دعا إلى انتفاضة لتحرير القضاء من السلطة السياسية

سليمان لـ"نداء الوطن": لإنشاء مجلس للقضاء العدلي والإداري والمالي

02 : 00

القضية ليست قضية "قبضايات"

حضّ الرئيس السابق للمجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان القضاة على انتفاضة لتحرير القضاء من السلطة السياسية، معتبراً أنّ استقلالية القضاء شرط أساسي لاستعادة الثقة به بعد الحالة التي وصل إليها والتشرذم الحاصل، واستعادة الثقة بالقضاء شرط أساسي لاستعادة الثقة بالدولة ولتحقيق العدالة التي هي بدورها شرط أساسي لتحقيق الاستقرار والازدهار والخروج من الأزمة الراهنة.

وأكّد سليمان لـ»نداء الوطن» أن استقلالية القضاء تقتضي تحرير القضاء والقضاة من السلطة السياسية، وهذا لن يتحقق إلّا بتحمّل القضاة مسؤولية إدارة شؤونهم عن طريق انتخاب أعضاء مجلس القضاء الألى، لافتاً إلى أن اقتراح القانون المطروح على الهيئة العامة لمجلس النواب نصّ على انتخاب القضاة 7 أعضاء من أصل 10 في مجلس القضاء الأعلى، أما الأعضاء الحكميون الثلاثة: رئيس مجلس القضاء الأعلى، مدعي عام التمييز ورئيس هيئة التفتيش القضائي، فيعيّنهم مجلس الوزراء لمدة 4 سنوات، إلّا أنّ الاقتراح هذا شهد جدلاً فأعيد إلى لجنة الإدارة والعدل.

سليمان تحدّث عن مشكلة أساسية تتمثل في وجود اتّجاهين بين القضاة أنفسهم، فقسم يعتبر أنه لا يجوز تحويلهم إلى هيئة ناخبة لانتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى، إذ من شأن ذلك إحداث انقسام في صفوفهم، على غرار ما يجري في كل الهيئات الناخبة حيث يتصارع فريقان أو أكثر، وقسم يدعو إلى استقلالية القضاء ويعتبر أن هذه الاستقلالية رهن بانتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى وتحمل مسؤولية إدارة شؤون القضاء من قبل القضاء نفسه في المجال الإداري والمالي وبخاصة لجهة تعيين القضاة وإجراء التشكيلات القضائية خارج أي تدخلات سياسية. لكني شخصياً أعتبر أنّ استقلالية القضاء يجب ألّا تقتصر على القضاء العدلي فقط بل يجب أن يكون هناك مجلس أعلى للقضاء يتولى شؤون القضاء العدلي والاداري والمالي، ويفترض بالقضاة أن يكونوا على المستوى المطلوب ويمارسوا عملية الانتخابات بروح ديموقراطية وبمسؤولية عالية نظراً للمهمات الملقاة على عاتقهم، ومستواهم العلمي والثقافي وقدرتهم على الترفع عن حساسيات الصراعات الانتخابية. لذلك أنا مع إنشاء مجلس للقضاء العدلي والاداري والمالي يتولّى شؤون كل القضاة باستقلالية تامة عن السلطة السياسية. وشدّد سليمان على وجوب أن تحسم الأمور سريعاً، ألّا يبقى اقتراح القانون يتنقّل بين لجنة الإدارة والعدل والهيئة العامة إلى ما شاء الله اذ لا يجوز أن يبقى القضاء على ما هو عليه اليوم.

وأكد أن القضية ليست قضية «قبضايات» بل تتطلّب تحمّل المسؤولية واتخاذ خطوة جريئة باتجاه استقلالية السلطة القضائية ومعاملة القضاء كسلطة في لبنان، وتحدّث عن ثغرة في الدستور حيث إنّ المادة 20 تتحدث عن استقلالية القضاة كقضاة بإصدار الاحكام ولم تتحدث عن استقلالية السلطة القضائية كسلطة قائمة بحدّ ذاتها، مشيراً إلى انتهاك السلطة المادة 95 من الدستور التي نصّت على عدم توزيع القضاة على المحاكم على أساس طائفي ومذهبي وعدم تكريس أي وظيفة خاصة بالقضاء لأي طائفة، فهذا النص لم يحترم من قبل السلطة السياسية لذلك نرى الأمور تذهب منذ ثلاثين سنة إلى اليوم في اتجاه تكريس مراكز في القضاء لطوائف محددة، وعندما يكرّس مركز لطائفة معينة في القضاء يصبح زعيم الطائفة هو من يعيّن ويتحكّم بتعيين القضاة وصدور المرسوم عن مجلس الوزراء يصبح نوعاً من الإخراج، وهذا أدّى إلى شرذمة القضاء ووضع يد السلطة السياسية عليه. لذلك المطلوب اليوم انتفاضة لتحرير القضاء من السلطة السياسية وهذا يتطلّب الذهاب بشكل جدي إلى استقلالية القضاء. ورأى سليمان في مشروع لجنة الادارة والعدل خطوة جدية في طريق تحقيق استقلالية القضاء إلّا أنّها غير كافية لكنّه شجع على أن نخطوها إن كنّا غير قادرين على خطوة أكبر.

وقال: فلتكن هذه الخطوة على أساس أن تحصل خطوة ثانية متقدمة في المستقبل أكبر منها، لكن أن يبقى الجدل وينتقل البحث في الموضوع من لجنة الإدارة والعدل إلى مجلس القضاء إلى الهيئة العامة ويشهد الدورة نفسها من دون أن يتم البتّ فيه فهذا غير جائز إطلاقاً».