غالباً ما تظهر أعراض النوبة القلبية التقليدية، مثل ضيق الصدر وصعوبة التنفس، حين يعيق شريان تاجي مسدود جزءاً من كمية الدم التي تصل إلى القلب. لكن قد تظهر الأعراض نفسها حتى لو كانت الشرايين التاجية مفتوحة. تكون متلازمة القلب المنكسر مسؤولة عن جزء من هذه الحالات. تُعرَف هذه الحالة غير الشائعة باسم "متلازمة تاكوتسوبو" أو "اعتلال عضلة القلب الإجهادي" وتنجم عموماً عن إجهاد عاطفي أو جسدي حاد نتيجة وفاة أحد الأقارب مثلاً، أو الإصابة بمرض خطير، أو الخضوع لجراحة، أو مواجهة كارثة طبيعية. تبرز مسببات محتملة أخرى، منها الشجار القوي، أو الخسائر المادية، أو الخوف الشديد، أو حتى اللحظات العاطفية السعيدة (في حالات نادرة) كما يحصل مثلاً خلال الأعراس أو الحفلات المفاجئة.
تقول الدكتورة ماليسا وود، مديرة "برنامج كوريغان لصحة قلب النساء" في مستشفى "ماساتشوستس" العام التابع لجامعة "هارفارد": "قد يؤدي الإجهاد المفاجئ والحاد إلى إنتاج فائض من الأدرينالين الذي يطلق سلسلة تغيرات سريعة بدأنا نكتشفها للتو على مستوى القلب". تؤثر هذه التغيرات على خلايا عضلة القلب والأوعية الدموية، ما يؤدي إلى تغيير موقّت في شكل البطين الأيسر (أهم حجرة لضخ الدم في القلب). في هذه الحالة، يضطر القلب لبذل جهد غير مألوف، ما يؤدي إلى اشتداد الألم في الصدر وضيق التنفس.
قلب متغيّر الشكلفي بداية التسعينات، وصف الأطباء اليابانيون للمرة الأولى الحالة التي تجعل البطين الأيسر في القلب يتخذ شكلاً غير مألوف، فيتضيّق عنقه وتصبح قاعدته دائرية. يشبه هذا الشكل "وعاء الأخطبوط" المصنوع من الطين (كان الصيادون يستعملونه تقليدياً لالتقاط الأخطبوط).
بما أن متلازمة تاكوتسوبو تظهر في معظم الأحيان بعد لحظات عاطفية مشحونة، مثل الأحزان المفجعة أو الإجهاد المفرط، حملت هذه الحالة اسم متلازمة القلب المنكسر أو اعتلال عضلة القلب الإجهادي. قد تتسارع المشكلة بسبب الإجهاد الجسدي بعد التعرض لحادث أو مرض أو جراحة، لكن لا يمكن رصد سبب معيّن في 20% من الحالات.
النساء في منتصف العمر
من الفئات المستهدفة
تبدو متلازمة تاكوتسوبو أكثر شيوعاً بكثير لدى النساء، وقد لا تكون نادرة بقدر ما يظن الكثيرون. في دراسة نشرتها "مجلة جمعية القلب الأميركية" في 19 تشرين الأول 2021، استعان الباحثون ببيانات أكثر من 135 ألف شخص مصاب بالمتلازمة في أحد المستشفيات بين العامين 2006 و2017، فاكتشفوا أن عدد الإصابات ارتفع بوتيرة ثابتة خلال تلك الفترة. زادت تشخيصات الحالة بوتيرة أسرع بست إلى عشر مرات في فئة النساء بين عمر الخمسين والرابعة والسبعين مقارنةً بالمجموعات السكانية الأخرى.
توضح وود: "بشكل عام، أصبحنا أكثر قدرة على تشخيص جميع أنواع النوبات القلبية لدى النساء. قبل العام 2000، كانت تشخيصات أمراض القلب لدى المرأة قليلة. وتعكس زيادة الإصابات بمتلازمة تاكوتسوبو منذ تلك الفترة زيادة الوعي حول هذه الحالة بين أطباء القلب. ستكون مراقبة تغيّر عدد الإصابات في زمن كورونا تجربة مثيرة للاهتمام نظراً إلى حجم الإجهاد العاطفي والجسدي الذي يختبره الناس اليوم".
تشخيص القلب المنكسرحين يحضر الناس إلى قسم الطوارئ في المستشفى بسبب شعورهم بألم في الصدر، غالباً ما يخضعون لتخطيط القلب الكهربائي وعدد من فحوصات الدم. لكن عند الإصابة بمتلازمة تاكوتسوبو، قد تبدو نتائج تلك الفحوصات مشابهة لنتائج النوبة القلبية العادية. لهذا السبب، يتكل الأطباء على تخطيط صدى القلب لرصد أي تغيّر بارز في شكل القلب، مع أن الوضع قد يستلزم أحياناً إجراء فحوصات غازية أخرى لاستبعاد النوبة القلبية التقليدية.
يكون التاريخ الطبي مؤثراً أكثر من العوامل الأخرى. قد يقع الحدث القلبي بعد دقائق أو ساعات على ظهور الأعراض. تتلاشى الأعراض سريعاً بفضل العلاج، لكن قد يستمر الخلل في القلب طوال أسابيع. مع ذلك، لن يكون الضرر دائماً في معظم الحالات بل يتعافى معظم الناس بالكامل خلال شهر واحد.
