أدوية تنتج أشكال حياة اصطناعية

02 : 00

في مرحلة معيّنة من المستقبل، قد تتوقف عن ابتلاع الأدوية لمعالجة أمراضك وتبدأ بابتلاع شكل اصطناعي من الحياة، فينشغل هذا الأخير بتحليل الأمراض أو التخلص منها داخل جسمك.

قد تبدو هذه الفكرة جزءاً من فيلم خيال علمي، لكن عرض فريق بحثي من جامعة جنوب الدنمارك وجامعة ولاية كينت في الولايات المتحدة تفاصيل عن كيفية تحويل جزيئات هجينة ومتخصصة من الحمض النووي والبروتينات إلى ركيزة لتلك الأشكال الاصطناعية من الحياة.

تنطلق هذه الفكرة من احتمال تشفير الروبوتات الحيوية الضئيلة المبرمجة كي تستهدف مشاكل صحية محددة عبر ضخ أنواع معيّنة من الأدوية مثلاً أو تحفيز بعض خلايا الاستجابة من جهاز المناعة في الجسم.

يقول خبير التكنولوجيا الحيوية، تشن غوانغ لو، من جامعة جنوب الدنمارك: «في الطبيعة، تتعامل معظم الكائنات الحية مع أعداء طبيعيين، لكن لا يجد بعضها أي نوع من الأعداء. لا تواجه بعض الفيروسات المُسببة للأمراض مثلاً أي عدو طبيعي، لذا من المنطقي ابتكار شكل اصطناعي من الحياة لمنحها نوعاً من الأعداء».

ينوي الباحثون ابتكار هؤلاء الحلفاء الاصطناعيين على شكل فيروسات وجراثيم وخلايا مُهندَسة. لا تزال هذه الأشكال الاصطناعية من الحياة بعيدة المنال، لكن سبق وابتكر الباحثون ما يسمّونه «مترافق ببتيد الحمض النووي»: تجمع هذه الجزيئة بين الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين والببتيدات (سلسلة من الأحماض الأمينية المستعملة لتشكيل البروتينات).

يسيطر الحمض النووي بدقة على طريقة تشفير الجزيئات، لكنه يبقى محدوداً على مستوى التفاعلات التي يستطيع تسهيلها. في المقابل، تكون الببتيدات (مع 20 خليطاً محتملاً من الأحماض الأمينية) متعددة الاستعمالات وتسمح بالتلاعب ببيئاتها الكيماوية. بالإضافة إلى استعمال الجزيئات الحيوية الهجينة لإنتاج أشكال اصطناعية من الحياة، قد يستخدمها العلماء أيضاً كركيزة للقاحات الفيروسية، ما يمنحنا برأي الباحثين طريقة متخصصة ومفصّلة لمحاربة العدوى.

يوضح لو: «قد نحصل على لقاح فيروسي اصطناعي خلال عشر سنوات تقريباً. لكن نظراً إلى المعارف التي نملكها، لا شيء يمنع إنتاج كائنات خلوية اصطناعية مستقبلاً، في المبدأ على الأقل».

يتابع العلماء تحسين تقنيات تحرير آثار الحمض النووي التي ترتكز عليها جميع الكائنات الحية، وهم يحرزون تقدّماً ملحوظاً أيضاً عبر خلطها مع الببتيدات لبناء هياكل نانوية ضئيلة ونقل أدوية السرطان مثلاً. على صعيد آخر، استُعمِلت تلك الجزيئات الهجينة أيضاً لابتكار آلات نانوية قادرة على فتح القنوات في أغشية الخلايا. يمكن استعمال هذه التقنية مجدداً لإطلاق استجابات مناعية مستهدفة أو لتشخيص ما يحصل داخل الجسم.

لا تزال هذه الأبحاث في بدايتها، فقد نشأ هذا القطاع بحد ذاته خلال العقد الماضي، لكنّ إنتاج جزيئات مُهندَسة تستطيع التكيّف مع الظروف ويمكن التحكم بها بدقة قد يفتح المجال أمام مجموعة واسعة من الاحتمالات.

نُشرت نتائج البحث في مجلة «تقارير الخلية للعلوم الفيزيائية».


MISS 3