جاد حداد

معالجة النوبات القلبية: تغيرات كثيرة منذ عهد أيزنهاور!

13 شباط 2021

02 : 00

خلال الخمسينات، كان الأطباء يعطون المورفين للمصابين بنوبة قلبية ويطلبون منهم أن يرتاحوا في السرير. تختلف تلك التدابير بشدة عن الإجراءات والأدوية المتاحة اليوم...

خلال جولة غولف في خريف العام 1955، شعر الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور بانزعاج وافترض أنه يعاني من عسر هضم. ثم استيقظ في الساعة الثانية فجراً من صباح اليوم التالي وهو يشعر بألم حاد في الصدر، فأعطاه طبيبه الشخصي عدداً من حِقَن المورفين. لم يكشف تخطيط القلب الكهربائي بأن الرئيس أصيب بنوبة قلبية قبل الساعة الواحدة من بعد ظهر ذلك اليوم.

يشير علاج أيزنهاور في تلك الفترة إلى اختلاف كبير في تعامل الأطباء مع أمراض القلب مقارنةً بالحقبة المعاصرة، بعد مرور حوالى 65 سنة. يقول الدكتور توماس لي، طبيب قلب وأستاذ في الطب في جامعة "هارفارد" والمحرر السابق لرسالة هارفارد للقلب: "كان التقدم الذي شهده طب القلب والأوعية الدموية على مر حياة أشخاصٍ لا يزالون أحياء حتى اليوم مدهشاً بمعنى الكلمة". تتعلق أبرز الإنجازات بتحسين العمليات والأدوية وطرح توصيات مستهدفة حول العادات المرتبطة بأسلوب الحياة.

واقع صادم

تغيرت تجربة المستشفى أيضاً بين الماضي والحاضر. خلال الخمسينات، كان مرضى القلب يتوزعون في الأَسِرّة في أنحاء المستشفى، بعيداً عن مراكز الممرضين، حيث تكون الأجواء أكثر هدوءاً ويسهل عليهم أن يرتاحوا. لم تكن أجهزة المراقبة موجودة بالقرب من الأسرّة لأن الأطباء ما كانوا يستطيعون فعل المزيد لإنقاذهم. ولم يكن غريباً أن يجد الممرضون المرضى أمواتاً في أسرّتهم بعد اختلال ضربات قلوبهم. وكانت الأضرار التي تسببها النوبة القلبية تجعل حجرتَي القلب السفليتَين (أي البطينَين) ترتجفان بوتيرة سريعة وغير منتظمة. تُعرَف هذه الحالة باسم الرجفان البطيني وقد تؤدي إلى سكتة قلبية مفاجئة.

لم تظهر الأجهزة التي تبث صعقة كهربائية لتجديد إيقاع القلب الطبيعي قبل أواخر الخمسينات. ثم ظهرت النسخ المحمولة من أجهزة تنظيم ضربات القلب الخارجية والمؤتمتة في أواخر السبعينات، فأصبحت متوافرة في مراكز التسوق والمكاتب والمطارات وأماكن عامة أخرى. وفي العام 1980، ظهرت أول نسخة مصغّرة وقابلة للزرع من جهاز تقويم نظم القلب الذي يوضع تحت الجلد، في أسفل الترقوة.





تحسّن فرص النجاة في الستينات

إذا أصيب أحد بسكتة قلبية، يستطيع أحد المحيطين به أن يضغط بقوة وسرعة على صدره لضمان استمرار تدفق الدم نحو الدماغ إلى حين استعمال جهاز تنظيم ضربات القلب. تطورت تقنية الإنعاش القلبي الرئوي هذه في العام 1960.

شهدت فترة الستينات أيضاً ظهور مفهوم "وحدة العناية التاجية" في المستشفيات. كان مرضى القلب يجتمعون في هذا القسم، حيث يخضع إيقاع قلوبهم لمراقبة متواصلة وتُستعمل تقنية الإنعاش القلبي الرئوي وأجهزة تنظيم ضربات القلب. ساهمت هذه التطورات مُجتمعةً في تراجع حالات الوفاة وسط المصابين بنوبات قلبية إلى النصف.

تحسّن أسلوب الحياة


على غرار 57% من الرجال الأميركيين في العام 1955، كان أيزنهاور يدخّن السجائر. وعندما تعرّض لنوبة قلبية في عمر 62 عاماً، كان يدخّن أربع عُلَب يومياً. لم تذكر "دراسة فرامنغهام للقلب" أن التدخين يزيد مخاطر أمراض القلب قبل العام 1960. اليوم، تراجعت نسبة المدخنين الأميركيين إلى 14% وقد أكد الخبراء حديثاً على ارتفاع نسبة الخطر عند تدخين سيجارة واحدة يومياً.

تُقدّم تجربة الرئيس بيل كلينتون دروساً مفيدة أيضاً. كان كلينتون مصاباً بمشكلة ارتفاع الكولسترول لكنه توقف عن أخذ أدوية الستاتين. أدت هذه الخطوة على الأرجح إلى تفاقم مرضه القلبي، فاحتاج في نهاية المطاف إلى جراحة رباعية لتحويل مجرى الشرايين في العام 2004، حين كان عمره 58 عاماً. بعد فترة قصيرة، بدأ يطبّق حمية نباتية في معظمها. يقول توماس لي: "لقد نجح في تنظيف أسلوب حياته على أكمل وجه وأظن أنه شكّل مصدر إلهام للكثيرين ودفعهم إلى تحسين نظامهم الغذائي".




دراسة فرامنغهام للقلب


في العام 1948، استعانت "دراسة فرامنغهام للقلب" بـ5209 رجال ونساء تتراوح أعمارهم بين 30 و62 عاماً وكانوا يقيمون في بلدة تقع في غرب بوسطن.

من خلال مراقبة هؤلاء المتطوعين عن قرب، تمكن الباحثون من تحديد أبرز عوامل الخطر المُسبّبة لأمراض القلب والأوعية الدموية. بالإضافة إلى اعتبار التدخين جزءاً من تلك العوامل في العام 1960، برزت استنتاجات أساسية أخرى ترتبط بأسلوب الحياة في العام 1967، منها تراجع مخاطر أمراض القلب بفضل النشاطات الجسدية وزيادة نسبة الخطر بسبب البدانة. ونُشِرت أدلة مفادها أن العوامل النفسية والاجتماعية، مثل الضغط النفسي والغضب، قد تؤثر على مخاطر أمراض القلب في العام 1978.

تقدّم هذه الدراسة أيضاً معلومات قيّمة حول دور الكولسترول، وضغط الدم، والعمر، والجنس، والعوامل الوراثية. في العام 1971، بدأت الدراسة بإشراك مجموعات إضافية من المتطوعين، بما في ذلك أولاد وأحفاد المجموعة الأصلية، فضلاً عن مجموعتَين جديدتَين من المشاركين المتنوعين عرقياً.

نصيحة أخيرة

لا تتجاهل ألم الصدر لأي سبب ولا تفترض أنه مجرّد عسر هضم، ولا تتوقف عن أخذ دواء الستاتين إذا كنت معتاداً عليه. لكن في الوقت نفسه، لا تُحوّل هذه المسألة إلى هوس. في النهاية، حتى رئيس الولايات المتحدة فضّل تصديق أمنياته قبل أن يعترف بوجود مشكلة!


MISS 3