في يوم العربية العالمي، والمخصص "للتواصل الحضاري" (حسب اهداف العيد لهذه السنة)، جعل كتاباً فرنسيين يتحققون من أن لفظ: الموسلين" (moussline) يتأتى من مدينة الموصل، و(sorbet) من "الشورباء"، و"الصُّدفة" (hasard) من لعبة الزهر، والمحل التجاري (magasin) من "المخزن"، و"الغيتار" (guitare) من "القيثارة" المتأتي بدوره من اليونانية القديمة، وغيرها...
بل فحص أحد الدارسين الفرنسيين حال الألفاظ الفرنسية المأخوذة من العربية، فوجد انها تفوق عدد الالفاظ المأخوذة من لغة "اهل الغال"، أي أجداد الفرنسيين القدماء.
وفي الإمكان إضافة غيرها، معروفة ومشهورة، مثل: علم "الجبر" و"الخوارزميات" وغيرها.
هذا "التواصل" القديم شمل منتجات استعمالية، مثلما شمل علوماً وغيرها.
وهو ما اتسعَ في تالي القرون، ولا سيما ابتداء من القرن التاسع عشر، من جهة العربية، حيث انفتحت الثقافة العربية و"تواصلت" مع غير لغة ولغة، بعد اكتفاء ذاتي حصرَها بعيدة عن مجريات الحضارة بتجلياتها وإنتاجاتها المختلفة.
هذا ما يتزايد ويتعاظم في العقود الثلاثة الأخيرة، مع سياسات ترجمة (بدعم من حكومات عربية، بين مصر وبعض دول الخليج)، تقوم على ترجمة "مصنفات" في الآداب والعلوم الإنسانية من لغات غربية.
الا ان ما يتحقق محدودٌ (عدا قيمته)، ويفتقر إلى نشره وبلوغه مستويات التعليم نفسها، لا سيما الجامعية منها.
إلا ان التسريع المستحسَن في الترجمة قد يعني عند بعضهم (من طلاب وباحثين ومثقفين) الاكتفاء بحاصل الترجمة، وهو ما يمكن التحقق منه في كثير من الأطروحات أو البحوث العربية الجديدة.
لا أريد أن أناقش، هنا، قيمة هذا الحاصل العلمية والثقافية، إذ تعتوره مشاكل في الترجمة، من جهة، وفي التلقي، من جهة ثانية.
ذلك انني اريد ان أشدد على لزوم تعلم اللغات الأجنبية، لا سيما في التعليم العالي.
فالترجمة -حتى لو كانت دقيقة- ليست سوى حل ثانوي في مسائل التقدم الحضاري. ويحتاج مثل هذا التقدم إلى تعلم العلوم في لغاتها، من جهة، وإلى تمكين العربية وحسن تلقيها لهذه العلوم في أبنيتها الخصوصية، من جهة ثانية.