جاد حداد

Thank You, I’m Sorry... سيناريو ضعيف وسطحي

6 كانون الثاني 2024

01 : 59

يتمحور الفيلم السويدي Thank You, I’m Sorry (شكراً، أنا آسفة)، على شبكة «نتفلكس»، حول شقيقتَين تجتمعان مجدداً بعد سنوات من التباعد بسبب ظروف غير متوقعة. الفيلم من إخراج ليزا أشان ومن كتابة ماري أوسترباي.

تكون «سارة» حاملاً في شهرها الثامن حين يتكلم معها زوجها «دانيال» عن رغبته في الانفصال عنها قبل ذهابه للنوم في إحدى الليالي. يموت «دانيال» في اليوم التالي، وتبقى «سارة» مع كمّ كبير من الأسئلة العالقة حول قراره بالابتعاد عنها وعن عائلته. حين تنضم إليها عائلة زوجها الصغيرة وشقيقتها البعيدة «ليندا» في فترة الحداد، تكثر الحقائق الخفية حول حزن «سارة» وعلاقتها بطفولتها. في المقابل، تعرض «ليندا» العيش مع شقيقتها الصغرى على أمل أن يتغير الوضع بينهما.

تنكشف حقائق ومسائل مزعجة كثيرة فيما تتعامل «سارة» مع مشاكل عدة بعد وفاة زوجها. هل تشعر بالغضب لأن زوجها الراحل تركها مع كمّ كبير من الأسئلة العالقة؟ وما الذي يدفع «ليندا» و»سارة» إلى تحسين علاقتهما بعد هذه السنوات كلها؟ يجيب الفيلم على هذه الأسئلة وسواها على مر ساعة ونصف.

الحزن هو الموضوع المحوري في الفيلم، لكن يشمل العمل أيضاً بعض الكوميديا السوداء من وقتٍ لآخر لمساعدة الناس على استرجاع الراحة وإيجاد بعض الجوانب المرحة في حياتهم اليومية المليئة بالحزن. لا يعكس سيناريو ماري أوسترباي العمق المطلوب للتطرق إلى هذا النوع من القصص الحزينة. لكل شخص طريقته الخاصة في التعامل مع الموت والحياة بعد خسارة شخص عزيز عليه، لكن كان يُفترض أن تضاف عواطف مثل الألم إلى السيناريو لفهم الجو العام في ذلك المنزل. ثمة عداء كامن بين «سارة» وحماتها «هيلين» بسبب عجز «سارة» عن البكاء والتعبير عن عواطفها، لكن يتعامل السيناريو مع هذه الحبكة الفرعية بطريقة سطحية. كان يمكن أن يتخذ السيناريو منحىً أعمق بدل أن يكون أحادي البُعد. لا تستكشف القصة مثلاً السبب الذي يفسّر رغبة «دانيال» في ترك «سارة» التي كانت توشك على إنجاب طفلهما الثاني. تخلى الكتّاب في مرحلة معينة عن استكشاف هذه الحبكة الفرعية أو نسوها بالكامل. كان من الأفضل أن نطّلع على طبيعة العلاقة بين الزوجين. تشارك «سارة» حكايات عدة عن زواجهما بطريقة عابرة، لكن لا شيء يبرر الغضب الذي شعرت به حين تركها «دانيال» من دون أجوبة واضحة.

على صعيد آخر، لا يُحدد كتّاب السيناريو عمل البطلتَين بدرجة كافية من الوضوح. كذلك، لا يُخصص الفيلم الوقت الكافي لتطوير العلاقة بين «ليندا» وشقيقتها الصغرى «سارة» رغم ابتعادهما عن بعضهما لسنوات. كان ظهور «ليندا» المفاجئ ثم انتقالها للعيش مع شقيقتها بطلبٍ منها حدثاً مباغتاً. لم يسبق أن أمضت الشقيقتان وقتاً مشتركاً كافياً كي تتعمق كل واحدة منهما في حياة الأخرى وتتخذا قرارات حاسمة. يتخبط سيناريو أوسترباي في هذه الجوانب من الفيلم. في غضون ذلك، تتراجع متعة المشاهدة بسبب غياب العواطف على مر القصة، إذ يخلو العمل من أي مشاهد مؤثرة. يُفترض أن تشمل أي قصة عن العائلات المفككة بعض الأسرار المثيرة للاهتمام. كذلك، تنشأ بعض الصراعات من دون سبب مقنع، ما يؤدي إلى إبطاء إيقاع القصة بلا مبرر. تتعدد الثغرات في السيناريو والقصة عموماً، وتفتقر الحبكات الفرعية إلى الوضوح. قد تكون النهاية متوقعة، لكن كان السيناريو المشحون عاطفياً ليرفع مستوى العمل.

أخيراً، لا يُعبّر أداء بطلتَي الفيلم عن أي ألم حقيقي بسبب السيناريو الذي يغفل بكل بساطة عن تطوير هذا الجانب من القصة. تجسّد سانا سوندفيست بدور «سارة» وشارلوتا بيورك بدور «ليندا» المِحَن التي تواجهها المرأة حين تتعامل مع مشاكلها. تبدو «سارة» امرأة ضعيفة حين تكون على بُعد شهر واحد من إنجاب ابنتها، وتقدّم سانا بهذا الدور أداءً جديراً بالثناء، مع أن السيناريو يبقى أقل من المستوى المطلوب ولا يستكشف ألمها وغضبها بعمق. أما شارلوتا بدور «ليندا»، فهي نقيض لشخصية شقيقتها وتبدو الأكثر هدوءاً بينهما. تُعتبر شارلوتا إضافة إيجابية إلى هذا الفيلم الباهت، فهي تبذل قصارى جهدها لإنقاذ العمل، مثلما تحاول «ليندا» إنقاذ حياة شقيقتها. بما أن هذا الفيلم هو من إخراج وكتابة النساء، تُعطى الأولوية للشخصيات النسائية أيضاً، وهو جانب يستحق الإشادة. بشكل عام، يرتكز الفيلم على أسلوب الشقيقتَين في التعبير عن حبّهما لبعضهما، لكنه يفتقر إلى العواطف وقوة التأثير.

MISS 3