Earth Matters

كواكب "الأرض الهائلة" صالحة للسكن لعشرات مليارات السنين

02 : 00

أصبحت الظروف على كوكب الأرض صالحة للعيش منذ بضعة مليارات السنين، لكنه سيخلو من السكان مجدداً بعد مليارات السنين. في المقابل، تستطيع الكواكب الخارجية، لا سيما تلك التي تدخل في خانة "الأرض الهائلة" (Super-Earth)، أن تصبح صالحة للعيش نظرياً ولفترة تفوق الثمانين مليار سنة أحياناً. إنه الاستنتاج الذي توصل إليه المشرفون على بحث جديد نشرته مجلة "علم فلك الطبيعة".

"الأرض الهائلة" هي عبارة عن كواكب خارجية ضخمة ومزوّدة بكتلة سطحية صلبة قد يصل حجمها إلى عشرة أضعاف كتل الأرض (ما يعني أنها أكبر من كوكبنا بأضعاف لكنها أصغر من الكواكب الغازية الصغيرة مثل نبتون). لا يشمل النظام الشمسي أي كواكب من نوع "الأرض الهائلة": ربما منع المشتري ظهور هذه الكواكب عبر "ابتلاع" جنينها. لكن تكشف أجهزة التلسكوب كواكب كثيرة من هذا النوع في نجوم أخرى في درب التبانة. تتكلم مول لويس وزملاؤها من جامعة زيورخ في سويسرا عن وجود فئة فرعية من كواكب "الأرض الهائلة والباردة" التي تدور على مسافة مناسبة من نجومها وتحافظ على حرارة معتدلة.

تكشف الحسابات العلمية أن هذه العوالم الباردة تستطيع الاحتفاظ بغلاف جوي أولي (يتألف بشكلٍ أساسي من الهيدروجين والهيليوم) طوال مليارات السنين، وتكون كثافته أكبر من كثافة غلاف الأرض بمئة أو ألف مرة. تحت هذا الغلاف الكثيف، قد نجد طبقة من المياه السائلة على السطح، وقد أثبت نموذج جديد أنه قد يصمد لفترة طويلة جداً. تُعتبر هذه المدة على ما يبدو أكثر من كافية لظهور معالم الحياة وتطورها.

تجدر الإشارة إلى أن عمليات البحث عن الكواكب الخارجية ترتكز عموماً على التغيرات في درجة سطوع النجم أو موقعه الدقيق، علماً أن تلك التغيرات تنجم عن دوران كوكب مجاور. لهذا السبب، تكون معظم كواكب "الأرض الهائلة" التي ترصدها أجهزة التلسكوب مزوّدة بمدارات مُحْكَمة. لكن حصلت الدراسة الجديدة بطريقة نظرية وخالية من المراقبة واكتفت باستعمال النماذج الرياضية. أجرى علماء الفلك السويسريون أكثر من ألف تجربة محاكاة لتطور كواكب "الأرض الهائلة" بكتل مختلفة وأغلفة جوية ومدارات متنوعة حول نجوم من نوع الشمس.

أثبت البحث الجديد أن المدار القريب بدرجة مفرطة يؤدي إلى تآكل الغلاف الجوي وفقدانه تدريجاً تحت تأثير تدفق جزيئات الرياح النجمية. لكن حين يقع الغلاف الجوي المؤلف من هيدروجين وهيليوم على مسافة مناسبة (أبعد من مدار المريخ في النظام الشمسي)، لن يتمكن من الصمود لفترة طويلة فحسب، بل إنه يزيد سخونة الكوكب بسبب الاحتباس الحراري. وفق تقديرات العلماء، تستطيع "الأرض الهائلة" في هذه الحالة أن تصمد لمدة تتراوح بين خمسة وثمانية مليارات سنة، إلى أن يقترب نجمها الأم من مراحل الحياة الأخيرة ويبدأ بالتحول إلى كوكب أحمر عملاق.

لكن تبرز خيارات أكثر غرابة أيضاً. قد تؤدي لعبة الجاذبية العشوائية إلى إبعاد كوكب "الأرض الهائلة" عن نظامه الأصلي وإطلاقه على شكل "كوكب يتيم" لا يتّصل بأي نجم. تكشف الحسابات العلمية أن هذا الكوكب الفردي قد يبقى صالحاً للسكن طوال 84 مليار سنة إذا كان مزوّداً بكتلة كافية وغلاف جوي كثيف بما يكفي. تُعتبر هذه المدة أطول بكثير من عمر الكون الذي نعرفه وكامل الفترة التي تصمد فيها النجوم.

يُفترض أن تكون الحياة على كوكب "الأرض الهائلة" مختلفة عن مظاهر الحياة على كوكبنا بطريقة جذرية. إذا تطورت الحياة على هذا النوع من الكواكب، يعني ذلك أنها تكيّفت مع ظروفه المختلفة بالكامل عن ظروف الأرض، في ظل غياب الأضواء والضغط الجوي الهائل. لكن يشمل كوكبنا أصلاً أنظمة بيئية شبه معزولة تواجه الظروف نفسها، مثل "المدخنات السوداء" في قاع المحيطات. يكون التخليق الكيماوي، لا التركيب الضوئي، المصدر الأساسي للطاقة لدى الكائنات المحلية، وتحتاج هذه العملية إلى الضوء.


MISS 3