الشاي... هل يحسّن الروابط داخل دماغنا؟

11 : 30

Young mother and her little daughter at home at sunny morning. Soft pastel colors. Happy family time on weekend. Mother's Day concept. Family, love, lifestyle, motherhood and tender moments concepts.

بحثت دراسة جديدة عن اختلافات في روابط الدماغ لدى أشخاص يشربون الشاي بانتظام وآخرين نادراً ما يشربونه. تبدو النتائج واعدة، لكن لا بد من إجراء أبحاث كثيرة بعد!

حين تبحث على الإنترنت عن آثار الشاي الصحية، ستجد مئات المنافع المزعومة. لكن رغم المعتقدات الشائعة التي تفترض أن الشاي يشفي من جميع الأمراض، يصعب إيجاد أدلة وافية لإثبات هذه الادعاءات، وتزيد الصعوبة عند البحث عن منافع الشاي على صحة الدماغ.

رغم غياب أي أدلة جازمة، رصدت دراسات سابقة بعض الروابط بين شرب الشاي والصحة النفسية. كشفت دراسة منها مثلاً أن أعراض الاكتئاب تكون أقل شيوعاً لدى كبار السن إذا كانوا يشربون الشاي بوتيرة منتظمة ومتكررة. واستنتجت دراسة أخرى بلغ عدد المشاركين فيها 2501 أن استهلاك الشاي بانتظام يرتبط بتراجع مخاطر الاختلال أو التراجع المعرفي.

ركّز بعض الباحثين على منافع معرفية محددة للشاي. اقتصرت إحدى التجارب على 58 مشاركاً، ولاحظت أن الشاي الأسود يحسّن مستوى الانتباه واليقظة.

تضيف أحدث الأبحاث في "جامعة سنغافورة الوطنية" معلومات أخرى إلى الأدلة القليلة المتاحة راهناً. نشر الباحثون نتائج دراستهم في مجلة "الشيخوخة".

يطبّق البحث الأخير مقاربة مختلفة. بدل التركيز على القياسات المعرفية أو النفسية، استكشف الباحثون الروابط الدماغية بناءً على مقاييس عامة وموضعية تشتق من تقنيات التصوير البنيوية والوظيفية. بعبارة أخرى، أرادوا أن يعرفوا إذا كانت خطوط التواصل داخل أدمغة مستهلكي الشاي منظّمة بدرجة إضافية.كما ركّز الباحثون تحديداً على الروابط في "شبكة الوضع الافتراضي". تربط هذه الشبكة الكبيرة عدداً من المناطق الدماغية ببعضها، ويُقال إنها تؤدي دوراً مؤثراً في مجموعة واسعة من العمليات، منها تطوير الشعور بالذات، والتعاطف، والتفكير الأخلاقي، وتخيّل المستقبل.

لا يفهم العلماء بعد نطاق وظائف شبكة الوضع الافتراضي بالكامل، لكن يظن بعضهم أنها تؤثر على شيخوخة الدماغ وعدد من المشاكل العصبية.

استكشفت الدراسة الأخيرة أيضاً ما يسمّيه الباحثون "عدم تماثل نصف الكرة المخية"، ما يعني أن خطوط التواصل بين المناطق الدماغية لا تنتشر بالتساوي على جانبَي الدماغ.

وقد قرر العلماء التركيز على هذه النقطة لأنهم استنتجوا في بحثهم السابق أن عدم تماثل الروابط الدماغية قد يرتبط أيضاً بشيخوخة الدماغ.دراسة محدودة

اقتصر عدد المشاركين في الدراسة الجديدة على 36 راشداً في عمر الستين وما فوق. قدّم كل مشارك معلومات عن وضعه النفسي وصحته العامة وأسلوب حياته وخضع للتصوير بالرنين المغناطيسي، ثم قاس العلماء إيقاعاته العصبية والنفسية عبر مجموعة اختبارات.

فقسّم العلماء المشاركين بين مستهلكي الشاي الدائمين (15 شخصاً) وأفراد لا يشربون أي نوع من الشاي أو نادراً ما يشربونه (21 شخصاً). اقتصر عدد النساء على ست. لكن لم تختلف كمية القهوة التي استهلكها المشاركون في المجموعتين.

قارن الباحثون نتائج القياسات العصبية والنفسية والمعرفية بين المجموعتين. في 11 اختباراً من أصل 12، لم تبرز أي اختلافات مهمة. لكن عندما حللوا الروابط الدماغية، لاحظوا بعض الاختلافات: بدت الروابط الوظيفية والبنيوية أفضل حالاً في أدمغة مستهلكي الشاي بسبب زيادة فعالية الشبكة العامة.

يوضح المشرف على الدراسة، فانغ لي: "لنقارن الوضع بحركة المرور مثلاً ولنعتبر المناطق الدماغية الوجهات النهائية، والروابط بينها الطرقات. عند تحسين طريقة تنظيم الطرقات، تزيد فعالية حركة السيارات والركاب مقابل تراجع الموارد المستعملة. بالطريقة نفسها، تزيد فعالية معالجة المعلومات حين يتحسن تنظيم الروابط بين المناطق الدماغية".

لكن هذه الدراسة قارنت أدمغة 36 فرداً فقط. وبناءً على هذه العيّنة الصغيرة، لا يمكن استخلاص استنتاجات مؤكدة. ربما برزت اختلافات بين المجموعتين بالصدفة.

وبما أن الدراسة مبنية على المراقبة، لا يمكن استبعاد تأثير عوامل أخرى على الاختلافات المسجّلة في الروابط الدماغية. ربما يشرب شخص اجتماعي كمية كبيرة من الشاي لأنه يزور أصدقاءه وأفراد عائلته بشكل متكرر. قد تكون الحياة الاجتماعية الناشطة والمحادثات المنتظمة كافية لتغيير الشبكات الدماغية على مر السنين.

بشكل عام، ترتكز الدراسات التي تستكشف المنافع الصحية للشاي على المراقبة أو تستعمل عيّنة صغيرة. ورغم المقاربة المتطورة في الدراسة الأخيرة، إلا أنها تبقى محدودة ولا يمكن أن تتوصل إلى استنتاجات موثوق بها، وقد أخذ الباحثون بالاعتبار متغيرات قليلة في تحليلهم.


MISS 3