سيلفانا أبي رميا

ألفريد طرزي: هدفي إخراج الفنون الحرفية من الجماد

"نشيد الحب" على درج المتحف الوطني

24 تشرين الأول 2022

02 : 01

موسيقى وتراث على درج المتحف الوطني

من درج المتحف الوطني في بيروت، قاد الفنان ألفريد طرزي أمس الأحد جمهوره نحو «هنغار» مهجور عثر عليه وأعاد استنباطه، في رحلةٍ خاصةٍ استعاد فيها جانباً من تاريخ عائلته الذي يتصل أيضاً بتاريخ الفنون الحرفيَة في لبنان وبلاد الشام.




هذا التجهيز هو جزء من برنامج «الفن والأراضي» الذي تنفذه السفارة الفرنسية والفروع الإقليمية للمعهد الفرنسي في لبنان، وقد أُنجز بالشراكة مع مؤسسة «أمم» للتوثيق والأبحاث والمديرية العامة للآثار. وتضمّن الحدث حفلةً موسيقيةً أحياها كلّ من شربل الهبر، ساري موسى، فادي طبّال وسيرج يارد.



ملصق المعرض



وفي حديث مع طرزي أخبرنا عن مدى فخره وسعادته بما يقدمه اليوم للجمهور اللبناني وسكان بيروت وقال: «قمت بتجميع حرف يدوية وقطع فنية توارثها أجدادي على مدى 4 أجيال ولم تُعرض في أي متحف أو معرض في لبنان ليتمكن كل زائر من رؤيتها والعودة بها إلى زمن الفن الأصيل والعريق».



ومن فضاء التجهيز انطلق طرزي ليطرح تساؤلاته حول الذاكرة والهوية، وبخاصةٍ مآل الفنون الحرفية التي لا تجد لها مكاناً سواء في المتاحف أو المعارض. والمتاحف المتخصصَة في الفنون الحرفية، هي نادرة عامَةً، نسبة إلى غيرها من المتاحف التي تهتم بالموروث الفني أو بالفن الحديث أو المعاصر، فالفن الحرفي لا يجد له في لبنان مطلق فضاء.



وعن مكان المعرض قال: «هو كناية عن هنغار قديم مهجور حضن مجموعتي ويمكن الوصول إليه سيراً على الأقدام. لا يبعد سوى دقائق قليلة عن المتحف الوطني». يستمر المعرض حتى نهاية العام ويفتح أبوابه يومياً من العاشرة حتى السابعة مساءً، ويقام بموازاته معرض آخر يحمل عنوان» ذاكرة مدينة من ورق» في مركز» أُمم».




ويضمّ المكان متعلّقات نادرة تختلف في موادها ما بين الخشب والنحاس والزجاج، تتدرّج في تواريخها لتعود إلى القرن الثامن العشر، وهو إرث عائلي انتقل للفنان من مشغل طرزي الشهير للحرف الشرقية، الذي كان أحد رواد هذه الصنعة في لبنان وسوريا. وقد تبلور مفهوم هذا التجهيز من علاقة الفنان الشخصية بهذا الإرث العائلي الذي كان مهدداً بالزوال. واختار طرزي كمكان لتصميم تجهيزه، الهنغار المهجور والمهدّد أيضاً بالزوال، الذي يتلاقى مع طبيعة ما هو معروض فيه، كون المكان ومعروضاته معلّقين في فضاءٍ بات خارج الزمن.




مدخل الى الفن العريق (فضل عيتاني)



ويطرح «نشيد الحب» أيضاً مسألة الهوية المشرقية وسبل تعريفها، سواء فنياً أو جغرافياً من خلال تتبُّع سيرة العائلة، التي تمرّست في هذه الصنعة عبر أربعة أجيال مختلفة، وكانت لها تجارب رائدة في الفن الحرفي واليدوي، ليس في لبنان وسوريا فحسب، بل في القدس وامتدّت حتى مصر والمغرب العربي.



وبينما يتلاقى الإرث الشخصي مع الإرث العام فهو أيضاً لا ينفصل عن ذاكرة لبنان منذ عهد المتصرفية، مروراً بقيام دولة لبنان الكبير وما تبعه، أخذت هذه المتعلّقات الموجودين في رحلة بين التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة، ومنها الباب الخشبي المنقوش الذي اختاره طرزي ليكون مدخلاً للتجهيز، وهو من صنع جده الأكبر، وصُمّم لقصر الصنوبر في حقبة افتتاحه الأولى ككازينو، فكان له أن يشهد إعلان الجنرال غورو دولة لبنان الكبير من القصر.




وعن الفن ختم الفنان: «في ظل الأزمات والصعوبات التي تثقل كاهل كل لبناني، ووسط الهموم التي أبعدت كثيرين عن الثقافة والترفيه، لم يتبق لنا سوى الفن لنعبّر من خلاله عمّا نحلم به وما يستحق أن نناضل من أجله».


MISS 3