شربل داغر

ملكية المرأة لجسدها

18 آذار 2024

02 : 00

القرار التاريخي بإدراج الحق الاختياري في الإجهاض للنساء في الدستور الفرنسي سابقة تاريخية وعالمية أكيدة.

كما يطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تصويتاً جديداً يقضي بالحق الاختياري في «الموت الرحيم».

وهما قراران دستوريان يجعلان من «المواطن» قيّماً في حال الولادة وفي حال الموت، على ما لم تكن تجيزه لا القوانين، ولا الشرائع الدينية.

الجديد في هذين كونهما يخالفان بقوة ما كان معمولا به أينما كان، فيُرضي القرار الدستوري الأول حق المرأة، فيما يسعى القرار الثاني إلى إرضاء أي كان.

هذان القراران تاريخيان من دون شك، أيا كان الموقف منهما. ولن يكون من السهل اعتمادهما في دول أخرى.

الأكيد هو أن القرار الدستوري الأول يواكب موجة نسوية متصاعدة أينما كان، والتي جعلت لحقوق المرأة مدّاً متناميا، في السياسة، في العمل، في العلاقات بين الجنسين وغيرها.

هذه التعديلات الجوهرية بدلت، في ما يقرب من خمسين سنة وأقل، قوانين وسياسات وعادات متقادمة منذ عشرات القرون.

إلا ان ما يستوقف، في أحوال هذه البلاد، هو أنها لا تماشي، لا تواكب، هذه السياسات، بل تعارضها وتواجهها بقوة عنفية صريحة.

فتمثيل المرأة في السياسة، حتى لا أتحدث عن المساواة فيه، يبدو - إن توافرَ في أعداد قليلة هنا أو هناك - مثل «مكرمة»، مثل هبة... ذكورية، ممن يعتلون الهرم السياسي، ويتحكمون بمراتبه.

هذا ما انكشف بصورة مرعبة عند «ثوريين» طالبوا بإسقاط الأنظمة، إذ لم تتأخر أعداد منهم، في «الربيع العربي»، عن اغتصاب ‹ثوريات» تحت جنح الظلام، وعن التحكم والتصرف بأجسادهن. أما المساواة في الأجور، فلا تتوافر، بل على المرأة العربية أن تثبت أهليتها في أي موقع قيادي أكثر من الرجل بالطبع.

أما عن العلاقات بين الجنسين، فقد تدنت، بل تراجعت للغاية، بحيث باتت الزيجات «المرتبة»، أو ذات النفع المصلحي، هي التي «تُدَوْزِن» هذه العلاقات، وتترك قصص الحب والرغبة للروايات.

هذا لا يُغيّب، بالطبع، ظهور تعبيرات نسوية عربية، هنا وهناك، في جمعيات ومطالبات، أو في تجليات الأدب (بين شعر وروايات خصوصا)، مما يمكن تسميته: تجليات البدن وألسنته المكتومة، وتعبيرات الحس والانفعال، الجريئة في بعضها.

بالمقابل، تتزايد في الظهور التلفزيوني والغنائي، ظهورات السفور الفاقع التي تستثمر الكبت المتعاظم لدى رجال.

لهذا فإن الحديث عن «سعادة» العربي، في هذه الأيام، يبدو مثل رسالة رومنسية قديمة تحت «وسادة خالية».

أما الحديث عن «قوة» المجتمع، فتبدو هي قوة الرجل دون غيره، على أن هذه تتأتى منه وله، ومن تسيّده، ومن تحكّمه بغيره، من نساء ورجال.

في هذا كله، يبدو أن الرجل «يتملّك» المرأة، كيفما كانت، وأينما كانت.

MISS 3