دعوة أمميّة إلى إجراء تحقيق في استخدام الشرطة "القوّة المفرطة"

"حزب بوتين" يتكبّد خسائر كبيرة في موسكو

00 : 00

خطة المعارض نافانلي لـ"التصويت الذكي أتت بنتائج إيجابية

بعد حملة قمع واسعة شنّتها الشرطة الروسيّة ضدّ المعارضين خلال الصيف، مُنِيَ الحزب الحاكم في روسيا بخسائر كبيرة في انتخابات برلمان مدينة موسكو، التي جرت أمس الأوّل وخسر فيها أكثر من ثلث مقاعده، بحسب ما أظهرت النتائج أمس، في حين قلّل المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف من حجم الخسائر، مشيراً إلى انتخابات محلّية وإقليميّة أخرى جرت الأحد في أنحاء مختلفة من روسيا حقّق فيها الحزب الحاكم "نجاحاً كبيراً".

واندلعت الاحتجاجات في موسكو بعد منع عدد من كبار شخصيّات المعارضة من الترشّح إلى انتخابات المدينة، إلّا أن نطاقها توسّع بعد ردّ السلطات القاسي عليها، ما أدّى إلى نتائج مخيّبة لآمال مرشّحي الكرملين، إذ حصلوا في الإنتخابات الماضية على 38 مقعداً في مجلس موسكو المؤلّف من 45 مقعداً، إلّا أنّهم لم يتمكّنوا من الحصول سوى على 25 مقعداً في الإنتخابات الأخيرة.

وكشف زعيم المعارضة أليكسي نافالني، الذي دعا إلى أوّل احتجاجات هذا الصيف بعد حظر حلفائه من المشاركة في الإنتخابات، أن خسائر الحزب الحاكم تعود إلى خطّته لـ"التصويت الذكي". ودعت تلك الخطّة سكّان موسكو إلى التصويت للسياسيين الأكثر قدرة على هزيمة المرشّحين الموالين للكرملين، مهما كان الحزب الذي ينتمون إليه. واستفاد من ذلك الحزب الشيوعي، الذي حصل على 13 مقعداً، بارتفاع 5 مقاعد عن السابق، وحزب "بابلوكو" الليبرالي، وحزب "روسيا العادلة"، حيث حصل كلّ حزب على 3 مقاعد.

وكتب نافالني على "تويتر" بعد صدور نتائج موسكو: "لقد حاربنا معاً من أجل تحقيق ذلك"، مضيفاً: "أشكر الجميع على مساهمتهم". ويأتي التغيير في برلمان المدينة، وسط ركود الاقتصاد وتدنّي مستويات المعيشة وهبوط في شعبيّة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما رأت ليوبوف سوبول، التي أصبحت زعيمة للاحتجاجات بعد حظر ترشّحها إلى الإنتخابات، أن التصويت "سيدخل التاريخ بفضل شجاعة وعزم سكّان موسكو وجُبن ولؤم إدارة المدينة". بينما اعتبر رئيس بلديّة موسكو سيرغي سوبيانين، الحليف المقرّب من بوتين، أن الإنتخابات كانت "عاطفيّة وتنافسيّة بحق"، مضيفاً أن التنوّع سيكون مفيداً لبرلمان المدينة.

وخسر رئيس فرع حزب "روسيا الموحّدة" في موسكو، اندري ميتيلسكي، مقعده الذي فاز به مرشّح الحزب الشيوعي. وصرّح للإعلام الروسي عند اعترافه بهزيمته، بأنّ "الناس يُصوّتون بقلوبهم وليس بعقولهم". وشهد حزب "روسيا الموحّدة"، الذي تشكّل العام 2001 لدعم بوتين، انهياراً في شعبيّته في السنوات الأخيرة، بحيث لم يترشّح أيّ من المرشّحين الموالين للكرملين تحت رايته في موسكو، بل قدّموا أنفسهم على أنّهم "مستقلّون".

وانتُخب ألكسندر بيغلوف، نائب حاكم سانت بطرسبرغ، لقيادة ثاني أكبر مدينة روسيّة، بعد انسحاب منافسه الرئيسي من الإنتخابات الأسبوع الماضي. وتحدّث نشطاء عن مخالفات في مراكز الاقتراع في أنحاء البلاد كافة، بينما أظهرت تسجيلات فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي عن تصويت نفس المقترعين مرّات عدّة في سانت بطرسبرغ وغيرها من المدن.

وفي الأرقام، أعلنت رئيسة لجنة الإنتخابات المركزيّة الروسيّة إيلا بامفيلوفا، أن متوسّط نسبة إقبال الناخبين في الإنتخابات المحلّية الروسيّة في مختلف المناطق، والتي جرت أمس الأوّل، بلغت 41.2 في المئة. وحصلت الإنتخابات المحلّية في 85 منطقة روسيّة، بما فيها الإنتخابات لـ13 مجلساً تشريعياً والإنتخابات المباشرة لـ21 نائباً في مجلس الدوما لمختلف المدن الروسيّة.

وخرج عشرات الآلاف إلى شوارع موسكو خلال الأشهر القليلة الماضية للدعوة إلى انتخابات نزيهة، حرّة وعادلة. واعتقلت الشرطة المئات، وبالرغم من إفراجها عن معظمهم بسرعة، إلّا أن بعضهم يُواجهون تهماً خطِرة. وفي الأسبوع الذي سبق الإنتخابات، حُكِمَ على 5 منهم بالسجن لمدّة تتراوح ما بين عامين وأربعة أعوام. ويوم الاقتراع، اعتقلت الشرطة العديد من الشخصيّات المعارضة، ومن بينهم ماريا اليوخينا من فرقة "بوسي ريوت"، وايليا ازار، الصحافيّة وعضو مجلس المدينة. ووصف محلّلون الإنتخابات المحلّية بأنّها اختبار قبل الإنتخابات البرلمانيّة العامة المقرّرة في 2021، لقدرة المعارضة على حشد الدعم، واستعداد السلطات لتحمّل الانشقاق.

وجاءت نتائج الإنتخابات في الوقت الذي دعت فيه مفوّضة حقوق الإنسان في الأمم المتّحدة ميشيل باشليه، إلى التحقيق في اتهامات بالاستخدام المفرط للقوّة من قبل الشرطة الروسيّة ردّاً على الاحتجاجات الشعبيّة. كما عبّرت عن قلقها إزاء العمليّة الواسعة للشرطة الروسيّة ضدّ المتظاهرين خلال حملة الإنتخابات. وأشارت إلى "استبعاد العديد من مرشّحي المعارضة"، لافتةً أيضاً إلى أكثر من 2500 شخص تمّ اعتقالهم خلال التظاهرات التي جرت في تموز وآب. وقالت باشليه: "في الوقت الحالي، حُكِمَ على 5 أشخاص بالسجن، فيما يُواجه آخرون اتهامات جنائيّة". وحضّت السلطات الروسيّة، على "التمسّك بحرّية التعبير وحق التجمّع السلمي وحق المشاركة في الشؤون العامة".


MISS 3