الراعي: لا يمكن إزالة الفوضى إلا برئيس كفوء ونزيه ونظيف الكفّ

11 : 19

ترأس البطريرك مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي اليوم الأحد في بكركي، وبعد الإنجيل المقدس ألقى عظة قال فيها: "تحتفل الكنيسة في هذا الأحد بتذكار البيان ليوسف الذي احتار أمام حبل مريم خطيبته، وبحسب الشريعة زوجته، قبل أن يتساكنا، "فعزم أن يطلّقها سرّاً، فتراءى له ملاك الربّ في الحلم"، وكشف له سرّ حبل مريم البتولي بقوّة الروح القدس".



وتابع الراعي: "نستعدّ لعيد الميلاد، لكي يولد المسيح في قلوبنا، من خلال هذا البُعد لميلاد ابن الله في كلّ مؤمن ومؤمنة يحبّه وتحبّه، نفهم كلمة الرسول في الرسالة إلى العبرانيين: "يسوع المسيح هو هو، أمس واليوم وإلى الأبد"، وهذا الكلام ليس محصوراً بفئة من الناس، بل هو موجّه إلى كلّ إنسان، ولا سيما إلى الذين يتعاطون الشأن العام، والمسؤوليّة السياسيّة والمدنيّة. فهؤلاء إذا وُلد المسيح في قلوبهم، تغيّرت أفكارهم ونواياهم ومشاعرهم نحو كلّ ما هو حقّ وخير وجمال، يؤمّن الخير العام في الدولة والمجتمع".



وأردف: "وعليه نودّ أن نشكر الله معكم على أنّه جنّب لبنان بالأمس خطر أزمة سياسيّة وأمنيّة، بالقرار الذي اتّخذه مجلس النواب إذ "مدّد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنيّة لمدّة سنة"، هكذا ظهرت الإرادة الحسنة التي ترفّعت عن المصالح الشخصيّة والفئويّة، وتطلّعت حصراً إلى "المصلحة الوطنيّة العليا" المعروفة قانوناً ودوليّاً بالفرنسيّة " Raison d’Etat" هذه المصلحة الوطنيّة هي تجنّب الفراغ المميت في قيادة الجيش؛ الصمود الفطن بوجه الإعتداءات الإسرائيليّة اليوميّة المسلّحة والمستمرّة على قرى الجنوب اللبناني؛ تثبيت وحدة الجيش وثقته بنفسه وبقيادته؛ تجنّب أي زعزعة في صفوفه بداعي التغيير، وفقاً للقاعدة الذهبيّة: "الشريعة للإنسان، لا الإنسان للشريعة".



وأشار الراعي الى ان كلمة رئيس مجلس النواب في بداية الجلسة عبّرت عن رغبة جميع اللبنانيين عندما قال: "كلّ اللبنانيّين دون استثناء هم مع الجيش اللبنانيّ، وما حدا يزايد على الثاني"، قائلاً: "كم نودّ ونصلّي كي تستمرّ هذه الإرادة الحسنة لدى أعضاء المجلس النيابي فيدركون ألا دولة من دون رئيس"، فيلتئم المجلس النيابي سريعاً وينتخب رئيساً للدولة الذي بدون السلطة المناطة به لا ينتظم أداء المؤسّسات الدستوريّة، ولا يتحقّق الإنتظام العام، فتفقد السلطة مبرّر وجودها، فالدولة وُجدت ككيان سياسيّ وحقوقيّ من أجل الحفاظ على الوطن وتنظيم شؤونه بما يوفّر الأمن والإستقرار والعيش الكريم لأبنائه. هذه هي المصلحة الوطنيّة العليا التي لا تعلوها أي مصلحة، والتي تتحقّق من خلالها المصالح الخاصّة للمواطنين وللفئات التي يتكوّن منها الوطن. ولذلك لا غنى عنها، ولا يجوز التفريط بها لحساب أي مصلحة أخرى".



وختم الراعي: "فليدرك نوّاب الأمّة أنّ الفوضى السياسيّة العارمة، واستباحة خرق الدستور نصاً وروحاً، والنزاعات الداخليّة، والإنقسامات على حساب الدولة والمواطنين لا يمكن إزالتها إلّا بوجود رئيس للدولة كفوء ونزيه ونظيف الكفّ، لا يهتمّ إلّا بالمصلحة الوطنيّة العليا. فلا يساوم عليها، بل يضعها فوق أي إعتبار".

MISS 3