جاد حداد

Avatar: The Last Airbender... أفضل من المتوقّع

26 شباط 2024

02 : 00

قد لا تبدو فكرة إنتاج مسلسل Avatar: The Last Airbender (أفاتار: مسخّر الهواء) صائبة للوهلة الأولى. ما الداعي لتكرار واحد من أنجح الرسوم المتحركة على الإطلاق؟ لكن رغم الشكوك والانتقادات، قد يكون المسلسل الذي تعرضه «نتفلكس» أفضل بكثير من التوقعات.

يسهل أن نشعر بأن المسلسل هو نتاج طاقم وممثلين يعشقون العمل الأصلي. ربما تغيرت بعض العناصر والتفاصيل، لكن لم تؤثر تلك التعديلات على جوهر العمل بشكل عام، ويبدو أن هذا المشروع يهدف أصلاً إلى تكريم السلسلة الأصلية. تتعدد المشاهد والعبارات التي تشبه القصة الأصلية، حتى لو قرر صانعو العمل إحداث بعض التغيرات البنيوية في النسخة المقتبسة.

تتعلق نقطة قوة المسلسل هذه المرة بطاقم الممثلين. ثمة تشابه كبير بين الخيارات التمثيلية في هذه القصة وشخصيات الرسوم المتحركة، وينجح صانعو العمل في تجسيد تلك الشخصيات بأفضل طريقة. لكن قد يكون أداء دالاس ليو بدور «الأمير زوكو» الأكثر إبهاراً، فهو يُعبّر عن الغضب لإخفاء شعوره بالرفض على مر المسلسل. سرعان ما ينضم إليه ممثل ممتاز آخر: إنه بول صن لي بدور «إيرو»، لكن تتعلق مشكلته الوحيدة بطول قامته!

في المقابل، يحتاج إيان أوسلي بدور «سوكا» وغوردون كورمييه بدور «آنغ» إلى وقتٍ أطول كي يدخلا في أجواء القصة، لكنهما يقدمان أداءً مقنعاً ويشاركان في رفع مستوى العمل. قد لا يتذمر «سوكا» هذه المرة من دور الفتيات السلبي في عالمهم، لكنه يتعامل مع النوع نفسه من انعدام الأمان الذي جعله يقتنع بهذه الفكرة. قد تبدو شخصية «آنغ» جامدة في طريقة الكلام والتصرف في المراحل الأولى من القصة، لكنه يتغير مع تقدّم الأحداث ويقدّم كورمييه هذا الدور بشكلٍ احترافي في نهاية المطاف، لأن شخصية «آنغ» تفرض عليه أن يجسّد دور شاب في مقتبل العمر. قبل عرض المسلسل، انتشرت مخاوف من احتمال أن تبدو شخصية «آنغ» قاتمة وجدية أكثر من العمل الأصلي، لكن لا يختار صانعو النسخة المقتبسة هذا التوجه لحسن الحظ. قد يتحمّل هذا الشاب أعباءً هائلة في حياته، لكنه لا يزال ذلك الفتى الأخرق في داخله.

على صعيد آخر، يُعتبر الطاقم التمثيلي الذي يجسّد شعب «أمّة النار» ممتازاً. يقدّم الممثل دانيال داي كيم أداءً مدهشاً بدور «فاير لورد أوزاي». ويبرع كين لونغ في تقديم شخصية القائد «تشو» المتذمّر والمتآمر. في المقابل، قد لا يبدو اختيار إليزابيث يو لأداء دور «أزولا» صائباً للوهلة الأولى، فهي لا تشبه الشخصية الأصلية بأي شكل، لكنها تتمتع بحضور قوي وتثبت براعتها مع تقدّم الأحداث. لا مفر من تصديق جانبها الوحشي في نهاية المطاف.

يمكن استثناء الممثلة كايوينتيو التي تقدّم دور «كاتارا» من هذه القائمة على الأرجح. من بين جميع الشخصيات، قد يكون أداؤها الأقل تميّزاً أو تأثيراً. هي لا تقدّم أداءً سيئاً، لكن نظراً إلى أهمية شخصية «كاتارا» في القصة الأصلية، لا تتمتع هذه الممثلة بالطاقة والحيوية اللازمة لتقديم هذا الدور. قد يسطع نجمها حين يبلغ الصراع ذروته في المسلسل، لكن لا يبدو أداؤها مقنعاً بقدر الممثلين الآخرين قبل هذه المرحلة من القصة. قد يتغير هذا الوضع في المواسم المستقبلية (يستحق المسلسل مواسم أخرى رغم كل شيء!).

تُعتبر المؤثرات البصرية المستعملة جيدة في معظمها. في بعض اللحظات، تبدو المشاهد مركّبة أكثر من اللزوم، فيسهل أن نتخيّل تصويرها أمام الشاشة الخضراء قبل مرحلة المونتاج، لا سيما في مشاهد الإبحار على متن القوارب أو ركوب الثور الطائر «آبا». لكن تبدو المؤثرات البصرية ممتازة في لحظات أخرى. يقدّم صانعو العمل شخصية «آبا» بطريقة مدهشة. في الوقت نفسه، تبدو مناظر المدينة خلابة. قد لا يقدّم المسلسل مشاهد قتالية تتفوق على اللقطات التي ميّزت العمل الأصلي، لكنها تبقى جيدة وتقدم محتوىً ممتعاً بفضل مشاهد الحركة الحيوية.

أخيراً، يتّسم المسلسل بإيقاع ممتاز. عند التفكير بالموضوع، كان مدهشاً أن يحاول المخرج مانوج نيلياتو شيامالان حصر موسم كامل في فيلم واحد، لكن يشمل المسلسل هذه المرة ثماني حلقات وتمتد كل حلقة منها على 50 أو 60 دقيقة. شمل الموسم الأول 20 حلقة تتراوح مدة كل واحدة منها بين 20 و22 دقيقة. إنها مدة شبه متساوية، ما يعني أن صانعي العمل لديهم ما يكفي من الوقت هذه المرة لسرد القصة أكثر من الكتاب الأصلي، وتمنح هذه الميزة فسحة إيجابية للمسلسل بشكل عام.

في مطلق الأحوال، يصعب تقييم مختلف جوانب المسلسل، ومن المنطقي ألا يرضي العمل جميع الأذواق نظراً إلى حجم النجاح الذي حققه العمل الأصلي. من غير المنصف أن يحاول البعض تكرار هذا النوع من القصص التي تحظى بشعبية واسعة. لطالما قدّمت شبكة «نتفلكس» هذا النوع من المشاريع التي تنجح أو تفشل، ويمكن اعتبار هذا المسلسل ناجحاً بشكل عام لأنه يفوق التوقعات على مستويات عدة، وستكون مشاهدة طريقة عرض الكتابَين المتبقيَين من العمل الأصلي تجربة مثيرة للاهتمام حتماً.

MISS 3