جاد حداد

Mea Culpa... محاولة ضعيفة لتقديم قصة مقنعة

5 آذار 2024

02 : 00



يعجز فيلم Mea Culpa (أعترف بخطئي) عن تحديد مغزاه الحقيقي أو الخانة السينمائية التي يدخل فيها. ربما تتعدد الجوانب التي تستحق الإشادة في هذه القصة والشخصيات التي تقدّمها، لكن تفتقر جميع العوامل إلى التماسك الكافي لتقديم عمل ناجح. قد تكون العناصر التي تسمح بسرد قصة مقنعة موجودة، لكن يصعب الانغماس في مختلف الأحداث لأن الفيلم يُركّز في معظم الأوقات على أزمة الهوية التي يتعامل معها ويهمل الجوانب الأخرى. حتى الأجواء الليلية الساحرة تعجز عن إنقاذ العمل من هذه الفوضى المضلِّلة، وقد تكون اللكنات الإيطالية النافرة من أبسط المشاكل التي تواجهها الشخصيات.

تكثر الشوائب أيضاً على مستوى التمثيل. تبذل الممثلة كيلي رولاند قصارى جهدها لتقديم دور بطلة القصة «ميا» بأفضل طريقة ممكنة. تتمتع هذه الشخصية بالعوامل التي تحتاج إليها كي تصبح جاذبة ومقنعة، لكن لن تكون جهود رولاند كافية لضمان تماسك القصة. تملك تلك الشخصية المساحة اللازمة لتسليط الضوء على خصائصها المختلفة، لكن سرعان ما تضيع بسبب عدم اتكال صانعي العمل على تعقيداتها. في الوقت نفسه، يصعب الانغماس في الأحداث الفوضوية الأخرى في محيطها.

يدخل الفيلم في خانة الدراما القانونية، لكن لا تتطور القصة بالشكل المناسب رغم كل ما تقدّمه. حتى لو تغاضينا عن الانتهاكات الأخلاقية الفاضحة على مر الأحداث، تَقِلّ العوامل التي يمكن التعلّق بها. كان يمكن أن تتخذ القضية المحورية منحىً أكثر إثارة للاهتمام، وتتعدد الاختلافات والتعليقات التي كانت لتصبح محور القصة بقدر الشخصية الرئيسية. من المؤسف أن يعجز الفيلم عن التعبير عن الاستنتاج الذي يحاول التوصل إليه بشأن نظام العدالة الأميركي الشائب.

على صعيد آخر، لا يتجاوز الفيلم أزمة الهوية التي يتعامل معها في أي لحظة، فلا يطرح نفسه كفيلم تشويق جدّي، أو قصة رومانسية قاتمة، أو دراما تقليدية عن عائلة مفككة جداً. تتعدد الفرص التي تسمح للفيلم باسترجاع تماسكه بطريقة مقنعة، لكنّ إصرار صانعي العمل على عدم التركيز على قصة معيّنة يجعل السيناريو فوضوياً ويُصعّب عليه بلوغ هدفه النهائي.

كذلك، لا يبدو إيقاع القصة متماشياً مع طبيعة الأحداث المعروضة. تَقِلّ مدة العرض عن ساعتَين، لكن لا مفر من أن نشعر بأنها مدة طويلة. باستثناء اللحظات القصيرة التي تعرض أحداثاً لافتة، تبدو المشاهد الأخرى مبهمة. تطغى المماطلة دوماً على أي جزء مرتبط بشخصية «زيار» (تريفانت رودس). تُعتبر هذه الشخصية جاذبة أيضاً لكن لم يستغلها صانعو العمل بالشكل المناسب. ثمة شر كامن وراء شجاعته الظاهرية، لكننا لن نشاهد إلا لمحات عابرة من هذا الجانب.

أخيراً، قد تكون النهاية العامل الإيجابي الوحيد في هذه القصة. لن يرتاح المشاهدون حين ينتهي الفيلم فحسب، بل من الإيجابي أن نشاهد «ميا» وهي تبتعد عن كل شيء بعد جميع السخافات التي اضطرت للتعامل معها والألاعيب الشائكة التي تورطت فيها. قد تكون هذه النتيجة النهائية نقطة قوة الفيلم. من المؤسف أن تضطر هذه الشخصية التي كانت لتصبح حيوية ومشوّقة جداً لانتظار اللحظات الأخيرة من القصة لنيل ما تستحقه.

باختصار، كان يمكن أن يتخذ الفيلم منحىً مختلفاً بالكامل، فهو يشمل مجموعة من القصص الفرعية المقنعة التي كانت لترفع مستوى العمل. لكنه يعجز عن تجاوز جوانبه الفوضوية أو أزمة الهوية التي ترافقه حتى النهاية. تتعدد العناصر المبهمة التي لا تصل إلى نهاية متماسكة، ويمكن اعتبار هذه السلسلة من الإخفاقات مخيّبة للآمال على أقل تقدير.

MISS 3