لم تتوقف الجهود التي يقوم بها الجانب الأميركي من أجل تجنب المزيد من التصعيد في الحرب بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، ولكن الأميركي لم يجد أولاً في لبنان من يتحدث معه ويملك القرار، وثانياً أصبح الأميركي مقتنعاً أنّه ليس هناك من جواب سيحصل عليه من الجهة المعنية وهي «حزب الله» قبل توقف الحرب نهائياً في قطاع غزة، وهذا أمر لا يبدو واضحاً في الأفق بعد.
ولذلك يمكن القول إنّ جهود آموس هوكشتاين كبير مستشاري الرئيس الأميركي مجمدة بانتظار وقفٍ نهائي لإطلاق النار، ما يسمح له عند ذلك باستئناف هذه الجهود للتوصل إلى تطبيق فعلي للقرار 1701 وحل الإشكالات والتحفظات الحدودية بين لبنان وإسرائيل. وتواصل السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون في هذا الوقت إطلاق المواقف التحذيرية في السر والعلن لجهة أنه يجب تفادي توسع رقعة الحرب بأي ثمنٍ لأن النتائج على لبنان ستكون مدمرة.
إن الخطير في هذه المرحلة التي تشهد جموداً في الجهود الأميركية والأوروبية لاستعادة الهدوء في لبنان، هو أنّ «حزب الله» وإسرائيل يواصلان القتال على حافة الحرب الشاملة ويواصلان أيضاً التصعيد في العمليات العسكرية لجهة رقعة العمليات ولجهة نوعيتها، وبالتالي أصبحت مخاطر التدهور الشامل أكبر وأكثر جدية.
كل ذلك ترافق مع رسالة سلبيةٍ تؤشر إلى رفض التدابير التي يحكى عنها في اليوم الأول لما بعد الحرب وفي عملية تطبيق القرار 1701، وتمثلت هذه الرسالة في الإعتراض السوري على أبراج المراقبة التي بناها وجهزها البريطانيون عند الحدود الشمالية والشرقية، والتي يجري الحديث بقوة أن مثيلاتها سيتم تجهيزها عند الحدود الجنوبية، وترافق هذا الإعتراض السوري مع معلومات ذكرت أنّ الفريق البريطاني الذي يعنى بموضوع الأبراج تعرض منذ أيامٍ لمضايقات في لبنان تحت عنوان الظروف الأمنية، وهذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الفريق لمثل هذه الممارسات.
لقد أصبح واضحاً أنّه ليس التهدئة فقط مرفوضة في الجنوب، بل أن تطبيق القرار 1701 مرفوضٌ أيضاً لأنّ تطبيق هذا القرار يقوض في شكل تام الهدف الأكبر لمحور الممانعة، فهو يغلق الجبهة الوحيدة التي يمكن للجمهورية الإسلامية الإيرانية وحليفها «حزب الله» أن يوصلا من خلالها إطلاق شعارهم بإزالة إسرائيل من الوجود والقول بأن يوم تنفيذه آتٍ.