بدء العد العكسي للإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة

الديموقراطيّون يُعانون من "الضغط النفسي"

01 : 15

ترامب يتمتّع بدعم قوي من القاعدة الجمهوريّة المحافظة (أ ف ب)

بدأت الولايات المتّحدة الأميركيّة، التي يسودها توتّر سياسي كبير، بالأمس، العدّ العكسي قبل عام من الانتخابات الرئاسيّة التي ستُجرى في 2020، بينما يُعوّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أنصاره اليمينيين المحافظين لانتزاع ولاية ثانية وتجاوز التحقيقات لعزله، التي تُهيمن على الحملة.

وسلك الديموقراطيّون المشتّتون هذا الطريق الشاق، مجازفين بذلك بأن يطغى على النقاشات في انتخاباتهم التمهيديّة. وحتّى الآن، لم يظهر مرشّح واضح لهم من أصل عدد قياسي من الطامحين للوصول إلى البيت الأبيض. وسيُحاول ترامب تكرار استراتيجيّته الرابحة في 2016، أيّ الاعتماد على قاعدته الصلبة في بعض الولايات الأساسيّة، التي تسمح له بالحصول على غالبيّة من كبار الناخبين، والفوز في الاقتراع غير المباشر حتّى إذا هزم في مجموع الأصوات.

وانعكست فترة ترامب الرئاسيّة على بعض الديموقراطيين نفسيّاً وشخصيّاً. فبعضهم قطع علاقته بأسرته والبعض الآخر هجر شبكات التواصل الاجتماعي ويمتنع عن الخوض في الأحاديث السياسيّة، وآخرون فتحت جروحهم النفسيّة. وهكذا، فإن التظاهرات المتكرّرة في معاقل الديموقراطيين، مثل نيويورك، والغضب البادي على مواقع التواصل الاجتماعي، تسبّبت في الكثير من التوتر الشخصي والنفسي، الذي لا يتمّ التطرّق إليه إلّا قليلاً علناً، لكنّه يكشف مدى انقسام الولايات المتّحدة فكريّاً وأيديولوجيّاً قبل عام من الانتخابات الرئاسيّة.

وقالت روت، وهي مهندسة معماريّة ستينيّة من أريزونا، طلبت عدم كشف اسم عائلتها، إنّها من أولئك الديموقراطيين الذين يرفضون ترامب "من أعماقها". وعندما اكتشفت في 2016 أن اثنين من أصدقائها القدامى يدعمونه، شعرت بـ"الخزي". وتابعت: "فكّرت مليّاً في كيفيّة إدارة صداقتنا، لكن في النهاية قرّرت أنّه لا يُمكنني رفضهما بالكامل"، مضيفةً: "ما زلنا أصدقاء، لكن أقلّ قرباً. هذا محبط جدّاً وسيكون هناك أبداً حاجز بيننا".

كما روى كودي مايرز، وهو مهندس كمبيوتر شاب من كارولاينا الشماليّة، لمنتدى الكتروني، كيف تخاصم هو وصديقته مع والدها اثر نشره فيديو مناهضاً لترامب. وأوضح أنّه لم يعد يرغب اليوم في التحدّث في الأمر، حتّى لا يُعيد "فتح الجروح". أمّا دونا راميل، التي تعمل في جامعة كورنيل في شمال نيويورك، فأكّدت أنّها تلتزم الحذر وتُحاول معرفة الأفكار السياسيّة لمخاطبيها قبل أيّ محادثة، مضيفةً: "لم نعد نتحدّث في السياسة، الأمر بات ضاراً". وأردفت: "لم نعد نعرف من يُفكّر في ماذا، الأمر جنوني وهذا محبط".

وتابعت: "في السابق، كنّا نمزح في شأن السياسة، مثلاً أناس يعرفون أنّني ديموقراطيّة فيلصقون بظهري ملصقاً جمهوريّاً، وكنّا نضحك. لكن إذا فعل أحدهم ذلك اليوم، سأغضب كثيراً". بدورها، لفتت جاكلين ديلي، وهي متقاعدة كاثوليكيّة ملتزمة من نيويورك، إلى أنّها تخلّت عن الخوض في السياسة مع أصدقائها في الكنيسة، ومعظمهم من مؤيّدي ترامب، حتّى لا تخسرهم. وقالت: "حدث أن جرت بيننا مناقشات صاخبة حول الهجرة والأطفال المحتجزين في أقفاص على الحدود، وبعد دقائق قليلة نُدرك أن أيّاً منّا لن يُغيّر موقفه، فنتوقّف عن النقاش".

وكشف كثيرون أنّهم غادروا موقع "فيسبوك". وفي هذا الصدد، قالت بريجيد بيشلار، زميلة دونا راميل: "مشكلة الشبكات الاجتماعيّة أنّك ترى حقيقة من هم الناس، ولم أعد أرغب في رؤيتهم". ورأى داريل ويست، صاحب كتاب حول الانقسامات في أميركا صدر في آذار، أن "الأمر يتجاوز السياسة ويمسّ المجتمع بأسره، والناس يُعانون". وأضاف هذا الديموقراطي الذي يحتفظ بعلاقات جيّدة مع شقيقاته المؤيّدات لترامب، أنّه لدى اعداد الكتاب "صدمت بالعدد الكبير من الشهادات من مجهولين الذين يروون مدى تأثر أسرهم بهذه الانقسامات"، مشيراً إلى أن "الأمر لم يبدأ مع ترامب، لكنّه تفاقم معه".

واعتبر الاخصائي النفساني في مانهاتن مات ايبيل، أن "انتخابات 2016 أظهرت أن المناخ السياسي يُمكن أن يكون له أثر نفسي قوي"، لافتاً إلى أن "السياسة التي لطالما اعتُبرت من المحرّمات في التحليل النفسي، يُمكن أن يتمّ التطرّق إليها خلال العلاج". ورأى أيضاً أن المناخ السياسي الحالي سيّئ جدّاً على الصحة العقليّة.


MISS 3