لا تنوّع غذائي ولا ما يكفي منه للأطفال

نداء قطاع التغذية في لبنان: فلنتحرك الآن

11 : 54

حذّر قطاع التغذية في لبنان اليوم من نتائج المسح الأخير حول الأطفال، الذي أظهر بوضوح خطورة زيادة تفشي سوء التغذية في البلاد، ما قد يؤدي الى عواقب سلبية على الأطفال ستلازمهم مدى الحياة. في النتائج، دلّ المسح الى أن أكثر من 94% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و23 شهراً لا يحصلون على وجبات غذائية كافية، و80% يتجاوزون وجبات أساسية في شكل متكرر، و70% يفتقرون الى أنظمة غذائية غنية ومتنوعة ضرورية لنموهم وتطورهم.

وفق تقديرات تقرير "التغذية في أوقات الأزمات"، يعاني 200,000 طفل، دون سنّ الخامسة في لبنان، من أحد أشكال سوء التغذية، أو من نقص المغذيات الدقيقة، بما في ذلك فقر الدم وضعف النمو (التقزم) والهُزال. ونظراً الى تزامن حدوث الأزمات في البلاد، التي أوقعت غالبية السكان في براثن العوز، فإن التقرير يُحذر من ارتفاع نسب سوء التغذية أكثر بعد ما لم يتم إتخاذ إجراءات عاجلة.

دعا قطاع التغذية في لبنان، بقيادة اليونيسف ومنظمة "العمل ضد الجوع"، أصحاب المصلحة من مختلف القطاعات الى التضافر من اجل إتخاذ إجراءات تساعد على توسيع نطاق الإستجابة الشاملة، مشدداً على الحاجة الى أولوية الوقاية من سوء التغذية، ولزوم توفير العلاج في حال فشل الوقاية. هدف تلك الدعوة حشد الجهود لتحسين النظم الغذائية، وتوفير ممارسات وخدمات التغذية الملائمة الى النساء كما الى جميع الأطفال دون سن الخامسة. وقد سلّط قطاع التغذية الضوء على أهمية تلبية الإحتياجات التغذوية طوال دورة الحياة مع إيلاء الإهتمام الشديد خلال الفترة الفاصلة بين بداية حمل المرأة وبلوغ الطفل سنته الثانية.

"مع مرور الأشهر، والآن الأعوام، على بروز أزمات لبنان المعقدة وتراكمها، أصبحت كثير من العائلات غير قادرة على تحمّل تكاليف التغذية التي يحتاج إليها أطفالها، ما جعلهم عرضة لسوء التغذية والأمراض المرتبطة بذلك، والى إعاقة قدرتهم على التعلّم والنمو. عواقب ما يحصل ستكون وخيمة جدًا ولا ينفع معها الندم، مع العلم أن تفاديها ممكن إذا تحرّك جميع أصحاب المصلحة لإتخاذ إجراءات الآن، من أجل ضمان حصول كل طفل وإمرأة في لبنان على التغذية التي يحتاجون إليها للنمو والبقاء على قيد الحياة"- إيتي هيغينز، ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة بالإنابة.

نتائج التقرير:

*يعاني 7% من الأطفال، دون سن الخامسة، من التقزّم- وهذا مؤشر على سوء التغذية المزمن- وتصل المعدلات بين اللاجئين السوريين الى 25%، و 10,5% في المخيمات الفلسطينية.

*يعاني 41% من الأطفال، دون سن الخامسة، و42% من النساء اللواتي هنّ في سن الإنجاب، من بعض درجات فقر الدم، وهذا مؤشر على سوء الحالة الصحية وسوء التغذية. ويحدث فقر الدم عادة بسبب النظم الغذائية التي تحتوي على مستويات منخفضة من الحديد ونقص المغذيات الدقيقة الأخرى. يُضاعف فقر الدم بين النساء الحوامل من مضاعفات الحمل ويزيد من مخاطر الولادة المبكرة.

*70% من الأطفال في لبنان لا يحصلون على الرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الأشهر الستة الأولى من حياتهم. تعتبر الرضاعة الطبيعية ممارسة غاية في الأهمية كونها توفر أفضل بداية لحياة الطفل. وهي تحمي الأطفال من سوء التغذية ومن العديد من أمراض الطفولة وتحدّ من مخاطر وفيات الأطفال حديثي الولادة.

*94% من الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و23 شهرا، لا يحصلون على وجبات غذائية كافية. وهم يفتقرون الى الحدّ الأدنى من التنوع الغذائي والوجبات اللازمة لنموهم وتطورهم. في هذا الإطار، أظهر التقرير خلو وجبات الطعام لدى 60% من الحالات مما يكفي من فيتامين أ، ومن البروتينات المطلوبة. كما دلّ الى أن 80% من الأطفال يفتقدون الى الحد الأدنى من الوجبات المطلوبة لنموهم، والى 70% من الوجبات الغذائية المتنوعة بشكل جيّد، المحددة ضمن مجموعات الغذاء الخمس. ومعلوم، أن الأطفال بحاجة، في عمر النمو، الى كمية أكبر وأكثر تنوعا من الطعام. ويرجح أن تكون الحالة السيئة خلال مرحلة الطفولة المبكرة سببا للمستويات التي حددها التقرير عن حالات ضعف النمو- التقزم- ونقص المغذيات الدقيقة، التي لها آثار مستديمة على نمو الدماغ يصعب التخلص منها إذا لم تعالج في الوقت المناسب. فسوء الحالة الغذائية يسبب ضعف المناعة وجميعنا يعلم حجم القلق الكبير حول ضعف المناعة وسط جائحة كوفيد-19 وهو ما من شأنه تهديد حياة الطفل.

لدى مقارنة نتائج مسح تقرير "التغذية في أوقات الأزمات" الأخير مع بيانات عامي 2013 و2014، يتبين ظهور إتجاهات سلبية جدا لدى أطفال اللاجئين السوريين، حيث تَبيّن معاناة الكثير منهم من التقزّم، كما معاناة عدد أكبر من الأمهات من فقر الدم. كما تبيّن أيضاً تدني عدد الأطفال الرضّع الذين يحصلون اليوم على الفوائد المنقذة للحياة من حليب الأم. واللافت هو فشل جميع صغار الأطفال في الحصول على تلك الفوائد وعلى النظم الغذائية التي يحتاجون إليها لنموّ سليم.

هناك حاجة ماسة الى اعتماد نهج متعدد الأنظمة، يشمل الغذاء والصحة والمياه والصرف الصحي والتعليم والحماية الإجتماعية، لمعالجة سوء التغذية المتفشي في لبنان، على أن يترافق ذلك مع تسهيل الوصول الى النظم التغذوية الصحيحة وتعزيز الممارسات الصحية في مختلف أنحاء البلاد.

"يساهم تحسين التغذية بحماية صحّة الأطفال وأمهاتهم من خلال الحدّ من الأمراض والوفيات. كما من شأن ذلك، تحسين التطور المعرفي والأداء المدرسي والنشاط البدني. لذا، لا يوجد أدنى شك بأن الإستثمار في التغذية لا يفي بحقّ الأطفال في الصحة وحسب بل هو إستثمار ذكي أيضا، وفعال جدا لجهة التكلفة في التنمية الإجتماعية والإقتصادية في لبنان"- أمير حسين ياربارفار منسّق قطاع التغذية.

"يتطلب توسيع نطاق التغذية شراكة قطاعات عديدة تتضافر من أجل دعم الحكومة ومعالجة الأسباب المباشرة والأساسية لسوء التغذية، وتعزيز قدرات الجهات الفاعلة في مجال التغذية في لبنان".

MISS 3