يتضمن هذا الكتاب قراءة كريم مروّة لمواقف وآراء مجموعة من رواد الإصلاح الديني من مطالع القرن التاسع عشر حتى أواخر القرن العشرين، ويرى المؤلف في أسماء هؤلاء الروّاد واستحضار مواقفهم وآرائهم في الدين نقيضاً لما ساد ولا يزال يسود في عالمنا العربي وفي العالم الإسلامي من فهم للدين يتعارض مع قيمه الإنسانية، لا سيما من قبل بعض المؤسسات الدينية هنا وهناك وهنالك، وبالأخص من قبل الحركات السلفية المجرمة كالقاعدة وداعش وسواهما، وقد أدّى هذا الاستخدام السيئ للدين إلى أمرين خطيرين؛ يتمثل الأمر الأول بجعل الدين الإسلامي خصوصاً عاملاً متناقضاً مع التقدم والحضارة وحرية الإنسان، من خلال جعل البدع والخرافات تسيطر على جماهير المؤمنين وتضعهم في خدمة أنظمة الإستبداد، ويتمثل الأمر الثاني كما يرى المؤلف في ما شهدناه ولا نزال نشهده منذ الحكم العثماني وصولاً إلى زمن الإستقلال، بعد انهيار السلطنة من مظاهر التخلف في شتى مجالات الحياة وسيادة الصراعات بطابعها المتخلف وجعل بلداتنا على وجه الخصوص تعاني، كما تشير إلى ذلك الوقائع من انهيار كامل لمؤسسات الدولة وجعل شعوبنا أسيرة الفقر والجوع والإذلال.
ضمن هذا الهم المعرفي والإنساني يوضّح المؤلف الأسباب التي جعلته يستحضر أسماء هؤلاء الرواد بعد أن غابت أو تكاد إنجازاتهم في الإصلاح الديني تغيب، ولذلك يرى أنّ من الضروري العودة إلى ذلك التاريخ المجيد، لا سيما في عالمنا العربي من أجل إظهار ما قام به هؤلاء الرواد، وجعل حركة الإصلاح الديني جزءاً من حركة عامة تطال مختلف جوانب الحياة واستنهاض القوى القومية واليسارية لتجديد ذواتها وأفكارها، والمساهمة في عملية تحرير بلداننا مما هي فيه أسوأ حالاتها.