جورج الهاني

الطائفية أخطرُ من "كورونا"

15 حزيران 2020

10 : 29

إنتظرنا طويلاً بلهفة عودة الروح الى الملاعب والقاعات الرياضية، لما لهذه الخطوة من تأثير إيجابيّ على نفسية ومعنويّات جيل الشباب اللبناني المُحبط واليائس والخائف على دوره ومستقبله، في بلدٍ لا يُعير رؤساؤه وزعماؤه أهمّية لطاقات أبنائه، وحقّهم في إثبات وجودهم في القطاعات والإدارات الرسمية ومراكز القرار في الدولة.

ولكن بدا منذ الأسبوع الأول لتطبيق هذا القرار أنّ هناك تداعياتٍ مُقلقة – بل خطيرة – لا تتعلّق هذه المرّة بفيروس "كورونا"، الذي كان سبباً رئيساً في تجميد النشاطات الرياضيّة في البلاد، بل أحداثُ الشغب التي شهدتها العاصمة بيروت في الأيام الماضية، والتي طالت تحديداً ملعب نادي الأنصار على طريق المطار وأدّت الى احتراق أجزاء من عشب أرض الملعب وبعض المنشآت واللوحة الإعلانية.

قد يبدو ما كُتبَ حتى الآن طبيعياً وفي سياق ما يجري أخيراً في العديد من المناطق اللبنانية على رغم كونه مؤسفاً ومُداناً، إلا أنّ ما يُميّز الإعتداء على نادي الأنصار المعروف بهوّيته وإنتمائه هو البيان الصادر منذ يومَين عن رئيسه نبيل بدر، الذي وجّه أصابع الإتّهام علناً الى جماهير "حزب الله" وحركة "أمل"، علماً أنه عادَ وأنهى بيانه بالتأكيد على أنّ هذه التصرّفات لم تكن مُبرمجة ولا موجّهة الى النادي، و"إنما أتت نتيجة إستغلال بعض هذه العناصر للمساحة التي أعطتهم إياها تلك الأحزاب للتعبير".

إذاً قد لا يكون القضاء على وباء "كورونا" هو المدخل الرئيسيّ الوحيد للولوج الى الملاعب وإستئناف البطولات الإتحادية بشكلٍ هادئ وآمن، إنما الخوفُ يكمنُ في ظلّ الإنقسام السياسي الحادّ الحاصل في لبنان من تسلّل الشعارات والهتافات الطائفية المُسيئة الى المدرّجات، على ألسنة مندسّين بين المشجّعين مشابهين لأولئك الذين يندسّون حالياً بين المتظاهرين، تترافقُ مع شتم زعيمٍ من هنا أو حزبٍ من هناك كما حدثَ ذلك أكثر من مرّة في الماضي، علماً إنه إذا تكرّر هذا السيناريو اليوم سيكون مفعوله أقوى وأخطر، وعندها لن يكون أحدٌ قادراً على تصوّر المشهد الذي سيخيّمُ على الملاعب وإنعكاساته السلبيّة على الوسط الرياضي، كما على لبنان برمّته.


MISS 3