جاد حداد

The Last Kingdom: Seven Kings Must Die...نهاية مناسبة لرحلة الحاكم أوتريد

21 نيسان 2023

02 : 00

هل يُعتبر الصراع على السلطة حتمياً؟ وهل كانت جميع الترتيبات على مر العقود مجرّد وسيلة لتجنب سفك الدماء؟ يلقي هذان السؤالان بثقلهما على تفكير «أوتريد بابنبورغ» (ألكسندر دريمون) الذي يعود لسرد قصة أخرى من هذا النوع في فيلم The Last Kingdom: Seven Kings Must Die (المملكة الأخيرة: لا بد من موت سبعة ملوك) على شبكة «نتفلكس». إنه امتداد للمسلسل الذي شمل جميع التفاصيل التي يمكن تصوّرها، بدءاً من موت والده وصولاً إلى ظهور حاكم جديد. يستهدف هذا العمل في المقام الأول كل من يبحث عن جوانب أخرى من هذه الملحمة.

تبدأ القصة بموت الملك إدوارد الذي لم يُقسِم له «أوتريد» الولاء في نهاية الموسم الخامس. استلم ابنه «أثيلستان» (هاري غيلبي) السلطة الآن وبدأ ينهار سريعاً، فيقتل كل من يقف ضده في خضم عملية تحوّلت لاحقاً إلى غزو ديني. يشعر «أوتريد» بفظاعة ما يحدث، ويتخبّط بعد فترة قصيرة بسبب الوعد الذي قطعه على نفسه بأن يُقسِم يمين الولاء لابن «إدوارد» ويوحّد الأراضي. هو يبدأ بالقلق من وصول توصيات سيئة إلى «أثيلستان» من أشخاصٍ يحاولون استغلاله لتحقيق غاياتهم الخاصة. تزامناً مع هذه التطورات كلها، يبدأ لاعبون آخرون في السلطة باتخاذ خطوات تنذر باندلاع حرب حتمية. سرعان ما يسأم «أوتريد» من الصراعات ومظاهر الموت، فيتمسك بالأمل لتجنّب هذه الظروف شرط أن يصل إلى «أثيلستان». هو يحتاج إلى شكلٍ دقيق من التوازن والحكمة في ظل تسارع التطورات من حوله، فتقول إحدى الشخصيات في مرحلة معينة إن «الولاءات بدأت تتغير والجماعات تتشكّل».

يعود الممثل ألكسندر دريمون لأداء دور «أوتريد» وكأنه لم يرحل يوماً، كما أنه يؤكد على الجوانب المتبدّلة في هذه الشخصية. لا يزال «أوتريد» لامعاً وساحراً، وهو يتابع استفزاز الآخرين حتى في لحظات الخطر. لكن سرعان ما يتبيّن أن هذا الجانب من شخصيته سيفيده لكبح مخاوفه المتزايدة. يبدو «أوتريد» متعباً لأقصى حد، وتعكس الجروح الواضحة على وجهه جزءاً بسيطاً من المشاعر التي تنتابه. هو يُصِرّ على أنه يستطيع إقناع «أثيلستان» بتغيير مساره وسحب العالم من حافة الموت الجماعي. قد يكون هذا التفكير ساذجاً، لكن يتوق «أوتريد» إلى التحرك لحماية جميع المحيطين به. في مشهدٍ يضطر فيه لمواجهة «أثيلستان»، يطغى الألم على الحماس في صوته عندما يدرك أن فرص السلام بدأت تنهار. على غرار قصص قاتمة جديدة أخرى عن الفصائل المتناحرة، يقدّم هذا الفيلم أفضل ما لديه حين يستنتج أن الفرد الذي يعتبر تحركاته مبررة قد يدمّر أحبابه أو يقضي على نفسه أيضاً.

لكن تُعالَج سلسلة الخيانات والغدر وما تحمله من تكاليف هائلة وكأنها لم تحصل في أي لحظة. لن تكون النهاية مُحبِطة على جميع المستويات، لكن يترافق أسلوب هذا الفيلم مع جوانب مخيّبة للآمال أحياناً. لا مفر من أن يشعر المشاهدون بالغرابة حين يخصص صانعو العمل معظم مراحل القصة للتأكيد على حجم التفكك والدمار قبل إعادة ترميم كل شيء مع اقتراب النهاية. تتلاشى جميع العوائق بسلاسة مفرطة تمهيداً لمعركة أخيرة حيث يكون الصراع واضح المعالم بدل أن تُعَقّده العلاقات الماضية.

لكن يتّسم هذا المشهد الأخير بأجواء شبه شاعرية كونه يعكس تكتيكاً استُعمِل في بداية الموسم الأول من المسلسل الأصلي. قد لا يكون مثيراً في تصميمه بقدر فيلم The Woman King (المرأة الملك)، لكن لا أهمية لهذا العامل حين يشدد المشهد النهائي على وحشية المعركة القائمة. تتناثر الدماء في كل مكان عندما تتصادم القوتان المتناحرتان. ورغم المهارة القتالية التي تتمتع بها جميع الشخصيات، لا مفر من أن تطغى أجواء بغيضة على المشهد ككل، إذ تسود لحظات خانقة ومرعبة وتُجرّد العمل من العَظَمة المنشودة لتسليط الضوء على حجم الدمار الحاصل. يتخلى آخر خطاب قصير يلقيه «أوتريد» قبل المعركة الأخيرة عن الجوانب العاطفية المفرطة، فيتطرق صراحةً إلى المخاطر المطروحة ويُعبّر عما ينوي فعله للتصدي للأعداء حتى النهاية. كذلك، تنتهي مجموعة من النكات العابرة بمواقف مضحكة أحياناً، بما في ذلك نكتة عن رائحة الرجال الكريهة. باختصار، تسود أجواء قاتمة ومشحونة قبل أن يستنتج الجميع أن كل من حاول «أوتريد» تجنّبه اضطر لدفع ثمن باهظ في نهاية المطاف.

أخيراً، يُصِرّ صانعو العمل على تقديم نسخة منمّقة أكثر من اللزوم عن الملحمة الأصلية، وتثبت اللقطة الأخيرة أنها لا تناسب منحى الفيلم كونها تُخرِجنا من أجواء العمل بسهولة، ومع ذلك يبقى المسار الذي تتخذه القصة مُرضِياً بما يكفي. في مطلق الأحوال، يطرح هذا الفيلم نهاية شائبة لكن مناسبة لقصة «أوتريد بابنبورغ» والحياة الدموية التي حاول الخروج منها بأي ثمن.


MISS 3