خالد العزي

حرب أوكرانيا تُهدّد العلاقات الروسيّة - الإسرائيليّة

2 آب 2022

02 : 01

بوتين ولابيد (أ ف ب)

لا شك أن العلاقات بين موسكو وتل أبيب تُعاني من أزمة حقيقية بسبب فرع جمعية «سخنوت» الصهيونية التي تُريد وزارة العدل الروسية إعادة النظر بدورها وعملها في روسيا.

استنفرت السلطات الإسرائيلية وقامت بإرسال وفد إلى موسكو لحلّ المشكلة عبر القنوات الحكومية. وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، إذا لم يتمّ التوصّل إلى حل وسط، فقد تتوقف إحدى أقدم المنظمات اليهودية عن أنشطتها على الأراضي الروسية، الأمر الذي سيؤثر حتماً على العلاقات بين الاتحاد الروسي وإسرائيل.

وبعد مناقشة الدعوى الرئيسة المقدّمة من وزارة العدل الروسية في شأن تصفية الوكالة اليهودية في محكمة بسماني في موسكو، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه لا يُريد التدخل بعمل القضاء، معتبراً أن ادعاءات وزارة العدل مرتبطة بانتهاك القانون التشريعي الروسي في سياق أنشطتها.

وتتعلّق الإدعاءات القانونية بمشكلة البيانات الشخصية التي تمّ جمعها بشكل غير صحيح للروس وطرق تخزينها، ما سيُعرّض المنظمة للتصفية. وبدأت «سخنوت» العمل في موسكو عام 1989، قبل عامين من الافتتاح الرسمي للسفارة الإسرائيلية، لتشجيع هجرة اليهود المنتشرين في مختلف الاتحاد السوفياتي إلى فلسطين، ما ساهم بإخراج الأدمغة وأصحاب الإختصاصات العلمية ورؤوس الأموال.

والوكالة مسؤولة الآن عن عدد من البرامج التعليمية، بما في ذلك تنظيم معسكرات الأطفال ومدارس الأحد، فضلاً عن الإشراف على برامج إعادة الشباب إلى الوطن. وليست هذه المرّة الأولى التي تواجه «سخنوت» تهديداً بالإغلاق على أراضي الاتحاد الروسي. ففي 2 نيسان من العام 1996، إعتبرت وزارة العدل الروسية أن وجود الوكالة غير قانوني، لكن لم يتمّ حلّها آنذاك.

يؤكد صحافيون أن موسكو بدأت بالتشدّد بمواقفها من أجل إعادة ملكية مجمع ألكسندر نيفسكي في القدس إلى روسيا، وأيضاً وضع البعثة الكنسية الأرثوذكسية الروسية في القدس. ولقد أثارت وسائل الإعلام الإسرائيلية موضوع التدهور الحاد للعلاقات مع روسيا على خلفية الأعمال العدائية في أوكرانيا، وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد حول «جرائم الحرب» التي ترتكبها موسكو، فيما لن يتمّ الإنتهاء من قضية «سخنوت» حتّى يتمّ التدخل السياسي.

وتسعى الديبلوماسية الإسرائيلية إلى حلّ الصراع القائم عبر المفاوضات لتلافي أزمة خطرة، بحيث تداخلت قضية «سخنوت» مع الحملة الإنتخابية المقبلة، فيما يقول زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو إنّ العلاقات بين البلدَيْن تدهورت بسبب «مزيج من اللامسؤولية والغطرسة» من قبل النخبة السياسية. ولقد حذّر نتنياهو من أنه إذا لم يتمّ حلّ الأزمة على الفور، فقد يؤدّي ذلك إلى إلحاق ضرر جسيم بأمن إسرائيل.

التوجّه الروسي يُشير إلى دعم زعيم حزب «الليكود» اليميني بنيامين نتنياهو للوصول إلى السلطة. وربّما قضية «سخنوت» والتواصل مع الروس هي في صلب حملة نتنياهو، الذي يعتبر أنه صديق مقرّب لبوتين، وقد حلّ في ضيافته مرّات عدّة حيث نسجت صداقات وتنسيق عال بين موسكو وتل أبيب. روسيا تُريد الاستفادة سريعاً من إسرائيل عبر الضغط بالوكالة للوصول إلى الأمور التالية:

- الضغط على إسرائيل لتحقيق مكاسب عدّة قبل الدخول في الإنتخابات البرلمانية المقبلة، ما يفرض على السياسيين في إسرائيل أخذها بعين الاعتبار، والتي تكمن في استعادة الممتلكات الروسية الدينية في الداخل الفلسطيني وتشغيلها لصالحها.

- الضغط على إسرائيل لمنع الدعم المعنوي والسياسي للدولة الأوكرانية، وعدم إدانة روسيا في أي اتهامات لها في أوكرانيا.

- الطلب من إسرائيل بمطالبة جمعية «أيباك» الأميركية بالضغط على المشرّعين الأميركيين لتخفيف الضغط عن روسيا وعدم مساعدة أوكرانيا.

- الضغط على إسرائيل لتخفيف الضغط عن النظامَيْن السوري والإيراني الحليفَيْن لموسكو في الشرق الأوسط، خصوصاً بعد أن هدّدت روسيا باستخدام صواريخ «أس 300» ضدّ الطائرات الإسرائيلية في السماء السورية.

- في حال الفراق بينهما سيكون مصير «سخنوت» الإقفال، والضغط لدعم نتنياهو المقرّب من موسكو على حساب الآخرين.

القادة السياسيّون في إسرائيل منتبهون جدّاً لموقف روسيا الضاغط الناتج عمّا تتعرّض له دوليّاً بسبب غزوها لأوكرانيا. إذاً، ما يدفع روسيا للتحرّك ضدّ وجود الوكالة هو غضبها نحو إسرائيل وتصرّفات القيادة السياسية فيها، بينما ناقشت القيادة العبرية إمكانية اتخاذ إجراءات انتقامية في حال إغلاق «سخنوت». ومن بين الخيارات الإسرائيلية الكثيرة، إغلاق المركز الثقافي الروسي في تل أبيب وأمور أخرى متعلّقة بالدعم المباشر لأوكرانيا.


MISS 3