رابط بين تناول المكسّرات يومياً وتراجع مخاطر الاكتئاب

02 : 00

تزداد الأدلة التي تثبت أثر الحمية الغذائية على المزاج. وتكشف دراسة جديدة نشرتها مجلة «التغذية العيادية» أن تناول 30 غراماً من المكسرات يومياً يرتبط بتراجع مخاطر الاكتئاب بنسبة 17%.



حلل الباحثون بيانات من البنك الحيوي البريطاني، وراجعوا معطيات خاصة بأكثر من 13 ألف شخص في منتصف العمر أو في عمر متقدم بين العامين 2007 و2020. بلغ متوسط أعمار المشاركين 58 عاماً.

شارك المتطوعون في استبيانات لقياس مستوى استهلاك المكسرات، ودوّن الباحثون خلال الدراسة أعراض الاكتئاب أو مستوى استعمال مضادات الاكتئاب. لم يذكر أي من المشاركين إصابتهم بالاكتئاب في بداية الدراسة.

كشفت النتائج تراجعاً في نزعة كبار السن والناس في منتصف العمر إلى أخذ مضادات الاكتئاب أو الإصابة بهذا المرض عند تناول 30 غراماً من المكسرات يومياً (لوز، جوز، كاجو، بندق، فستق، مكسرات برازيلية).

بقيت هذه النتيجة على حالها رغم مراعاة عوامل متغيرة أخرى قد تؤثر على الصحة النفسية، مثل المشاكل الصحية وأسلوب الحياة.

يقول الدكتور لوكيش شاهاني، أستاذ مساعد في الطب النفسي في جامعة «يو تي هيلث هيوستن» (لم يشارك في الدراسة الجديدة): «تشمل المكسرات مجموعة غنية ومتنوعة من المواد الكيماوية النباتية المتوافرة بيولوجياً ويمكن ربطها بنشاطات مضادة للالتهاب والأكسدة، علماً أن هذه النشاطات ترتبط بدورها بتحسين الصحة النفسية. كذلك، قد يكون دور الرابط بين الآثار المضادة للالتهاب والأكسدة والتركيبة الغذائية للمكسرات مهماً لتخفيض مخاطر الاكتئاب».

المكسرات غنية بالأحماض الأمينية التي تسهم في تنظيم المزاج، منها الأرجينين، والغلوتامين، والسيرين، والتريبتوفان، وثمة رابط بين تراجع مستويات هذه الأحماض والاكتئاب.

يوضح لوكيش: «تُعتبر النواتج الأيضية التي تظهر على طول المسار الفاصل بين التربتوفان والكينورينين وسيطة عصبية وبيولوجية أساسية في حالات الاكتئاب».

على صعيد آخر، تحتوي المكسرات أيضاً على مضادات أكسدة مثل الفيتامين E وأحماض الأوميغا 3 الدهنية.

يظن الباحثون أن المكسرات قد تكون مسؤولة عن تراجع مستويات الاكتئاب، لكنهم لا يستطيعون إقامة علاقة سببية بين العاملَين لأنهم لم يعطوا المكسرات للمشاركين ويراقبوا انخفاض أو ارتفاع مستويات الأكسدة في أدمغتهم. مع ذلك، تبيّن أن المكسرات ترتبط عموماً بانحسار حالات التراجع المعرفي.

لا بد من إجراء أبحاث أخرى للتأكد من نتائج هذه الدراسة. يعترف شاهاني بأن بحثه كان محدوداً على بعض المستويات. أولاً، لا يمثّل المشاركون عامة الناس، ما قد يؤثر على نطاق النتائج ووجهتها والقدرة على تعميمها. ثانياً، قد تُعتبر النتائج انتقائية بسبب عدد المشاركين غير الخاضعين للمتابعة في المرحلة اللاحقة. ثالثاً، ارتكزت البيانات المرتبطة بمستوى استهلاك المكسرات على كلام المشاركين ولا مفر من حصول أخطاء في القياسات. رابعاً، اقتصرت الفئة الأكثر استهلاكاً للمكسرات على حالات قليلة من الاكتئاب. لهذا السبب، قد تنجم قلة الروابط الجازمة عن تراجع قوة الإحصاءات المستعملة.

قيّمت هذه الدراسة حالات الاكتئاب التي اعترف بها المشاركون، وقد يؤثر هذا الجانب على التقديرات المرتبطة بشيوع المرض. تقول الدكتورة نيكول أفينا، خبيرة تغذية في مدرسة الطب «ماونت سيناي»: «يتعلق أحد العوائق بعدم مراعاة العوامل الخارجية، فقد طُلِب من المشاركين بكل بساطة أن يتناولوا 30 غراماً من المكسرات. لكن تتعدد العوامل الغذائية التي تؤثر على الصحة النفسية العامة، وربما أثّرت إضافة المكسرات على حمية المشاركين وشجّعتهم على تحسين نمطهم الغذائي عموماً. في مطلق الأحوال، تبقى إضافة المكسرات إلى أي حمية صحية خطوة مفيدة».

أخيراً، قاست هذه الدراسة نزعة الناس إلى استهلاك المكسرات وأعراض الاكتئاب التي تعرضوا لها، وقد لا ترتبط هذه الجوانب مباشرةً بأي تدابير موضوعية. مع ذلك، تبقى نتائج الدراسة واعدة وقد تشكّل ركيزة لدور الحمية الصحية في حماية الصحة النفسية.


MISS 3