واشنطن لا تستبعد غزواً روسيّاً خلال أيّام

أوكرانيا تحبس أنفاس أوروبا والعالم

02 : 00

جنود أميركيّون في رومانيا أمس (أ ف ب)

عادت طبول الحرب لتُقرع بقوّة أكثر من أي وقت مضى على أبواب أوكرانيا الشرقية والشمالية والجنوبية، مع وصول الجهود الديبلوماسية إلى طريق مسدود واكتمال الحشود العسكرية الروسية الكافية لتنفيذ اجتياح كامل للأراضي الأوكرانية، حيث كشف مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أمس أن غزواً روسيّاً لأوكرانيا قد "يحصل في أي وقت"، وحتّى قبل انتهاء أولمبياد بكين الشتوي المقرّر في 20 شباط، مؤكداً ما صرّح به وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في وقت سابق، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار النفط وتراجع الأسهم الأميركية.

وإذ حذّر سوليفان من أنّ غزواً عسكرياً روسياً لأوكرانيا تتخلّله حملة غارات جوّية و"هجوم خاطف" على كييف بات "احتمالاً فعلياً جداً" خلال الأيام المقبلة، دعا الأميركيين المتواجدين في أوكرانيا إلى مغادرتها "في غضون 24 إلى 48 ساعة"، مشيراً في الوقت عينه إلى عدم اتخاذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قراراً نهائيّاً في شأن الغزو. وقال: "مهما حصل، فإنّ الغرب موحد أكثر من أي وقت مضى في السنوات الأخيرة، وقد تعزّز حلف شمال الأطلسي"، محذّراً موسكو من أن نفوذها سيتراجع في حال قرّرت غزو أوكرانيا.

وبينما باتت أوكرانيا تحبس أنفاس "القارة العجوز" والعالم، كشفت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين خلال مؤتمر عبر الفيديو مع الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة غربيين أن عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا ستستهدف قطاعَيْ المال والطاقة، إضافةً إلى صادرات التكنولوجيا المتطورة، في حال اتخذت موسكو قرار الحرب مع أوكرانيا، فيما أكدت برلين أنّ القادة الغربيين تعهّدوا فرض "عقوبات سريعة وجذرية" في حال حصول انتهاكات جديدة لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها.

كذلك، أعلن "داونينغ ستريت" أنّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أبلغ حلفاءه الغربيين خلال الاجتماع الافتراضي الذي ضمّ قادة الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وبولندا ورومانيا وفرنسا وألمانيا ومجلس أوروبا والمفوضية الأوروبّية و"حلف شمال الأطلسي" بأنّه "قلق على أمن أوروبا في الظروف الراهنة"، في وقت طلبت فيه بريطانيا من مواطنيها مغادرة أوكرانيا فوراً لدواع أمنية. كما أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنّها ستُجلي عائلات ديبلوماسييها وموظفي سفارتها في كييف بسبب "تدهور الوضع".

وفيما توقع البيت الأبيض أنّ يُجري بايدن مكالمة هاتفية مع بوتين في محاولة لثنيه عن غزو أوكرانيا، أعلن قصر "الإليزيه" أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيتّصل هاتفياً بنظيره الروسي ظهر اليوم للبحث في الأزمة الروسية - الأوكرانية التي تُريد الدول الغربية حلّها "بالطرق الديبلوماسية والحوار والردع".

وبعد اجتماع مع نظرائه من تحالف "الحوار الأمني الرباعي" الأسترالي والهندي والياباني (كواد) في ملبورن، قال بلينكن: "نحن في إطار قد يبدأ فيه غزو في أي وقت، ولأكون واضحاً، يشمل هذا وقت الألعاب الأولمبية"، مضيفاً: "ببساطة، لا نزال نرى مؤشرات مقلقة تُنذر بتصعيد روسي". ويأتي إعلان بلينكن في وقت دعا فيه بايدن مواطنيه إلى مغادرة أوكرانيا فوراً، وقال خلال مقابلة مسجّلة مسبقاً مع شبكة "إن بي سي نيوز": "نحن نتعامل مع أحد أكبر الجيوش في العالم. هذا وضع مختلف جدّاً، والأمور يُمكن أن تُصبح جنونية بسرعة".

وكرّر بايدن أنه لن يُرسل تحت أي ظرف قوات إلى الميدان في أوكرانيا، حتّى من أجل إجلاء أميركيين، في حال حصول غزو روسي للبلاد، معتبراً أن الأمر سيكون بمثابة "حرب عالمية عندما يبدأ الأميركيون والروس بإطلاق النار على بعضهم. نحن في عالم يختلف كثيراً" عمّا كان عليه سابقاً، في حين أرسلت روسيا 6 سفن حربية عبر مضيق البوسفور لإجراء مناورات بحرية في البحر الأسود وبحر أزوف المجاور، بينما دانت كييف نشر السفن واعتبرت ذلك مسعى "غير مسبوق" لقطع أوكرانيا عن البحرَيْن.

تزامناً، أطلقت كييف تدريبات عسكرية يتوقع أن تكون ردّاً على المناورات الروسية البرّية والبحرية على أكثر من جبهة، فيما أعلن الجيش الأميركي نقل مقاتلات "أف 16" من ألمانيا إلى رومانيا "لتعزيز الأمن الإقليمي"، بالتزامن مع قرار واشنطن إرسال 3000 جندي أميركي إضافي إلى بولندا "في الأيام المقبلة". كما وصلت قاذفات أميركية استراتيجية من طراز "بي 52" إلى المملكة المتحدة الخميس للمشاركة في مناورة "مخطّط لها منذ فترة طويلة" مع الحلفاء في "حلف شمال الأطلسي"، بحسب ما أعلن سلاح الجو الأميركي في بيان. بالتوازي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن رئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف بحث مع نظيره الأميركي مارك ميلي قضايا الأمن الدولي.

إلى ذلك، اعتبر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن العلاقات بين لندن وموسكو بلغت أدنى مستوياتها، وذلك خلال لقائه نظيره البريطاني بن والاس في موسكو. وقال شويغو: "للأسف، مستوى تعاوننا قريب من الصفر وسيتراجع قريباً دون هذا المستوى ويُصبح سلبيّاً، وهو أمر غير مرغوب فيه"، مطالباً الغربيين بالكف عن إرسال أسلحة إلى أوكرانيا. لكنّ والاس بدا أكثر تفاؤلاً من شويغو، معتبراً أن المحادثات بين الجانبَيْن كانت "بناءة" وأن العلاقات بين لندن وموسكو "فوق مستوى الصفر".


MISS 3