قطرات ماء عالقة في الملح تسجّل 150 مليون سنة من تاريخ المحيطات

02 : 00

إستكشف العلماء للتو آخر 150 مليون سنة من تاريخ الأرض الجيولوجي عبر تحليل الخصائص الكيماوية للجيوب المجهرية في مياه محفوظة داخل بلورات من ملح البحر.



من خلال تعقب كمية الليثيوم في الهاليت البحري (ملح صخري بأصول بحرية)، تمكّن عالِما الكيمياء الجيولوجية ميبراهتو ويلدغيبريل من جامعة «برينستون» وتيم لوينستاين من جامعة «بينغامتون» من إعادة بناء تاريخ الحركة التكتونية في قاع البحر. تسمح هذه الدراسة أيضاً باستكشاف الأحوال الجوية مع مرور الوقت.

يوضح ويلدغيبريل: «ثمة رابط وثيق بين الخصائص الكيماوية للمحيط وكيمياء الغلاف الجوي. كذلك، تعكس جميع التغيرات الحاصلة في المحيط ما يحدث في الغلاف الجوي».

لا تحتوي مياه المحيط على الملح فحسب، بل إنها عبارة عن خليط كيماوي فيه معادن مختلفة بكميات تعكس مختلف العمليات الحاصلة في أي مرحلة زمنية. قد لا يبدو الهاليت البحري مشبعاً على نحو خاص، لكنه يشمل جيوباً مائية ضئيلة منذ حقبة تشكيل الهاليت، ما يعني أنه يحفظ سجلاً كيماوياً عن المحيط في تلك الحقبة.

حصل ويلدغيبريل ولوينستاين على عينات من الهاليت انطلاقاً من نماذج في أنحاء الولايات المتحدة، وأوروبا، وآسيا، وأفريقيا، حيث جرى توثيق الخصائص الكيماوية الأساسية للأيونات. استعمل الباحثون جهاز الليزر لاستخراج المياه (وصل مجموعها إلى 639 عينة من السوائل من 65 بلورة هاليت عمرها 150 مليون سنة).

ثم حلل العلماء تلك العينات لتحديد كمية الليثيوم فيها. هم يعتبرون الليثيوم عنصراً قادراً على تعقب النشاط الحراري المائي، ما يشير إلى الفتحات التي تقع في قاع البحر وتطلق الحرارة والمواد الكيماوية باتجاه المحيط على الحدود الفاصلة بين الصفائح التكتونية لكوكب الأرض. يقول الباحثون إن قطرات المياه الضئيلة تكشف تراجعاً بمعدل سبعة أضعاف في كمية الليثيوم خلال آخر 150 مليون سنة، مقابل زيادة ملحوظة في كمية المغنيسيوم نسبةً إلى الكالسيوم. يتعلق السبب بتراجع نشاط الصفائح التكتونية وإنتاج قشرة الكوكب، ما يؤدي إلى انحسار النشاط الحراري المائي أيضاً.

ما كان هذا التراجع في النشاط الجيولوجي ليؤدي إلى انحسار كمية الليثيوم في المياه فحسب، بل إنه كان ليطلق كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. ربما أثرت هذه الظاهرة على عملية التبريد التي أنتجت العصر الجليدي الأخير الذي نشأ منذ مدة تتراوح بين 115 ألفاً و11700 سنة.

تأتي هذه الدراسة بعد بحث أجراه العلماء سابقاً وأثبتوا من خلاله أن كمية السترونشيوم في مياه البحر تشير إلى تراجع النشاط الحراري المائي خلال الفترة الزمنية نفسها.

يكشف هذا التحليل جوانب من الترابط بين أنظمة الأرض ويؤكد على أهمية نشاط الصفائح التكتونية لتنظيم المحيط المائي لكوكب الأرض والغلاف الجوي.

في النهاية، يستنتج لوينستاين: «ثمة رابط وثيق بين المحيطات والغلاف الجوي. حتى أن طريقة تغيّرها مترابطة».

نُشرت نتائج البحث في مجلة «ساينس أدفانسز».


MISS 3