. هل سيَجِدْن رجالاً لهنّ إذا بدأ الجميع يغازل "دافني"؟



لا تسير الأحداث طبعاً وفق الخطة الأصلية. تتعلق المشكلة الأولى بوصول الجميلة والغامضة "مارينا تومسون" (روبي باركر)، وهي نسيبة بعيدة من عائلة "فيذرينغتون" التي تُعتبر "سوقية ومزعجة". خلال أول حفلة راقصة في الموسم، تسحر "مارينا" الجميع وتتعثر "دافني" (حرفياً!). يسبّب اصطدامها بدوق "هاستينغز" والعازب الشهير "سايمون" (ريجيه جان بايج) ومحادثتهما المقتضبة ضجة واسعة. تراقب الأمهات الأخريات التطورات طوال الوقت بحثاً عن أزواج لبناتهنّ وينتظرن أي زلة من "دافني" للقضاء على فرص زواجها. حين تدرك "دافني" أن شقيقها الأكبر "أنتوني" (جوناثان بايلي)، الذي اكتسب حديثاً لقب الفيكونت بعد وفاة والدها، مستعد لإبعاد أي مرشحين لا يعتبرهم مناسبين وتكتشف أن "سايمون" غير مهتم بالزواج أصلاً ويريد التخلص من هذا العبء، يتفق الاثنان على خطة مشتركة. إذا تظاهر "سايمون" ودافني" بأنهما يتغازلان، سيتجدد اهتمام الرجال الآخرين بها وتحتدم المنافسة بينهم. في المقابل، ظن "سايمون" أن تقرّبه من "دافني" سيبدد اهتمام النساء به. هما لا يطيقان بعضهما في البداية، لكن يحصل كل واحد منهما على ما يريده طالما لا تعرف الليدي "ويسلداون"، التي تؤدي دور الراوية في المسلسل (بصوت جولي أندروز)، بشأن المخطط بينهما وتفضح أمرهما بأسلوبها الهجومي.

كل من اعتاد على قراءة روايات جاين أوستن أو شاهد أعمال الكوميديا الرومانسية في آخر 30 سنة تقريباً (بدءاً من Pretty Woman (امرأة جميلة) وصولاً إلى Easy A (علامة سهلة))، لن يجد صعوبة في توقّع الأحداث اللاحقة. لكن يهدر Bridgerton وقتاً طويلاً قبل بلوغ هذه المرحلة. يُخصَّص نصف الموسم تقريباً لعرض شخصيات ترقص جنباً إلى جنب بدل الإعلان صراحةً عن رغبة كل واحدة منها. وبعدما تتّضح العلاقات أخيراً، تظهر عوائق كبرى في طريق الحبيبَين لكنها تُعالج لاحقاً بطريقة متسرعة. وبسبب هذا الإيقاع المتفاوت، تشهد الحلقات الأولى مماطلة كبرى ثم تتسارع الأحداث دفعةً واحدة في الحلقات اللاحقة، لا سيما الحبكة الفرعية المرتبطة باكتشاف الهدف الحقيقي من الزواج: الحب بحد ذاته أم إنجاب الأولاد والحفاظ على إرث العائلة؟

أخيراً، يرتكز Bridgerton على معادلة نموذجية مرحة فلا يبتعد عن المفاهيم التقليدية، أبرزها ضرورة إيجاد الحب المثالي بدل الزواج المدبّر، والشعور بالراحة عند التأكد من أن المرشّح للزواج هو رجل فاحش الثراء، وأهمية عيش علاقة جنسية استثنائية ومثالية، وتولي المرأة دور الأم التي تحمي عائلتها تزامناً مع الحفاظ على جاذبيتها ورغبتها الجنسية، والنجاح في عيش حياة سعيدة إلى الأبد. هذه العوامل المألوفة لها جانب ممتع وجاذب لكنها تتخذ أحياناً منحىً مملاً. تقول "دافني" مثلاً في أحد المشاهد وهي تخبط قدمها بالأرض: "أنا سأصبح أميرة"! باختصار، يقدّم Bridgerton أفضل ما لديه حين يركّز على الأجواء الخيالية الساحرة في هذه القصة لكنه يبقى سطحياً عندما يحاول التعمق في المواضيع المطروحة.


MISS 3