خالد العزي

أوكرانيا وعضويّتها في الإتحاد الأوروبي

16 حزيران 2022

02 : 05

تظاهرة مؤيّدة لإنضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي أمام مقرّ المفوضية الأوروبّية في بروكسل الأحد الماضي (أ ف ب)

بدأت بروكسل مناقشة طلب كييف الإنضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، بحيث قال مفوض الميزانية الأوروبية يوهانس هان: «من المتوقع أن تُعلن المفوضية الأوروبية موقفها المنتظر لجهة منح أوكرانيا عضوية مرشح في الاتحاد الأوروبي أو لا، كـ»قرار تاريخي» في 17 حزيران»، وإذا كان المفاوضون الأوروبيون يفضلون الخيار الأوّل، فستتمّ دعوة رؤساء دول وحكومات دول الاتحاد الأوروبي في 23 و24 حزيران الحالي، لإطلاق عملية قبول أوكرانيا رسميّاً في صفوفهم.

والجدير ذكره أنه بتاريخ 11 حزيران الحالي، كانت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين في كييف كجزء من إعداد تقرير لبحث العضوية. وأدلت بعدد من التصريحات الشعبوية، ولكن ليست ملموسة للغاية، إذ إنّ الوقوف مع تطلّعات أوكرانيا، لا يعني أن الأمر قد تمّ الإتفاق عليه من قبل رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي. وفي قمة المجلس الأوروبي المرتقبة في بروكسل، ستكون توصية المفوضية الأوروبية بمثابة دليل هام للسياسيين، لكنهم ليسوا ملزمين بالموافقة عليها من دون قيد أو شرط.

لقد وعدت رئيسة المفوضية الأوروبية بأن يقوم الاتحاد الأوروبي بدور نشط في إعادة إعمار أوكرانيا ومساعدتها على تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية وغيرها. لكن لا يوجد إجماع على هذه المسألة في العواصم الأوروبية حتى الآن، فبينما يؤيد البعض اندماج أوكرانيا ويُعارضه آخرون، لا يزال البعض الآخر يُقدّم حلّاً وسطيّاً. لكنّ الوصول إلى منح أوكرانيا صفة مرشح ستكون رسالة رمزية قوية وحافزاً للشعب الأوكراني.

وانطلاقاً من تعليقات فون دير لايين وشعارها المُعلن في كييف «أوروبا معكم، ونحن هنا لدعمكم»، فإنها تأمل في التوصّل إلى نتيجة إيجابية في الاجتماع القادم، وستوصي المفوضية الأوروبية بإطلاق عملية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي لأنها تتحدّث عن «الأهمية التاريخية للحظة الحالية»، وإن كان ذلك مع تحفظات على أن كييف لم تفِ بالعديد من متطلّبات بروكسل، في ما يتعلّق بالتحديث والديموقرطية والإصلاحات. لذلك، فإنّ مسألة قبول أوكرانيا في الاتحاد أمام 3 حالات:

- الحالة الأولى: هناك دول تدعم بشكل لا لبس فيه منح أوكرانيا وضع المرشّح ثمّ قبولها مبكراً في صفوفها، من بينها بولندا ودول البلطيق وإيطاليا.

- الحالة الثانية: هناك دول ولأسباب مختلفة ليست مستعدّة الآن لفتح الطريق أمام أوكرانيا للإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كهولندا والدنمارك. وتعتقد بأنه من السابق لأوانه منح كييف وضع المرشح لأنه لا يزال هناك قصور في الإطار التشريعي والمؤسساتي لأوكرانيا، وأن هذا البلد ليس جاهزاً بعد للاندماج الكامل في الاتحاد الأوروبي.

- الحالة الثالثة: تضمّ كلّاً من فرنسا، ألمانيا والنمسا، التي تدعو إلى تقديم خيار وسطي لأوكرانيا، إلى جانب مولدوفا وجورجيا، يكون الغرض منه التقارب مع بروكسل والتحضير للحصول على وضع المرشّح لعضوية الاتحاد الأوروبي. وسيسمح لهذه الدول بتنفيذ الإصلاحات اللازمة لعضوية الاتحاد الأوروبي في العقد المقبل.

ولم تعترض روسيا في السابق على تطلّعات أوكرانيا الأوروبية، لكنها قامت بمراجعة موقفها في الأشهر الأخيرة. وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لصحيفة «كوميرسانت الروسية» بأنّ رغبة كييف بالإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي تثير شكوكاً جدّية، خصوصاً أن الاتحاد قد «تحوّل من منصّة اقتصادية بنّاءة، كما تمّ إنشاؤه، إلى لاعب مناضل عدواني، معلناً عن طموحاته خارج القارة الأوروبية، ويندمج مع الناتو ليُصبح ملحقاً به».

أمّا كييف، فتنتظر من الاتحاد الأوروبي الحصول على إشارة إيجابية في شأن الطلب المقدّم منذ بداية شهر حزيران الحالي، لأنّ عدم الموافقة هذه سيُنظر إليه في موسكو على أنها علامة على تردّد بروكسل وضعفها. فأوكرانيا لا تصرّ حاليّاً على عضوية فورية في الاتحاد، بل تُطالب بالسماح باتخاذ الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.

إذاً، لا بدّ من القول إن التردّد الغربي في قبول كييف في الاتحاد عائد إلى 3 أمور:

- وجود موقف أوروبي واضح بالحفاظ على شروط الاندماج وتطبيق النصّ الدستوري للاتحاد الضامن لتنفيذ الشروط المطلوبة من الأعضاء والذي يتطلّب وقتاً مناسباً.

- القلق الواضح من عملية الإنضمام بسبب تحميل الاتحاد مشكلات أوكرانيا الداخلية والخارجية، وفتح المجال أمام الدول الأخرى التي تتهرّب وتتخوّف من اعتداء روسي عليها، بالطلب من الاتحاد بتسريع العضوية. كما الخوف من قوّة أوكرانيا مستقبلاً داخل الاتحاد حيث سيكون لها الكلمة الفاعلة، وستُشكّل منافساً واضحاً لكلّ من ألمانيا وفرنسا.

- يُحاول الاتحاد الأوروبي بكلّ الطرق فك الاشتباك مع روسيا، وعدم الانصياع لرغبات المتطرّفين بفتح اشتباك من البوابة الأوكرانية.


MISS 3