النحل يتمتع بذكاء جماعيّ مشابه للبشر

تثبت النحلة الطنانة أن حجم الدماغ ليس كل شيء، فقد تبيّن أن هذه الحشرة الصغيرة التي تحمل دماغاً بحجم البذرة تتمتع بذكاء اجتماعي اعتبره العلماء سابقاً حكراً على البشر.



عند تدريب النحل الطنان في المختبر على فتح صندوق أحجية بخطوتَين، تمكنت هذه الحشرة من تعليم الحل لنحلة أخرى لم تشاهد الصندوق سابقاً.

ما كانت هذه النحلة الساذجة لتحل الأحجية من تلقاء نفسها. لتعليم ذلك الحل غير المبني على الحدس للنحل، اضطر الباحثون لعرض العملية أمام الحشرات ومنحوها مكافأة بعد الخطوة الأولى لمتابعة تحفيزها.

تتحدى هذه النتيجة فكرة شائعة مفادها أن القدرة على تعلّم سلوكيات لا يمكن ابتكارها عبر التجارب والأخطاء الفردية هي حكر على البشر.

إستخف الكثيرون بالنحل الطنان طوال عقود بسبب صغر حجمه، لكنه بدأ أخيراً يلقى التقدير الذي يستحقه. تكشف تجارب جديدة في المختبر أن هذا النحل يتعلم من بعضه، ويستعمل الأدوات، ويحتسب الأرقام حتى الصفر، ويقوم بمعادلات رياضية أساسية. يجب ألا نستخف أيضاً بذكائه الجماعي.

لاختبار هذه الفكرة، أعطت عالِمة السلوكيات أليس بريدجز من جامعة «كوين ماري» في لندن مستعمرات من النحل الطنان أحجية يمكن حلّها بخطوتين طوال 36 أو 72 ساعة تتوزع على 12 أو 24 يوماً متواصلاً ومن دون أي مساعدة بشرية. بعد مرور تلك المدة كلها، لم يتمكن النحل من تحديد طريقة الحصول على مكافأة بطعم السكر.

إضطر البشر لتكرار العملية أمام الحشرات، ولم يكن هذا الهدف ممكناً من دون استعمال مكافأة إضافية. لكن حين فهم النحل تفاصيل العملية، تمكّن من تعليم الحشرات الأخرى كيفية تحريك اللوحَين لإيجاد المكافأة.

تفتح هذه النتائج المجال أمام ظهور فرضية جديدة: إذا وُجِد كائن نادر وذكي في مجتمع النحل في الماضي، قد تستمر أفكاره وسط ثقافة الحيوانات ويمكن استعمالها خلال الأجيال اللاحقة.

تشير رقصة النحل الاهتزازية إلى المسافات والاتجاهات ونوعية المصادر الغذائية مثلاً، وظن العلماء سابقاً أنها ترتكز على الحدس بكل بساطة. لكن تبيّن الآن أن هذا النوع من السلوكيات يتأثر بالعوامل الاجتماعية أيضاً.