هل تخفّف المكملات الغذائية حدّة الاكتئاب؟

08 : 54

يتردّد الناس أحياناً في أخذ مضادات الاكتئاب لمعالجة اكتئابهم الخفيف أو المعتدل. قد لا يرغبون في تلقي وصفات طبية كثيرة وتكبّد تكاليف مرتفعة أو مواجهة آثار جانبية محتملة (مثل العجز الجنسي)، أو ربما يقلقون من أن يصبح العلاج بالأدوية دائماً.

لكن ماذا عن المكملات الشائعة التي لا تحتاج إلى وصفة طبية؟ هل يمكن اعتبارها خيارات آمنة لتخفيف أعراض الاكتئاب؟

يقول مايكل كريغ ميلر، أستاذ مساعِد في الطب النفسي في كلية الطب التابعة لجامعة "هارفارد": لا تطرح المكملات أي مخاطر مرتفعة بشكل عام. مع ذلك، لا بد من توخي الحذر عند استعمالها".

مكملات لتخفيف الاكتئاب

تُستعمَل أنواع معينة من المكملات على نطاق واسع لتخفيف أعراض الاكتئاب، نذكر منها:

زيت السمك: تحتوي الأسماك الزيتية، مثل السلمون والساردين، على كمية كبيرة من أحماض الأوميغا 3 الدهنية. إنها عناصر أساسية من أغشية الخلايا العصبية، وتؤدي دوراً مهماً في الحفاظ على سلامة الجهاز العصبي وقد تحارب الالتهابات أيضاً. إذا كنت لا تتلقى كمية كافية منها عبر حميتك الغذائية، يمكنك أن تأخذ حبوب زيت السمك.

ميثيل الفولات: إنه شكل من حمض الفوليك ويسهم في تفكيك حمض الهوموسيستين الأميني. يرتبط ارتفاع مستويات الهوموسيستين بالاكتئاب (وحتى الخرف وأمراض القلب والجلطات الدماغية). كذلك، ترصد الدراسات رابطاً بين النقص في حمض الفوليك والاكتئاب.

إن-أسيتيل سيستين: هذا العنصر يُمهّد لإنتاج الغلوتاثيون الذي يكافح الأكسدة ويبطل مفعول الجزيئات السامة وغير المستقرة في الجسم. حتى أنه قد يحارب الالتهابات ويعزز الإشارات الصحية في الخلايا العصبية.

إس-أدينوزيل مثيونين: ينتج الجسم هذا العنصر طبيعياً ويشارك في تركيب الهرمونات والناقلات العصبية، أي المواد الكيماوية التي تنقل الرسائل بين الأعصاب.عشبة سانت جون: تشتق من زهرة النبتة وكانت تُستعمَل لمعالجة الاكتئاب طوال قرون في أوروبا. يُقال إن هذه العشبة تعزز كمية السيروتونين، لذا يجب ألا تمتزج عموماً مع مضادات الاكتئاب التي تستهدف هذا العنصر، على غرار مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية.

الفيتامين D: يحتوي الدماغ على مستقبلات الفيتامين D في مناطق مرتبطة بالاكتئاب، مثل القشرة الجبهية. يقال إن هذا الفيتامين يسهم في إنتاج كمية صحية من الناقلات العصبية، بينما يرتبط أي نقص فيه بالاكتئاب.

الاختيار ليس بسيطاً!

