جاد حداد

Fatherhood... قوّته بممثليه

23 حزيران 2021

02 : 00

يقدّم الممثل كيفن هارت أداءً صادقاً جداً في فيلم Fatherhood (الأبوة). هو يظهر في معظم المشاهد ويعطي الفيلم قيمة تفوق ما يستحقه. يحمل العمل توقيع المخرج بول وايتز الذي يشارك في كتابة السيناريو إلى جانب دانا ستيفنز. تترافق تجربة الأبوة مع خيبات أمل كبرى ويجيد هارت تقديم دور الأب الحزين "مات" على أكمل وجه. هو معروف أصلاً بهذه الأدوار، فيعكس مشاعر الغضب ببراعة توازي موهبة جاك بيني في أداء دور الرجل البخيل. حتى أنه يتألق في المشاهد التي تجمعه بممثلين عظماء مثل ألفري وودارد التي تجسّد شخصية حماته "ماريان". كذلك، تجمعه كيمياء رائعة مع "سوان" (ديواندا وايز). الأهم من ذلك هو أن هارت يُطوّر علاقة مميزة مع الطفلة الموهوبة ميلودي هيرد التي تؤدي دور ابنته "مادي"، بعد سلسلة من المواقف الفوضوية التي ترافق تجربة الأبوة في مراحلها الأولى.

تترافق هذه المشاهد مع مواقف مضحكة شاهدناها في عدد هائل من الأفلام. في لحظات معينة، تظهر مشاهد مألوفة حيث يعجز الرجال عن تغيير حفاضات الأطفال أو إسكاتهم خلال نوبات البكاء. يكون "مات" غير ناضج وغير كفوء في هذه المسائل لدرجة أن تطالبه حماته "ماريان"، بتسليمه الطفلة كي تربّيها بنفسها بعد دفن زوجته مباشرةً. تظن والدة "مات" من جهتها أن ابنها يجب أن يعود إلى "مينيسوتا" على الأقل للبقاء على مسافة قريبة من العائلتَين. لكن يريد "مات" الاحتفاظ بوظيفته الراهنة والمنزل الذي يُذكّره بزوجته "ليز" ومدينته الأم. هو يريد أيضاً أن يتابع التسكع مع صديقيه "جوردن" (ليل ريل هاوري) و"أوسكار" (أنتوني كاريغان).



يُعتبر "جوردن" و"أوسكار" أول مؤشر على تشابه هذا الفيلم مع المسلسلات الكوميدية التي كانت شائعة خلال الثمانينات. هما يشبهان رجال الكهف البغيضين والجاهلين والعنيدين الذين لا يتوقفون عن الثرثرة. يتكلم "أوسكار" تحديداً لدرجة ألا يعرف إلا العبارة الكرواتية التي تعني "اصمت" لأن زوجته تقولها له دوماً. أما "جوردن"، فهو يبدي تعليقات غير مناسبة في أولى مشاهد الفيلم خلال جنازة "ليز"، فينسف أي شكل من العواطف الصادقة التي أراد المخرج وايتز التعبير عنها حين يقاطع خطاب التأبين الذي يحاول "مات" إلقاءه بأسلوب مؤثر وحزين. قد يكون "أوسكار" الدافع وراء لقاء "مات" و"سوان"، لكنه يعكس مع "جوردن" الجانب الكوميدي الذي يسبب نفوراً لدى المشاهدين. حين تقول "ماريان" لزوج ابنتها "مات" إن صديقَيه غريبا الأطوار، لا يعكس كلامها إلا جزءاً بسيطاً من الحقيقة.

بالإضافة إلى التجارب والمِحَن التي يختبرها الآباء حين يضطرون لتربية أولادهم وحدهم، يحاول فيلم Fatherhood طرح مجموعة أخرى من المواضيع. تتطرق المشاهد أحياناً إلى مسائل مثل اختيار الملابس على أساس الجنس، وغياب جماعات الدعم للآباء العازبين، والحياة المهنية والعائلية في هذه الظروف، لكنها تبقى سطحية ومتسرعة. يؤدي بول رايزر دور رب عمل "مات" الذي يظهر في البداية كشخصية معادية، على غرار "ماريان". تشمل مشاهد المكتب "مؤتمراً مهماً" يقاطعه بكاء الطفلة، لكن يخلو المشهد من أي تشويق أو جدّية لأنه يبقى سطحياً. تنطبق هذه الصفات على مشاهد المدرسة الكاثوليكية حيث تشعر راهبة صارمة بالاستياء لأن "مات" لا يلتزم بإلباس ابنته الزي الرسمي المؤلف من تنورة وقميص. تريد "مادي" أن ترتدي سروالاً وملابس داخلية خاصة بالفتيان، وهو مؤشر استقلالية كان يمكن تطويره بطريقة مختلفة.

الهدف من شخصية "سوان" هو إيصال "مات" إلى اللحظة المتوقعة حيث يرغب بطل القصة في تمضية الوقت مع شخص راشد آخر، لكن تحمل شخصيتها على الأقل بُعداً أكثر عمقاً من غيرها وتقول بعض العبارات الحذقة. تكون صداقتها العميقة مع "مادي" دافئة وودّية. وحين تخرج الأمور عن السيطرة في علاقتها مع "مات"، تكون مشاعرها صادقة لدرجة أن يؤثرا بالمشاهدين بكل سهولة. تقدم وايز في هذا الدور أداءً ممتازاً فتعطي رونقاً مميزاً للمشاهد مع كل إطلالة لها، وهي مرحة بما يكفي كي تقنع المشاهدين بقدرتها على سرقة الأضواء من نجوم الفيلم. كذلك، يخطف فرانكي فايسون الأضواء بدور والد زوجة "مات".

أخيراً، يقدّم فيلم Fatherhood أجمل لحظاته حين يجتمع كيفن هارت وميلودي هيرد على الشاشة. يعكس الممثلان أعلى درجات الحب المتبادل بين "مات" و"مادي" بكل سلاسة ووضوح، حتى في أكثر المشاهد كوميدية. هارت ممثل بارع وهو يجيد التنقل بين الكوميديا والدراما (يكفي أن نشاهد فيلمه الرائعAbout Last Night (عن الليلة الماضية)). وعندما يبدأ التشكيك ببراعته كأب، لا مفر من أن يشعر المشاهدون بالمخاوف التي تنتابه. من الواضح أن طاقته وطيبته تسهمان في تقوية هذا الفيلم، ولو بدرجة بسيطة. مع ذلك، لا يمكن الإغفال عن شوائب العمل لأن الفيلم كان ليصبح مختلفاً بالكامل لو أنّ صانعيه كتبوه بطريقة تناسب كيفن هارت بدل التعامل معه وكأنه شخص يمكن استبداله بأي ممثل آخر.


MISS 3