جاد حداد

The Abyss... عامل التشويق مفقود

28 شباط 2024

02 : 00

يأخذنا فيلم The Abyss (الهاوية) إلى منطقة «كيرونا» في السويد، حيث بدأت الأرض تتشقق بسبب عمليات التعدين المكثفة. يتمحور الفيلم حول «فريغا» (توفا نوفوتني) المسؤولة عن أمن المناجم، ويعرض رحلتها وهي تتعامل مع التحديات التي يفرضها عليها عملها وتضطر لإقامة توازن معيّن مع حياتها العائلية. يشمل طاقم الممثلين أسماءً مثل إدوين رايدينغ، وبيتر فرانزن، وكاردو رازازي، وفيليسيا ترودسون، وتنتين بوغاتس ساري، ويستكشف الفيلم التقلبات المتواصلة في عالم «فريغا».

تلعب الموسيقى التصويرية في خلفية المشاهد دوراً أساسياً لتسليط الضوء على اللحظات المحورية، أبرزها انهيار المباني وموت الشخصيات. لكن لا يستعمل صانعو العمل الموسيقى المحتدمة نفسها خلال مشاهد الكوارث الكبرى، مع أن هذا العامل كان ليزيد الأثر الدرامي. في غضون ذلك، تتماشى المشاهد الرومانسية مع الموسيقى الناعمة، لكن من اللافت أن تغيب أي موسيقى قوية ومؤثرة في لحظات الهلع والصراعات. في الوقت نفسه، قد تكون الدبلجة نافعة في بعض الأجزاء، لكنها لا تنقل العواطف بالشكل المناسب في مشاهد أخرى.

في ما يخص التمثيل، تقدّم فيليسيا ترودسون بدور «ميكا» وتنتين بوغاتس ساري بدور «أيلا»، أداءً قوياً من بين الشخصيات الثانوية. لكن يخطف بيتر فرانزن الأضواء بدور «تيج» ويُعبّر عن مشاعر الغيرة التي تنتاب شخصيته وأدق جوانبها العاطفية ببراعة فائقة. حتى أنه قد يكون من الشخصيات التي يصعب نسيانها، لا سيما في مشهد انهيار المنجم أو تفاعلاته مع «دابير».

كذلك، تتميّز شخصية «فريغا» بقوة لافتة. تجسّد توفا نوفوتني هذا الدور عبر تقديم امرأة قوية وصادقة، فلا تخشى التعبير عن عواطفها الحقيقية، بل تحاول إقامة التوازن بين حياتها المهنية والشخصية تزامناً مع مواجهة تحديات متنوعة.

لا يستكشف الفيلم خلفية عائلة «فريغا» ووجود المستوطنين في «كيرونا» بدرجة كافية، ما يجعل القصة مفككة بشكل عام. قد تكون شخصية «فريغا» مختلفة ولافتة، لكن لا تتطور الشخصيات الأخرى بما يكفي بل تُستعمل لملء الفراغات بكل بساطة. كذلك، لا تقدّم القصة تبريراً منطقياً لنشاطات التعدين هناك، ما يزيد الارتباك الذي يشعر به المشاهدون. بحلول ذروة الأحداث، تصبح القصة متخبطة لدرجة ألا نفهم المسار الذي مهّد لهذه التطورات.

بشكل عام، سيتركنا الفيلم مع أسئلة عالقة نظراً إلى النقص الواضح في تفاصيل القصة. تُلمِح بعض المشاهد إلى احتمال أن تغادر «ميكا» منطقة «كيرونا» بينما تُخطط «أيلا» للبقاء، لكن يفتقر الفيلم إلى تفاصيل وافية عن هذا الجزء من علاقتهما. كذلك، لا تبدو الاحتجاجات التي يعرضها الفيلم مبررة، لذا لا مفر من التساؤل عن سببها الأصلي. من الواضح أن الفيلم يتّكل في المقام الأول على سرد الأحداث بدل عرضها عبر مشاهد واضحة، ما يجعل القصة مملة وغير مفهومة.

يمكن تقبّل الجزء الأول من الفيلم كونه يعرض قصة متماسكة وروابط عاطفية متينة. لكن مع تطوّر الحبكة، يتخبط إطار الأحداث، لا سيما طريقة التعامل مع مشاهد الكوارث. يبدو الجزء الثاني مفككاً ويفتقر إلى التوضيح، لا سيما في موضوع عمليات التعدين المستمرة رغم تصدّع أرض المدينة. كذلك، تفتقر مشاهد الكوارث إلى التأثير الذي يمكن توقعه في هذا النوع من اللقطات، بما في ذلك تفجير الصخور.

رغم استعمال مؤثرات للتعبير عن الأحداث الصادمة، تبدو المقاربات المستعملة عشوائية وغير متوقعة ولا تنجح في رفع مستوى التشويق والتوتر. كذلك، يبدو أن «فريغا» المسؤولة عن أمن المكان لا تعرف أجزاءً أساسية من المنجم مع أنها تسير على خطى والدها. هي تبرر ذلك على اعتبار أن المنجم لم يكن ناشطاً في آخر أربعين سنة. في الوقت نفسه، تبدأ المدينة بالتصدع والانهيار من حولها. قد تكون الكارثة الأولى في منطقة الصدع قوية، لكنها لا تشكّل لحظة مؤثرة بسبب ضعف التصوير السينمائي. يمكن تقبّل أقوى كارثة في القصة لاحقاً، لكن تبدو الكوارث الأخرى عابرة وغير مؤثرة بأي شكل.

يحمل العمل بعض النقاط الإيجابية، أبرزها الأداء التمثيلي وجزء من الموسيقى التصويرية. لكنه يتعثر في مجالات كثيرة أخرى مثل تطوير الشخصيات، والكتابة، ومسار القصة، ومشاهد الكوارث التي تفتقر إلى الجاذبية والتصميم المدروس.

في النهاية، يبقى الفيلم مشروعاً منخفض الميزانية عن الكوارث، لكنه باهت أكثر من اللزوم. يبذل الممثلون قصارى جهدهم، لكنهم يعجزون عن إنقاذ السيناريو الركيك.

MISS 3