يسهل أن نقصد الصيدلية ونشتري عبوة من المكملات، لكن من الأصعب أن نتأكد من فعالية الحبوب المنتقاة. يتعلق جزء من المشكلة بعدم تنظيم تصنيع المكملات الشائعة من جانب "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية، مثلما تُنظّم الأدوية الطبية، لذا لا تضطر شركات التصنيع لإثبات فعالية المكملات أو ذكر محتوى الحبوب (رغم وجود لائحة بالمقادير على الأغلفة).كذلك، ما من أدلة وافية حول بعض المكملات، وبالتالي قد لا نعرف الآثار الجانبية المحتملة. ولا تثبت أي بيانات جازمة أن المكملات قادرة على تخفيف الأعراض. لا تزال الأبحاث محدودة جداً في هذا المجال، وتتوصل الدراسات القائمة إلى نتائج مختلطة.مع ذلك، تكشف نتائج واعدة أن بعض المكملات الشائعة قد يُحسّن أعراض الاكتئاب:

• شملت مراجعة 40 دراسة في العام 2016 ونُشِرت نتائجها في "المجلة الأميركية للطب النفسي"، واكتشفت أدلة تدعم أخذ مكملات إس-أدينوزيل مثيونين والأوميغا 3 والفيتامين D لتخفيف أعراض الاكتئاب.

• شملت مراجعة أخرى خمس تجارب عشوائية ونُشِرت نتائجها في "مجلة الطب النفسي العيادي" في العام 2016، وذكرت أن مكملات إن-أسيتيل سيستين تُخفف أعراض الاكتئاب ويسهل أن يتحملها الجسم.

خطوات أخرى لمحاربة الاكتئاب

لن تكون الحبوب وحدها كافية للسيطرة على أعراض الاكتئاب. يوضح ميلر: "تتعدد العوامل التي تسهم في الحفاظ على الراحة. لا تقتصر الحياة الصحية على تعديل المعطيات البيولوجية عبر أخذ دواء أو مكملات غذائية". في ما يلي مقاربات أثبتت فعاليتها لتخفيف أعراض الاكتئاب:

الرياضة: يسهم تشغيل القلب والرئتين في زيادة تدفق الدم نحو الدماغ، فيتشجّع هذا الأخير على إنتاج عوامل نمو الأعصاب الطبيعية، ما يسمح بتحسين صحة الأعصاب. في بعض الحالات، تكون الرياضة كافية لمعالجة الاكتئاب الخفيف. حاول إذاً أن تمارس المشي يومياً (30 دقيقة بإيقاع سريع) لتحسين مزاجك وطاقتك.

الحمية الغذائية: يرتبط الأكل الصحي بتحسّن المزاج وتراجع مخاطر الاكتئاب. يجب أن تتخلى عن المأكولات السريعة وغيرها من المنتجات المُصنّعة وتُركّز على استهلاك البروتينات الحيوانية غير الدهنية (سمك، دواجن)، والفاكهة والخضار، والمكسرات، والبقوليات (بازلاء، فاصوليا)، والبذور.التأمل المبني على الاسترخاء الذهني: ربطت دراسات عدة بين هذا الشكل من التأمل وتحسّن المزاج وتراجع القلق والاكتئاب. يمكنك أن تحصد هذه المنافع في أي زمان ومكان. اجلس بشكلٍ مريح وركّز على تنفّسك، واحصر انتباهك بالزمن الحاضر. كلما طالت مدة استرخائك الذهني على مر اليوم، سيتحسن أداؤك مع مرور الوقت.

تدابير وقائية

أبلغ طبيبك برغبتك في تجربة المكملات لمعالجة الاكتئاب. يمكنك أن تقيّم الخيارات التي تناسب وضعك معه وتتجنب خلطات الأدوية غير الآمنة. تبيّن أن عشبة سانت جون مثلاً تُضعف فعالية أدوية كثيرة، وقد تزيد مكملات الأوميغا 3 مخاطر النزيف لدى من يأخذون مسيلات الدم. إذا قررتَ أخذ المكملات لمحاربة أعراض الاكتئاب، احرص على تعقب طريقة استعمالها. دوّن الأنواع التي تأخذها والأعراض التي تواجهها. جرّب المنتج طوال شهر أو شهرين للتأكد من فعاليته، ثم أَعِدْ تقييم وضعك. إذا لم تشعر بالتحسن، استشر طبيبك لاستكشاف خيارات بديلة.


MISS 3