جاد حداد

The Chalk Line... الرعب يطغى على القصة

28 تشرين الأول 2022

02 : 01

في الحياة العادية، يميل معظم الناس إلى المغادرة إذا شاهدوا طفلاً في منتصف طريق مهجور خلال الليل. لكن تختلف الشخصيات التي يقدّمها فيلم The Chalk Line (خط الطبشور)، على شبكة «نتفلكس»، عن الناس العاديين لحسن الحظ، ما يضمن محتوىً ترفيهياً للمشاهدين. تتوسّع الخلافات بين زوجَين حين يقرران إنقاذ فتاة صغيرة وضعيفة. لكن لن تكون هذه المبادرة بسيطة بقدر ما توحي به بعد دخول تلك الفتاة الغامضة إلى منزلهما.

في التفصيل، تعثر «بولا» (إيلينا أنايا) وزوجها «سيمون» (بابلو مولينيرو) على الفتاة «كلارا» (إيفا تينير) وهي تقف في منتصف الشارع ويقرران إنقاذها. حين لا يحضر أحد لأخذها من المستشفى، يصطحبانها إلى منزلهما وفق توصيات الفريق الطبي. يصعب أن يدخل أي طفل إلى حياة هذين الزوجين لأنهما يعيشان علاقة مضطربة بسبب مشاكل الإنجاب، لكن سرعان ما تصبح «كلارا» أشبه بقنبلة موقوتة في علاقتهما القابلة للاشتعال.

تبدو تصرفات «كلارا» الغريبة مسؤولة مباشرةً عن حوادث مريبة كأن يأكل أصدقاء الزوجَين الزجاج من وعاء المربّى خلال وجبة الطعام. تدافع «بولا» عن «ابنتها» المزعومة تلقائياً لأنها تتفهم صراعها للتعبير عن نفسها عبر القيام بتصرفات غريبة الأطوار. سرعان ما تدفعها هذه الغريزة الواقية إلى محاولة الكشف عن جذور «كلارا» قبل أن تجمعهما الحياة. لكن حين تبدأ «بولا» البحث عن الأجوبة، ستكتشف أكثر مما توقّعته بكثير.

تستحق الممثلة إيلينا أنايا الإشادة على أدائها، وقد يعرفها بعض المشاهدين على الأرجح إذا كانوا من محبّي السينما الإسبانية نظراً إلى تعاونها مع بيدرو ألمودوفار في أفلام مثل The Skin I Live In (البشرة التي أعيش فيها). هي تعطي في هذا الفيلم ثقلاً نفسياً حقيقياً للمرأة التي تجسّدها حين تحاول فهم علاقتها مع الأمومة بطريقة مضطربة وواقعية. حتى أنها تتمتع بشجاعة لا يمكن انتزاعها منها في أي ظرف.

لا يتكل المخرج والكاتب إيناسيو تاتاي وشريكته في الكتابة إيزابيل بينيا على الحوارات بشكلٍ أساسي في الفيلم، بل يُركّزان على نشر أجواء مريبة عبر نقل المشاعر التي تُعبّر عنها الشخصيات عن طريق الصمت ولغة الجسد. يستعمل الفيلم أسلوباً مقتضباً لشرح تصرفات «كلارا» غير المبررة، منها عبارات مثل «الفتاة لا تتجاوز خط الطبشور المُحدّد لها مطلقاً». يتطرق الفيلم أيضاً إلى موضوع الاعتداء الجنسي، لكنه لا يعرض تفاصيل خادشة على الشاشة.

يستحق تاتاي الإشادة لأنه يقدّم محتوىً غنياً بإمكانات محدودة، فيضفي جواً من الرعب الدائم عبر استعمال اللون الرمادي غير المُشبَع وحوارات مختصرة. لكن سرعان ما تتضح سلبيات التركيز على الأجواء العامة أكثر من القصة حين تضطر الحبكة لتفسير السلوكيات الغريبة وتبدو الشخصيات السطحية غير مقنعة. يحاول صانعو العمل القيام بمناورة جريئة في الفصل الثالث من الفيلم عبر تبديل الأدوار الرئيسية، علماً أن أفضل صانعي الأفلام يعجزون عن تحقيق هذا الهدف أحياناً. يشمل الفيلم لحظات لافتة، لكنه لا يرقى إلى المستوى الذي يطمح إليه المخرج في نهاية المطاف.

قد لا يكون هذا الفيلم مناسباً لجميع الأذواق لأنه مليء بالشوائب. يقدّم إيناسيو تاتاي عملاً واعداً في أول فيلم طويل في مسيرته، لكن يفتقر العمل إلى المستوى المناسب من التماسك. قد يُخرِج تاتاي فيلم تشويق بجودة أفضل مستقبلاً، لكن لا تتجاوز إيجابيات هذا العمل حدود الأجواء المبهرة.


MISS 3