لا يزال الاستحقاق الرئاسي عالقاً في عنق الزجاجة ولم تنفع تحركات اللجنة الخماسية في إحداث أي خرقٍ على هذه الجبهة ولا يزال الموفد الفرنسي جان ايف لودريان متردداً في المجيء إلى لبنان، لأن المؤشرات التي لديه تشير إلى أن لا تبدل أبداً في موقف الثنائي الشيعي الذي لا يزال متمسكاً برئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية وإلا فلا انتخابات. يدرك هذا الثنائي أنّ موقف الخماسية هو مع الخيار الثالث أي أنه ليس مؤيداً لانتخاب فرنجية أو لأن يكون فرنجية مرشحاً وحيداً في الحلبة الرئاسية، ولقد كان واضحاً الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في زيارته الإثنين إلى لبنان حين لفت في محادثات مع بعض من التقاهم أنّ الإدارة الأميركية تؤيد ما يعرف بالخيار الثالث، ولكنه أشار أيضاً إلى أن مفتاح الانتخابات الرئاسية وإنجازها لا يزال في يد رئيس مجلس النواب نبيه بري، أي أنه هو الذي يفترض أن يدعو إلى جلسات إنتخابية وأن يتعهد بتأمين النصاب.
وفي ظل هذه الأجواء أصبح واضحاً أنّ الاستحقاق الرئاسي في لبنان يسجل المزيد من التراجع في الحظوظ المتعلقة بإنجازه، فهو أولاً لم يعد أولوية بالنسبة للعديد من الدول التي تهتم بشؤون المنطقة ومنها لبنان، وثانياً لم تنفع الضغوط التي مورست في السياسة وغيرها في دفع «حزب الله» للتراجع عن موقفه التعطيلي، وثالثاً لم تقوَ قوى المعارضة على خلق حركة تأثير داخلي وخارجي تقلب الستاتيكو المتعلق بالرئاسة، بمعنى أن مواجهتها لـ»حزب الله» بقيت تحت السقف المطلوب. إزاء هذا الواقع لا يمكن لأحد أن يتكهن بأمد الشغور الرئاسي في لبنان، ولا يمكن لأحد أن يتكهن كيف سيكون المخرج من هذه الأزمة التي أصبحت، وبقرارٍ من الثنائي الشيعي، مرتبطةً بالحروب المندلعة في المنطقة حتى ولو أنكر هذا الثنائي، إعلامياً، هذا الربط، ولكن الحقيقة أنّ أي «نصر» قد يعلنه محور الممانعة ولن يعلن غيره مهما كانت الخسائر والكوارث سيتقاضى ثمنه في لبنان فقط، فهنا يمكنه أن يستمر في اعتماد سياسة الفرض التي تتدرج من الرئاسة إلى الحرب والسلم إلى النظام الذي يريده في البلد، وكأن الشريك الآخر غير موجودٍ إلا من أجل اعتباره عدواً داخلياً يستطيع من خلال التخويف به واتهامه بالتآمر، الإبقاء على حال الإستنفار والسيطرة تحت عنوان مواجهة العدو.