عالم جديد يتحدّى مفهومنا عن الكواكب

02 : 00

يتمتّع كوكب تمّ اكتشافه حديثاً بخصائص غريبة لدرجة ألا يفهم علماء الفلك كيفية تشكيله بهذه الطريقة. هو يحمل اسم TOI-4860b ويقع على بُعد 260 سنة ضوئية، وهو من نوع العمالقة الغازية ويبدو حجمه أصغر بقليل من كوكب زحل. تُعتبر هذه المواصفات طبيعية. لكن يدور هذا الكوكب حول نجم ضئيل وقديم يقتصر حجمه على ثلث الشمس، وهو ينهي كل جولة سريعة خلال 1.52 يوم. هو ينضمّ إلى عدد صغير لكن متزايد من العوالم الغريبة التي تطرح معضلة محيّرة. في الوقت الراهن، ما من مسارات معروفة لتكوين هذا النوع من الكواكب الضخمة في محيط نجوم صغيرة لهذه الدرجة.

يَصِف تقريران منفصلان هذا الكوكب الخارجي، أحدهما في مجلة «علم الفلك والفيزياء الفلكية» والآخر في «الإشعارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية».

فيما يعثر علماء الفلك على أعداد متزايدة من الكواكب الخارجية ويتأكّدون من وجودها (حوالى 5500 حتى كتابة هذه السطور)، تظهر فجوات مثيرة للفضول في أنواع العوالم القائمة في تلك المساحات. على صعيد آخر، تظهر العوالم أيضاً في أماكن غير متوقعة، منها كواكب العمالقة الغازية في محيط نجوم ضئيلة.

تتشكّل النجوم انطلاقاً من كتل كثيفة في غيوم الغبار والغاز، وهي تنتج قرصاً ينساب نحو النجم المتنامي مثل المياه الجارية. بعد انتهاء مرحلة تشكيل النجم، تتحوّل بقايا القرص إلى كواكب. تكشف نماذج عدة أن كمية المواد الموجودة في القرص تتوقّف على كتلة النجم. تشمل النجوم الأكبر حجماً مواد إضافية، بينما تتراجع تلك المواد في النجوم الأصغر حجماً.

يسهل توقّع الاستنتاجات المشتقة من هذه الملاحظات. تكشف نماذج العلماء أن نجوم الأقزام الحمراء التي تكون أصغر من 40% من كتلة الشمس ونصف قطرها يُفترض ألا تشمل مواد كافية لتشكيل كواكب خارجية بعد تجاوز حجم معيّن. لكننا لا نكف عن إيجاد هذا النوع من الكواكب. رصد العلماء حتى الآن حوالى 12 كوكباً يدور حول نجوم ضئيلة.

يُعتبر كوكب TOI-4860b مرشّحاً واعداً ليكون محور دراسات لاحقة، لأن فريقَين منفصلَين اكتشفاه وحلّلاه عبر استعمال مجموعات مختلفة من الأدوات وتوصّلا إلى نتائج شبه متطابقة.

اكتشف فريق بقيادة عالِم الفلك خوسيه مانويل ألمينارا من «المعهد الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية» أن الكوكب الخارجي يساوي 76.6% من نصف القطر الشمسي و27.3% من كتلة المشتري، وهو يدور حول نجم يساوي حجمه حوالى 34% من كتلة الشمس ونصف قطرها.

كذلك، اكتشف فريق آخر بقيادة عالِم الفلك أموري تريو من جامعة «برمينغهام» في بريطانيا أن كوكب TOI-4860b يساوي 76% من نصف القطر الشمسي، لكن تبيّن أن كتلته تبلغ 67% من كوكب المشتري.

تبرز الحاجة إلى إجراء أبحاث بسيطة أخرى للتأكد من كتلة الكوكب بدقّة. لكن يبدو نصف القطر شبه متطابق، ما يعني أن الكوكب الخارجي يساوي 22% من نصف قطر نجمه.

أضاف كل فريق معلومة مختلفة. عثر ألمينارا وزملاؤه على أدلّة تشير إلى وجود كوكب خارجي آخر وغير مُكتشَف تصل مدّة دورانه إلى 426.9 يوماً وتبدو كتلته أكبر من المشتري بـ1.66 مرة على الأقل، ما يعني أن تفاعلات الجاذبية بين الكواكب الخارجية ربما دفعت كوكب TOI-4860b نحو مداره القريب.

في المقابل، اكتشف تريو وفريقه أن النجم والكوكب الخارجي يسجّلان نسبة مرتفعة ومتشابهة من العناصر الثقيلة، وقد تحتوي هذه الأخيرة على أدلّة حول تكوين الجسمَين. لكن يرتكز هذا التفسير برأي الباحثين على قياسات لكتلة الكوكب الخارجي كانت قد أُخِذت في ظروف معاكسة، ما يعني أنها قد تكون مفتعلة.

في مطلق الأحوال، يؤكد الفريقان ضرورة جمع معلومات كثيرة أخرى عبر إجراء دراسات لاحقة لاستشكاف الغلاف الجوي الخاص بكوكب TOI-4860b ومعرفة تركيبته. قد تسمح تلك الأبحاث بحل اللغز الكامن وراء هذه العوالم الثقيلة على نحو غريب.


MISS 3